استفسارات عن الحديث الشريف

استفسارات حول الحديث الشريف

هل من الحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)؟ وهل ينطبق على ما حدث بين علي ومعاوية؟

أولاً: ليس هذا شرطاً: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. وهذا ينقضه ما جاء في الآية الكريمة: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ..} [الحجرات: 9].
إذن: الذي يصلح أمر المسلمين يحتاج أحياناً لأن يقاتل الفئة الباغية، بل ومأمور بذلك من الله كما في الآية، فهل إن طبَّق أمر الله فهو في النار؟!... ودائماً هناك صراع بين الحق والباطل وإذا التقى طرفان بسيفيهما لابدَّ أن يكون أحد الطرفين على الحق والآخر على الباطل، فهل يصحُّ أنهما يستويان معاً في النار؟! الظالم والمظلوم؟!... {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35].

وإذا كان المسلمان من مسلمي هذا الزمان، أي مسلمين كذابين، مسلمين بالوراثة وقتلوا بعضهم من أجل قطعة أرض أو من أجل مبلغ من المال فحتماً هؤلاء في النار، وبما أنهما ليسا بمسلمين حقاً فهؤلاء ليس بمدار بحثنا، يصدق عليهما هذا الحديث. ليسا بمسلمين حقاً لأن المسلم الحق: من سلم الناس من يده ولسانه. وهذا قتل فليس بمسلم بل هو مسلم كذَّاب، ولسنا بصدد البحث عن مسلمين كذَّابين.

أما عن سؤالك عمّا حدث بين علي ومعاوية؟
فبالنسبة لمعركة صفين، هناك روايات تقول أن الطرفين اقتتلا واستشهد عدد كبير من المسلمين بمقدار 60 ألف.
وهناك روايات أخرى تقول أنهما لم يقتتلا إطلاقاً، وأنه لما التقى الجيشان رفعوا المصاحف واحتكموا للمصحف ولم يكن هناك أي إراقةٍ لقطرة دم واحدة، حيث عاد كلا الطرفين كلٌّ إلى مدينته، علي إلى الكوفة ومعاوية إلى الشام، ولم يحدث بعد ذلك أيُّ لقاء حربي أو اقتتال، وأنه حدث ضمن خطة سياسية سرِّية بين علي ومعاوية، يُتمَّانها برفع المصاحف ويُنهيانها بتحكيم صوري ليمتصُّوا اختلاف العامّة من المسلمين.

فالصحابة الكرام لا يمكن أن يتحمَّلوا جرم قتل مسلم واحد من أجل دنيا أو حكم، لأن من كان سبباً في قتل مؤمن فهو يخلد في نار جهنم، ولا يرضى بذلك أيٌّ من الصحابيين الجليلين علي أو معاوية، بل كانت تمثيلية لامتصاص غضب الخلاف بين العامة من المسلمين تنتهي بالسلام برفع المصاحف، وهذا ما قرأناه في رأي آخر.
ونحن في هذا الزمان لا ندري سرَّ ما حدث إنما هي بحوث الآخرين، فانظر واختر الصواب.

سمعت أن النبي ﷺ قال:
(من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً) وكثير من الناس يصلون ومع ذلك لا ينتهون عن الفحشاء والمنكر فهل نقول لهؤلاء: لا تصلوا ما دامت صلاتكم لا تنفع.

أما عن الفقرة الأخيرة من سؤالك، فإنك يا أخي قد حمَّلت الحديث ما لا يحمِّله رسول الله ، لأن الرسول ﷺ قال: (لم يزدد إلا بعداً)، من أجل أن يعلم أنه يبتعد فيصحح صلاته ويقترب، أي من أجل أن يقترب لا أن يبتعد كما ظننت يا أخي الكريم، فأعلَمَه بأنه يبتعد لكي يعلم فيتجنَّب البعد ويحسِّن صلاته ويعود إلى القرب بعد البعد وإلى الوفاء بعد الجفاء وإلى العلم الحقيقي بالصلاة، وذلك بأن يصلي الصلاة الصحيحة التي تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر.

فيا أخي: للأشياء صورة وحقيقة، أما صورة الصلاة فهي تلك التي يستطيع أن يصليها كل إنسان على السواء عاصياً كان أم طائعاً، فاسقاً أو مؤمناً لا فرق بين صورة الصلاة عند أيٍّ منهم وتلك الصلاة هي التي تبدأ بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالتسليم ويتخلّلها القراءات والتسبيحات في الركوع والسجود وما إلى ذلك، فلابدَّ من صورة الصلاة وحقيقتها معاً ولا نستطيع أن نقول لمن لا يصلي الصلاة الصحيحة في حقيقتها أن يترك صورة الصلاة، لأنه إذا ترك الصلاة بصورتها أغلق الباب أمامه لبلوغ الحقيقة وانسدت السبل في وجهه لأن يصلي الصلاة الصحيحة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر.

