1- هل النبي الكريم ﷺ تزوج السيدة عائشة أم المؤمنين وهي بعمر تسع سنوات؟ وهذا يتخذه الأعداء مطعن في ديننا.
2-هل النبي الكريم لم ترضعه أمه قط ومباشرة بعد ولادته أخذته حليمة أم أرضعته سنتين وبعدها أرسلته؟ وهل أم تصبر بدون أبنها ثلاث سنوات أو أكثر يقول تعالى: (وحرمنا عليه المراضع..) (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن...) القصص 12-13 (...وفصاله في عامين ..) أليس إرضاع الأم لابنها 24 شهر فرضاً من الله؟ ثم أين رابطة الإرضاع بين أشرف الخلق وأمه السيدة آمنة ولماذا حرمها الله ابنها سيد الخلق حسب الرواية.
1-لم يكن زواج الرسول الكريم ﷺ من جميع زوجاته الطاهرات إلا زواجاً إنسانياً، فتزوج من السيدة خديجة وهي قد تجاوزت الأربعين وهو في ريعان شبابه، ولم يتزوج سواها إلا بعد وفاتها رضي الله عنها وقد تخطى ﷺ الخمسين من عمره وهي في سن الخامسة والستين هذا يدل على أنه لا ميل له نحو الشهوات الرخيصة، إنما كان زواجه لغاية سامية يعمُّ خيرها القاصي والداني على السواء. فزواجه من السيدة عائشة رضي الله عنها كان توثيقاً لعرى الارتباط السياسي الإنساني بينه وبين الصّديق الذي كان بمثابة الوزير الأول له في الدولة الإسلامية والذي يترتب عليه مصير الأمة كلها.
فبهذا الزواج ازدادت عرى الارتباط بين الصديق ورسول الله ﷺ إذا أنه أودع ابنته فلذة كبده عند الرسول ﷺ وبهذه المصاهرة يتم كمال الاستمساك والعلاقات البناءة.
كما كانت لديها الأهلية والذكاء لتتشرّب الرسالة السماوية من رسول الله ﷺ وتبلَّغها لبنات جنسها من المؤمنات بفهم عالٍ عن رسول الله ﷺ فتشوّقهن للإسلام وتشغف قلوبهن بذكر الله وحبّه وحبّ رسوله الرحيم ﷺ.
يا أخي الفاضل: إن ابنة أختي تربت بالرياض وبمكة حتى بلغت العاشرة فغدت أنثى كاملة ذات أثداء ناضجة وتماثل بنت شام يبلغ عمرها ثماني عشرة سنة هذا بالبلاد الحارة يتم النضوج باكراً أما في أوربا وروسيا فتبلغ الفتاة 18 سنة ولا ينضج ثدياها والرسول الكريم تزوجها وهي في الثانية عشرة كأنثى بالغة النضوج فلمَ يلجؤون للبلبلة والتشويش دون علم!
أما عن مسألة عُمر السيدة عائشة: فكما هو معروف عند كافة الناس أن النضوج الجسدي يرتبط أوثق الارتباط بالبيئة المسكونة والمناخ، وفي شبه الجزيرة العربية نضوج أبناء تلك البيئة بسرعة ففي سنٍ مبكر تصبح الفتاة امرأة كاملة جسدياً مهيأة للزواج.
2- من عادة العرب القدامى أن يرسلوا أبناءهم إلى البادية في مرحلة الإرضاع والنطق، حتى يتطبع الغلام بالسجية العربية الصافية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وكما هو معروف أن الحزن الشديد يُذهب اللبن من ثدي الأم فالرسول الأعظم وُلد بعد وفاة والده بقليل وما زالت أمّه متأثرة على فراق زوجها ومعينها الوحيد.
هذا ولله ترتيبات غاية في السمو والكمال.
فالرسول الأعظم ﷺ بصدقه مع الله نال أعظم نوال منذ الأزل ورقى فوق كل الأنبياء والرسل الكرام وكانت له المرتبة الأسمى بينهم أجمعين لذا أراد الله أن لا يكون له تعلقات اجتماعية بغيره، فتوفى والده قبل ولادته وكذا أمه بعد ولادته بقليل، فتربى يتيماً لا أب له ولا أم، فكفله جدّه عبد المطلب، وما لبث قليلاً حتى لبى نداء ربه وبقي رسول الله ﷺ لا معين له سوى ربِّه، وكفله عمّه أبو طالب وكان كثير العيال فقيراً. يجوع ﷺ فيلتجئ إلى ربه فيزداد علواً ورفعةً قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} هذا كله ليبقى كما كان في الأزل في رقي متسامي وعلو متزايد مع ربه وإقبال متشاهق في حضرة قدسه. كثوب إنسان الأزل.
ووجده الله تعالى منقطعاً عن جميع الخلائق والناس فآواه إليه ليعلمَّه من آياته الكبرى ويربيه بأسمائه الحسنى ولينال الرسول العظيم كلَّ وفوق ما ناله النبيون العظام والرسل الكرام وما به تميزوا وفازوا، لهذا كان لابدَّ من هذه الترتيبات الإلۤهية الخيِّرة له ولجميع الخلق تباعاً. وهذه إرادة الله تعالى ألا يكون له تعلقات بأحد لكيلا تخفض من سمو مرتبته وعلو مقامه، فكان الفصل عن أمه وأبيه والناس أجمعين كما فصل الله سيدنا يعقوب عن ابنه يوسف عليهما السلام. حتى لا يتعلق الأعلى بمن هو دونه فتخفض مرتبته، والله لا يحب التراجع والنكوص، بل يحب التقدم والعلو المتزايد دائماً وأبداً. فلمّا تمّ نضج سيدنا يوسف عليه السلام وتفوّق على أبيه العظيم سيدنا يعقوب عليه السلام بعد حوالي أربعين سنة جمعهما تعالى ليزدادا علوّاً وسموّاً عليهما السلام.