ولعلك تسأل: ما هي حقيقة الصلاة التي تتحدَّث عنها؟
فنقول: لابدَّ لأداء الصلاة الصحيحة بحقيقتها أن يسبق ذلك إيمان ينبعث من ذات الإنسان وذلك لأن الحديث الشريف يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إلۤه إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة...). إذن: الصلاة مسبوقة بالشهادتين والإيمان وهذا الإيمان شرط لازم لتكون الصلاة صحيحة، فنتحدث بشكل موجز عن الإيمان فنقول: إذا صدق الإنسان بتيقُّنه بالموت وعزم على الإيمان وذلك بالتفكير بآلاء الله فإنه يتوصَّل من خلال الآيات الكونية لرؤية طرفٍ من أسماء الله الحسنى فإذا فكر بالسماء مثلاً فإنه يرى وسعة الإلۤه، وإن فكَّر بالجبال فإنه يرى عظمة ربها الذي ألقى عليها رداء العظمة، فيراه من خالقها وممدّها ولا يراه منها، وهلم جرَّه...

فبتفكيره هذا ينعقد له صلة بالله، ولكن هذه الصلة سرعان ما تنحلّ إثر انشغاله بالمجتمع والناس إلا أن هناك من هو أعظم وأسمى من الإيمان عن طريق المخلوقات والكون، إنه الإنسان الذي حمل الأمانة ووفى بحملها ولم ينقطع عن ربه طرفة عين، بل في عروج متسامٍ وإقبال على ربه متشاهق ليس له حدود.

وهكذا فالإيمان بمعية رسول الله ﷺ، هذا الإيمان العظيم تنعقد للإنسان به صلاة وهذه الصلاة دائمية لا يعتريها انقطاع لأن الصلاة في حقيقتها هي ارتباط النفس بنور خالقها عن طريق السراج المنير ﷺ، الذي نال من ربه أعظم نوال وبمعيته عليه السلام تتوثَّق الصلة بين العبد وربه، وبهذه الصلاة الصحيحة يسري في النفس نعيم مقيم ينتقل به الإنسان من حال إلى حال أسمى وأرقى، فكما أن الماء تسري بالأغصان فتنبعث فيها الحياة والنضارة والخضار وتخرج منها الأزهار والأثمار وشتى الألوان والطعوم الطيبة المذاق، وكما أن الكهرباء تسري في الأسلاك فتحدث الحركة والدوران والإنارة والضياء، كذلك النعيم والسرور يتدفّق في ثنايا نفس المصلي الصلاة الحقيقية ويسري فيها النور الإلۤهي، وبهذا النور الإلۤهي تذهب من النفس الصفات الذميمة وتتساقط العلل المعنوية والأمراض النفسية وتتبدَّل بصفات حميدة كريمة فبعد أن كان المرء جباناً أضحى بصلاته الصحيحة شجاعاً مقداماً وبعد أن كان شحيحاً بخيلاً غدا جواداً كريماً محسناً، وبعد أن كان قاسي القلب لئيماً صار بصلاته بمعيته ﷺ وبالنور الإلۤهي المتوارد على قلبه عن طريق رسول الله ﷺ، رحيماً شفوقاً حليماً، وهكذا تتغير الصفات وتنقلب خصال المرء إلى أرقى وأسمى ذرى الإنسانية وتنصبغ من الله بصبغة الكمال وتزدان بحلل الجمال والجلال الإلۤهي.
وهذه هي آثار الصلاة الحقيقية وبها يضحى المرء في غنى نفسي بما يتوارد على قلبه من سعادة لا يماثلها سعادة ونعيم لا يضاهيه نعيم، وبذا ترى المصلي الذي يصلي على هذا الوجه لا يهتم ولا يكترث إن جاءته الدنيا أو ذهبت عنه ولا يعبأ إن أقبلت نحوه أو أدبرت، لأنه نال من جناب ربه ما هو أسمى وأرقى من الدنيا بأسرها ولو أعطيت له بحذافيرها، فما ناله بصلاته من غنى قلبي ونعيم مقيم نهاه عن الفحشاء والمنكر وذلك عن رضى وقناعة وطيب خاطر منه.

وهذا معنى كلمة: (تنهى)، أي ليس قسراً ولا إكراهاً إنما عن كامل الرضى والمحبة.
فرسول الله ﷺ يحضّنا على أن تكون صلاتنا على هذا الوجه وبتلك الصورة الصحيحة وذلك في الحديث الشريف: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً).

والأشخاص الذين تفضّلت أنهم لا ينتهون عن الفحشاء والمنكر ويصلُّون، هؤلاء ليست صلاته الصورية هي التي توقعهم في المعاصي والفحشاء والمنكر، إنما هي أخطاءهم تخجل نفوسهم في الصلاة من الله ولا تكسبهم الثقة بنفوسهم عند ذلك تخلو صلاتهم من الصلات القلبية، وبالتالي لا يسري في نفوسهم النعيم الإلۤهي بسبب خجلهم من أعمالهم الخبيثة، ولو أنهم غيَّروا أعمالهم لتغيَّرت صلاتهم، أما إن أصبحت أعمالهم صالحة وتركوا المنكر لشعرت نفوسهم بالصلاة ولاتّجهت إلى ربها راضية بعملها وتعلم أنها أرضت ربها وهو راضٍ عنها، فتنال في قلبها من النعيم الإلۤهي ما يغنيها عن الشهوات الدنية فتكفُّ عما فيها من محرمات ومنكرات، فتزداد صلة وصلاة ويزداد بها النعيم، حتى أنها لا ترضى بكل الشهوات إذا كانت ستقطعها عن هذا النعيم بالله، فهذه الصلاة المبنية على أسس هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر لما فيها من لذّة ومن خيرات ومن الحياة والذوق والأحوال والإشراقات، ثم تصل بهم إلى الجنات في دنياهم قبل آخرتهم، ثم ينالها تلك الجنات في الآخرة أيضاً.

إذن: ليست الصلاة هي التي لم تنهه، إنما أعماله الخبيثة المصر عليها جعلته من غير المصلين الحقيقيين {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 4-7]: أي المعونة.

هل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل)؟

معنى ذلك أنه سيظهر عظماء كعظمة أنبياء بني إسرائيل، وذلك مشابه لحديث: (أصحابي حكماء علماء فقهاء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء) وحديث: (أصحابي كالنجوم، بأيّهم اقتديتم اهتديتم).
ففضل الله واسع عظيم، فلمْ يميِّز أمة عن أمة، ولا زمناً عن زمن، ولله الحجة البالغة.

 

لقد وصلني عبر بريدي الالكتروني وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة، أود من فضيلتكم إعلامنا عن مدى صحة هذه الوصايا، وجزاكم المولى عنا ألف خير.
(من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام لابنته السيدة فاطمة الزهراء:
يا فاطمة: ما من امرأة طحنت بيديها إلا كتب الله لها بكل حبة حسنة، ومحا عنها بكل حبة سيئة.
يا فاطمة: ما من امرأة عرقت عند خبزها، إلا جعل الله بينها وبين جهنم سبعة خنادق من الرحمة.
يا فاطمة: ما من امرأة غسلت قدرها إلا وغسلها الله من الذنوب والخطايا.
يا فاطمة: ما من امرأة نسجت ثوباً إلا كتب الله لها بكل خيط واحد مائة حسنة، ومحا عنها مائة سيئة.
يا فاطمة: ما من امرأة غزلت لتشتري لأولادها أو عيالها إلا كتب الله لها ثواب من أطعم ألف جائع وأكسى ألف عريان.
يا فاطمة: ما من امرأة دهنت رؤوس أولادها، وسرحت شعورهم، وغسلت ثيابهم وقتلت قملهم إلا كتب الله لها بكل شعرة حسنة، ومحا عنها بكل شعرة سيئة، وزينها في أعين الناس أجمعين.
يا فاطمة: ما من امرأة منعت حاجة جارتها إلا منعها الله الشرب من حوضي يوم القيامة.
يا فاطمة: خمس من الماعون لا يحل منعهن: الماء، والنار، والخمير، والإبرة. ولكل واحد منهن آفة: فمن منع الماء بلي بعلة الاستسقاء، ومن منع الخمير بلي بالغاشية، ومن منع الرحى بلي بصدع الرأس، ومن منع الإبرة بلي بالمغص.
يا فاطمة: أفضل من ذلك كله رضا الله ورضا الزوج عن زوجته.
يا فاطمة: والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو متِّ وزوجك غير راضٍ عنكِ ما صليت عليكِ.
يا فاطمة: أما علمت أن رضا الزوج من رضا الله، وسخط الزوج من سخط الله؟
يا فاطمة: طوبى لامرأة رضي عنها زوجها، ولو ساعة من النهار. يا فاطمة: ما من امرأة رضي عنها زوجها يوماً وليلة، إلا كان لها عند الله أفضل من عبادة سنة واحدة صيامها وقيامها.
يا فاطمة: ما من امرأة رضي عنها زوجها ساعة من النهار، إلا كتب الله لها بكل شعرة في جسمها حسنة، ومحا عنها بكل شعرة سيئة.
يا فاطمة: إن أفضل عبادة المرأة في شدة الظلمة أن تلتزم بيتها.
يا فاطمة: امرأة بلا زوج كدار بلا باب، امرأة بلا زوج كشجرة بلا ثمرة.
يا فاطمة: جلسة بين يدي الزوج أفضل من عبادة سنة، وأفضل من طواف، إذا حملت المرأة تستغفر لها الملائكة في السماء والحيتان في البحر، وكتب الله لها في كل يوم ألف حسنة، ومحا عنها ألف سيئة، فإذا أخذها الطلق كتب الله لها ثواب المجاهدين، وثواب الشهداء والصالحين، وغسلت من ذنوبها كيوم ولدتها أمها، وكتب الله لها ثواب سبعين حجة، فإن أرضعت ولدها كتب لها بكل قطرة من لبنها حسنة، وكفر عنها سيئة، واستغفرت لها الحور العين في جنات النعيم.
يا فاطمة: ما من امرأة عبست في وجه زوجها إلا غضب الله عليها وزبانية العذاب.
يا فاطمة: ما من امرأة قالت لزوجها أُفٍّ لك، إلا لعنها الله من فوق العرش والملائكة والناس أجمعين.
يا فاطمة: ما من امرأة خففت عن زوجها من كآبته درهماً واحداً إلا كتب الله لها بكل درهم واحد قصراً في الجنة.
يا فاطمة: ما من امرأة صلَّت فرضها ودعت لنفسها ولم تدع لزوجها إلا رد الله عليها صلاتها، حتى تدعو لزوجها.
يا فاطمة: ما من امرأة غضب عليها زوجها ولم تسترض منه حتى يرضى إلا كانت في سخط الله وغضبه حتى يرضى عنها زوجها.
يا فاطمة: ما من امرأة لبست ثيابها وخرجت من بيتها بغير إذن زوجها إلا لعنها كل رطب ويابس حتى ترجع إلى بيتها.
يا فاطمة: ما من امرأة نظرت إلى زوجها ولم تضحك له إلا غضب الله عليها في كل شيء.
يا فاطمة: ما من امرأة كشفت وجهها بغير إذن زوجها إلا أكبها الله على وجهها في النار.
يا فاطمة: ما من امرأة أدخلت إلى بيتها ما يكره زوجها إلا أدخل الله في قبرها سبعين حية وسبعين عقربة، يلدغونها إلى يوم القيامة.
يا فاطمة: ما من امرأة صامت صيام التطوع ولم تستشر زوجها إلا رد الله صيامها.
يا فاطمة: ما من امرأة تصدَّقت من مال زوجها، إلا كتب الله عليها ذنوب سبعين سارقاً.
فقالت له فاطمة الزهراء: يا أبتاه متى تدرك النساء فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى؟
فقال لها: ألا أدلّك على شيء تدركين به المجاهدين، وأنت في بيتك؟ فقالت: نعم يا أبتاه. فقال: تصلين في كل يوم ركعتين تقرئين في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، فمن فعل ذلك كتب الله له ولها ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى).

هذا الحديث جميل ورائع للزمان الذي تحدَّث به الرسول صلى الله عليه وسلم، أما في زماننا هذا قد استحدثت وسائل وأدوات فيصعب تحقيق هذا الحديث بحرفيته لعدم استخدام الأدوات القديمة.
ولكن هناك أحاديث شريفة لهذا الزمان، ولكل زمان أحاديث مناسبة له: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا..} [البقرة: 106].
فإذا عاد الزمان لهذه الوسائل كان الكلام مناسباً وقتها، والآن دراسة معاني كلام الله وتعلّمه وتعليمه يناسب كما كان الحديث الشريف سابقاً مناسباً بوقته.

هل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدَّبني ربي فأحسن تأديبي)؟

إن كلمة أدَّبني تعني في السابق (علَّمني) إذ يستعملون بدل كلمة معلم كلمة مؤدِّب، فتصح على هذا الوجه ويكون الحديث بمعنى: (علَّمني ربي فأحسن تعليمي) إن صحَّ هذا الكلام، فإن كانت بهذا المعنى أي كانت بمعنى علَّمني فالقرآن يؤيِّده بآية: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] والحديث: (إنما بعثت معلِّماً).

أما إن كانت بالمعنى الثاني، بمعنى التوبيخ والتأنيب أو الملامة والعقوبة، فلا يليق هذا ولا يصحُّ هذا الكلام بحق أكمل خلق الله لأنه لم ينقطع عن الله طرفة عين حتى يقع في النقص ويحتاج إلى تأديب.
بل هو في الكمال سادر وأهل الحمد والثناء فوق العالمين، بل يكون الحديث من الدسوس ولا أصل له.

أفيدوني جزاكم الله خيراً
كيف لكم أن تثبتوا أن هناك دسّاً في كتب الحديث مع أن ابن حجر والسيوطي وغيره من العلماء أوَّلوها وتحدَّثوا عنها ولم يقل واحد منهم أنها مدسوسة أفيدوني جزاكم الله خيراً.

يرجى الرجوع لكتاب: (حقيقة سيدنا محمد ﷺ تظهر في القرن العشرين).

ورد في الجامع الصغير. الإصدار 3.22 لجلال الدين السيوطي الحديث: 5558- "عليكم بألبان البقر، فإنها شفاء، وسمنها دواء، ولحمها داء" التخريج (مفصلا): ابن السني وأبو نعيم عن صهيب.
الرجاء إفادتنا هذا الحديث صحيح أم لا؟؟
وإن كان لماذا شرعه الله في القرآن ولم ينهانا عنه مثل الخنزير؟؟ وجزاكم الله الخير

أولاً: سيدنا إبراهيم عليه السلام لا يقدم لضيوفه سماً وداءً:
{..فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} سورة هود: الآية (69). أي سمين.
فهل أبو الأنبياء يطعم ضيوفه الكرام سماً إن كان لحمها داء!

ثانياً: قد سماها تعالى الأنعام والأنعام تشمل الإبل والبقر والغنم والماعز كلها نِعمٌ من الله هل تكون سماً.
عندها إن قارنت كلام الله الذي هو القرآن، وهذا الحديث تعرف هل هذا الحديث صحيح أم لا.

الرجاء تفسير حديث رسول الله ﷺ صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك. هذا بحق المؤمن فقط أم المؤمن والكافر وبارك الله فيكم.

إن وجدَ الإيمان ينطبق هذا الحديث، والمؤمن يعامل المسلم والكافر بالإحسان ولكن لكلٍ أسلوب وبالحكمة.
والرسول رحمة للعالمين وصحابته حذوا حذوه، فهم كذلك رحمة للعالمين لذلك فتحوا العالمين ولا يصدر عنهم إلا الرحمة للإنسانية جمعاء فينطبق الحديث عليهم.

هل يوجد حديث ما معناه "الكتف في الكتف والقدم بالقدم" أثناء الصلاة.

نعم يوجد حديث بهذا المعنى والله أعلم.

حديث (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) أرجو شرحه، ومن هو الشخص الذي نستطيع أن نقول عنه أنه كافل يتيم وينطبق عليه هذا الحديث.

اليتيم: كما هو معروف من فقد الوالد أو الوالدة أو الوالدين، واليتيم أيضاً كل من لا ناصر له ولا معين.
وأكبِر بذلك فقد كان ﷺ يتيماً ونشأ ولا ناصر له إلا الله. كما كان علامتنا الحبيب قدّس سرّه يتيماً ونشأ ولا ناصر له إلا الله.
نعود عموماً إلى اليتامى والمساكين: فالله خلقنا ورزقنا لعمل المعروف والإحسان، ومن أحق باليتامى بالإحسان والمعونة، وهذا طريق رضاء الله والفوز بالجنات، وصحيح قول رسول الله ﷺ: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) وفي الحديث الشريف: (إن أكرم البيوت إلى الله بيت فيه يتيم يُكرم). وعندما بلغ الصحب الكرام المراتب العليا في الإيمان وصار بقلوبهم الرحمة والحنان، وسألوا رسول الله ﷺ عن اليتامى جاءت الآية الكريمة التي تحض على إكرام اليتيم ومعونته:
{..وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ..} سورة البقرة: الآية (220): أي تعاملهم معاملة فيها الصلاح والإصلاح والهداية والتربية الحسنة، وما دامت نيتك عالية فلك بعملك خير عظيم ولك أن تتبع الأساليب التي تراها مناسبة لتأديب اليتيم وتربيته وتعليمه وهدايته لما فيه تقويم اعوجاجه، والجهاد في ذلك الجهاد الأكبر وإصلاح نفوس اليتامى وتشذيب طباعهم وتهذيب أخلاقهم وتحسين عاداتهم وإرشادهم لطريق الهداية التي سلكْتها ليصلحوا أن يكونوا للجنة أهلاً.
{..وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ..}: عاملهم كالإخوان.
{..وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ..}: الله تعالى مطّلع على عملك ونيتك.
{..وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ..}: أي لأجبركم في إكرام اليتامى ولضيّق عليكم، ولكن ترك الأمر لنيتك واختيارك ولكي يكسب الإنسان باختياره وعمله الطوعي دون إجبار. إذن: الله يدعونا للتراحم بيننا والتعاطف والتآخي، ومن أحق من اليتيم بالشفقة والرحمة.

ولكن ما نراه اليوم أن مجتمعنا الإسلامي بناءً على رأي بعض المفسرين الضالين المضلين أعداء الدين، حرموا اليتامى من إرثهم الشرعي الذي كان لوالدهم، ولو كان على قيد الحياة لأخذوا إرثهم الكامل ولكن عندما مات الأب وصاروا مكسوري الجناح وبأمس الحاجة للمعونة والمساعدة، فبدل أن يعوّضوهم حنان الأب سلبوهم حقوقهم وحرموهم ميراث أبيهم وأموالهم الشرعية فأكلوا الميراث الشرعي الذي فرضه الله لهم والذي كان سيأخذه أبوهم لو كان موجوداً وينتقل إليهم من جدهم.

فأنت أطع الله وأعطهم حقهم الكامل في الميراث الذي حرمهم إياه السفهاء والذين لا رحمة في قلوبهم ولا شفقة، هؤلاء اليتامى أضحوا مقطوعين وليس لديهم معين وكأنهم أفراخ زغب الحواصل لا ماء ولا كلأ غاب عنهم معيلهم وليس لديهم مال وفوق ذلك حرموهم ميراثهم الشرعي باجتهادهم القاسي الظالم، فإذا أنت أعدت إليهم حقهم من ميراثهم من جدهم فأنت لم تفعل شيئاً لأنك أعطيت ذوي الحقوق حقوقهم ولكن بما أن الناس لم يفعلوا هذا، فعملك يعدُّ بحقٍّ إصلاح عظيم ولن يَتِرَك الله عملك هذا وهذا إصلاح لهم، مع أن الله يؤكد على حقهم في سورة النساء تأكيداً يفوق بحث الوراثة كله ولكنَّ الناس أهملوا كلام الله وهضموا حق اليتامى، وأكل الأعمام أو الأخوال أموال اليتامى وميراثهم من جدهم بالباطل والله حذرهم في القرآن من ذلك بآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} سورة النساء: الآية (10).

قال تعالى موصياً باليتامى: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ..} سورة النساء: الآية (2). وبهذا الزمان قد حرموهم أموالهم وسلبوها جهلاً، وهذه وصية الله ألقوها وراء ظهورهم ولم ينظروا إلى جانب ربهم، بل سلبوا اليتامى المساكين حقهم الذي قسمه الله لهم، فأنت أصلح ما أفسده الداسون أعداء الدين وقَبِلَ به العوام، ورُدَّ الحق لأهله من اليتامى المساكين ولو أفتاك المفتون {..إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً}: والحوب: هو الجهل فهذا العمل وأكل أموال اليتامى منتهى الجهل وأكبر السفاهة وللأسى قَبِلَهُ الأميون الذين أمّوا إلى هؤلاء المفسدين ورضوا لهم قولاً الذين لا يفقهون القرآن إلا أماني والله يقول: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}: أي قولوا لهم أن حقكم الشرعي الذي هو حق والدكم المتوفى قسمناه عليكم: للذكر مثل حظ الأنثيين وهو محفوظ لكم حتى تبلغوا سن الرشد وخلال هذه المدة نحفظه لكم أو نستثمره لما فيه صالحكم وما يجر لكم المنفعة وبعد ذلك تصبح بيديكم حلالاً لكم.
وهنا في قسمة الميراث، من يحضر القسمة يا ترى؟!
لا يحضرها إلا من يكون من أهل البيت وله نصيب وحصة في الميراث، فالغريب لا يحضر قسمة الورثة أبداً.
والآية التي بعدها تثبت هذا المعنى أيضاً:
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} سورة النساء: الآية (8-9): أي إن كنت تخاف على أولادك عامل اليتامى الذين وليت أمرهم بالإحسان وبالخير وأعطهم حقوقهم بالتمام وإن لم تفعل ذلك ألا تخاف أن يحصل لأولادك الظلم والجور ويعود عملك عليك وعلى أولادك من بعدك، فليراعوا الآن حق اليتامى ولا يظلموهم وليعطوهم أموالهم وحقهم الشرعي لئلا يعود عملهم الظالم عليهم بأولادهم. فأعمالكم عمالكم تكال عليكم ثم ترد إليكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر {..فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً}: أي قول الله من إعطاء كل ذي حق من الورثة حقه فهذا حق أبيهم، فلماذا سلب الأعمام أو الأخوال هؤلاء المساكين أموالهم؟!

كما أن قضية تعدد الزوجات تجوز في حالة كفالة اليتامى، فلا يحق للمرء أن يتزوج للتذوق، فالمتذوق زواجه بأكثر من واحدة بلا سبب قلة أدب، لأنها هي أيضاً تشتهي وتحب أن تتذوق فلماذا حُلِّلَ ذلك للرجل وحُرِّمَ على المرأة؟!

إذن: فليست المسألة مسألة تذوق وشهوة، وسمح تعالى بتعدد الزوجات للرجل من أجل اليتامى وتربيتهم ولغايات إنسانية لقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء..}: ولا تطيب الحياة إلا أن يكون الرجل أهلاً لكفالتهم يؤدي لهم حقوقهم بالتمام وحقوق أمهم التي تربيهم، من حيث ألا يجوّعهم بأن يكون ذا سعة من المال ويكفلهم الكفالة التامة ولا ينقص عليهم شيئاً. ولليتامى أباح تعالى تعدد الزوجات ولعمل المعروف والإحسان، كما بالآية السابقة.

ولكم في رسول الله ﷺ أسوة حسنة، حينما خطب رسول الله ﷺ أمنا أم سلمة عليها السلام اعتذرت بكثرة أولادها، فأجابها رسول الله ﷺ أنه لهذا الاعتبار ومن أجل كفالة اليتامى خطبها وتزوج بها.
فلكافل اليتيم شأن عظيم عند الله وهو حقاً في الجنة {..مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً} سورة النساء: الآية (69).

إذن: فكافل اليتيم هو الذي يكفله دنيا وآخرة، يحفظ له أمواله حتى يكبر ويستثمرها له بما يعود عليه بالأرباح وكذلك يصحبه في المجالس ويأخذه إلى دروس العلم وينشئه التنشئة القويمة ويجعله أهلاً للجنة. وهذا الكافل له الشفاعة مع رسول الله ﷺ وله أن يدخل الجنة بمعيته ﷺ كهاتين.

أرغب بمعرفة معنى الحديث التالي: (تهادوا تحابّوا)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي ومرشدي الفاضل أرغب بمعرفة معنى الحديث التالي: (تهادوا تحابّوا) وجزيتم عنا كل خير.

(تهادوا تحابوا): هذا الحديث نطق به ﷺ لأصحابه الأتقياء الأنقياء الذين كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء، وكلهم مؤمنون متقون ولربهم مشاهدون، فأعمالهم كلها خالصة لرضاء الله، ويثبت هذا الحديث الحديث القدسي: (وجبت محبتي للمتباذلين فيَّ، والمتحابين فيَّ، والمتزاورين فيَّ) فهذا الحديث كان بالنسبة للصحب الكرام منطبقاً عليهم وصحيحاً.

إذن: هذا الحديث يصح بعد الإيمان حيث أن الإنسان لا يعمل عملاً ما إلا ويكون له فيه غاية (والأعمال بالنيات):
والصحب المؤمنون وصفهم تعالى بأنهم لا يهادون ولا يطعمون طعاماً إلا على حبه، أي على حب عمل الخير، أي نابع من نفسهم لنفع الخلق ونشر الحق لأن المؤمن كله خير ويتمنى الخير لكل الخلق فالغاية بالنسبة إليهم إنسانية ولا يبتغون مردوداً إلا من الله.

ولم يقل ﷺ هذا الحديث لكافر لأن الكافر لا يهادي إلا لغايات نفسانية، ربّما سامّة وبغية أعراض الناس وسلبهم ولمطامع دنيوية فيهادي ليغرر الناس به ويخدعهم بأنه من أهل الإحسان والخير وذلك بغية سحبهم لطرفه باسم المساعدة الإنسانية والهدايا ومن ثم يسلبهم دينهم أو أعراضهم فيوردهم موارد الهلاك فينغرّوا به عندها يجرهم إلى الضلال بدل الهدى وإلى الخسارة بدل الربح وخسارة الدنيا والآخرة. فالحديث لا ينطبق على الكافرين إذ لا حبّ بينهم، كلٌّ يهمه حاله وقاله. بل ينطبق تمام الانطباق على المؤمنين. حيث قاله ﷺ لأصحابه المؤمنين، ودائماً الإنفاق يأتي بعد الإيمان الحقيقي فإن لم يؤمن المرء فلابدّ أن له غاية دنيوية فما كان ليربو عند الناس فلا يربو عند الله.

هذا الحديث إذن للمؤمنين الذين لا يبتغون عرض الحياة الدنيا وإنما قصدهم من وراء الهدية الهداية ولسان حالهم حينما يهدون الغالي على نفوسهم يقول: (لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنما نطعمكم لوجه الله): لنواجه به حضرة الله بهذا العمل الإنساني من إسعاف مريض أو الأخذ بيد مسكين أو إقالة عثرة محتاج معوز، ولا يريدون من وراء هذه الهدية ربحاً دنيوياً أبداً بل عمله هذا إنساني ليستأنسوا بالله والذين هادوهم أيضاً يوصلونهم إلى الأنس بالله وليرفلوا بالسعادة والمسرات والهناء ويغدوا من أهل الجنات.
فهذا الحديث حديث صحيح في مجال معين وليس إطلاقياً اعتباطياً.

ما مدى صحة كل من الروايتين المشهورتين، قصة دثروني وزمّلوني اللتين حدثتا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}

يا أخي العزيز عندما طرحت سؤالك هذا راودتنا استفسارات عديدة وتفتقت في ذهننا عدّة أسئلة. من تلك الأسئلة:
1- ما الذي يطلبه المَلَك من سيدنا محمد أن يقرأه عندما قال له (اقرأ) فأجابه: (ما أنا بقارئ)، فهل أعطاه صحيفة مكتوبة أم كتاباً مخطوطاً. وطلب منه قراءته؟ ولم يكن هناك كتابٌ إلا بعد نزول الوحي، فكان كتبة الوحي عند رسول الله اثنا عشر كاتباً، ولم يكن الوحي مكتوباً قبلها. فالمَلَك لم يكن معه شيء من ذلك.

2- والقرآن الكريم الذي ما فرَّط الله فيه من شيء لم نرَ فيه كلمة (ما أنا بقارئ) فمن أين جاءت الرواية بهذا القول وما سنده من القرآن؟! جاءت الآية {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ولا ورود لكلمة (ما أنا بقارئ).

3- إن الذين يقعدون بين السماء والأرض هم الشياطين وليس ملك الوحي {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ..} فلِمَ تقول الرواية أن الملك هو الذي يقعد بين السماء والأرض.

4- لِمَ الخوف من الملك؟ والملائكة أجمل وألطف مخلوقات الله، فهم مخلوقات نورانية وليسوا مخلوقات مخيفة ومرعبة، فهل هم أعداء حتى يخشى منهم رسول الله وهو أشجع الخلق؟! فلِمَ الخوف ولا وازع له؟

5- سيدنا آدم سجدت له الملائكة تعظيماً وتقديراً ومن بينهم جبريل عليه السلام وسيدنا محمد إمام المرسلين جميعاً فآدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم فلِمَ يخشى من هذا الملك ويرتجف منه رعباً؟. فهل الرئيس يخاف من جندي عنده؟!. والمَلَك حقاً جنديٌّ عند رسول الله فعَلامَ يخاف منه؟!

6- {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ..} سورة الأحزاب: الآية 56. فهم في صلة دائمية مع رسول الله وهم عن طريقه يدخلون على الله ومن جملتهم جبريل، عليه السلام، فلِمَ خافَ منه رسولُ الله وهو النبي الأمّي الذي تؤم له جميع الخلائق.

7- السيدة مريم عليها السلام لم تخف من الملك جبريل عندما جاءها يبشرها بسيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام بل واجهته وقالت له: {..إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً}: أي ما كان لك أن تدخلَ على امرأة وإن كنت تسطعُ نوراً ونقى، فأجابها معرفاً بنفسه: {..إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ..} سورة مريم: الآية 18-19. هذه امرأة ولم تخف من الملك جبريل فعَلامَ يخاف سيد المرسلين ويخشى ويرتجف رعباً.

8- لِمَ يلتجأ لامرأة "السيدة خديجة" وهو أشجع الخلق، ويقول دثروني دثروني والله يقول الرجال قوامون على النساء وليس العكس ولاسيّما سيد الخلق قائدُ العالم.
ويقول دثروني فماذا يصنع الدثار والغطاء والملك معنوي وليس مادي فلا يرده الدثار أو غيره.

9- {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا..} سورة فصلت: الآية 30. هؤلاء المؤمنون لا يخافون من الملائكة، والملائكة تتنزل عليهم بعطاءات ربهم يثبتوا أقدامهم ويطمئنوهم ألا يحزنوا على الدنيا إذ نالوا أعظم منها ولا يخافون على ما فاتهم منها إذ مصيرهم في الآخرة أعظم وأسمى.
فلم يخاف رسول الله من الملائكة ولا سلطان لأحد ولا للشيطان عليه حتى يخافه، "إنما سلطانه.. ": أي الشيطان "على الذين يتولّونه والذين هم به مشركون".

فهل يليق بسيد العالمين هذا القول من أنه يخشى، وينعتونه بالشرك حتى يخشى ويخاف وحاشاه، لا شكّ أنها شيطانيات، خرقوها بلا حجّة ولا برهان ولا كتاب منير.

فإذا كان سيدنا عمر ولي وليس نبي لا يخاف ولا يخشى من الشيطان، فإذا جاء عمر من المشرق فرّ الشيطان من المغرب، وما سلك عمر فجّاً إلا وسلك الشيطان فجّاً غيره.

فكيف وصموا رسول الله سيد المرسلين بأنّه خاف وينعتونه بالجبن وبالشرك حتى يخشى ويخاف؟! وحاشاه.

سمعت حديثاً عن الرسول من أحد الإخوة لا أتذكر المنطوق جيداً ولكن ذكر أن الرسول قال فيما معناه أن العبد إذا قال سبحان الله عشراً والحمد لله عشراً والله أكبر عشراً في الدعاء فإن الله يقول فعلت فعلت. فهل هذا الحديث صحيح وما هو نص الحديث فضلاً؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
لم نجد إسناد الحديث ولا روايته.

سيدي الفاضل لقد قرأنا بعض الأجوبة على موقعكم الكريم وخصوصاً التي تسأل عن السيد المسيح عليه السلام، وبناءً على ما تقدم من أجوبتكم الكريمة لمسنا أن هناك حرب عالمية ثالثة بعد هذه الأحداث مباشرةً. وعليه فإن الحرب تطحن في رحاها الأخضر واليابس ومن المؤكد أنها ستؤدي الى مجاعات وأهوال مما لا يتحمله عقل إنسان فنرجو من حضرتكم يا سيدي أن تتكرموا علينا وترشدونا عن فترة هذه الأحداث والأهوال هل هي طويلة الأمد أم قصيرة الأمد.
وسمعت حديث يقول (إذا كان فناء في كسرى ونار في الخليج فتمونوا لعام) هل هذا الحديث صحيح أم غير صحيح.
بالنسبة لسيدنا عيسى عليه السلام هل سيأتي والمعجزات التي أيده الله بها معه علماً أن الله تعالى يقول وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون. ولكم جزيل الشكر.

1- من يشك بحدوث حرب نووية عالمية يا أخي! هذه هي الحرب الثالثة التي ستحدث الآن بعد هذه الشدائد والأهوال وكفى بالواقع شهيداً.

2- إن كان بإمكانك التموين لعام فلمَ لا تموِّن وأنت تسمع وترى ما يحدث في العالم من كوارث وبلاءات.
وقد نشأنا بطفولتنا وكان آباؤنا وكل الناس يموّنون تمويناً سنوياً بشكل طبيعي، كما كانوا يساهمون بمساعدة الفقراء والمساكين على التموين السنوي، فما المانع من التموين!..
هذا وقد أزفت الآزفة، ليس لها من دون الله كاشفة.

3- الله سبحانه وتعالى لم يرسل معجزات بل أرسل فوق وأعظم من المعجزات وهي الحجامة وشفاءاتها.
فالمعجزات مجالها محدود ومشاهدوها مقصورون على فئة حاضرة بالمكان، أما لحجامة فشملت وبلغت مسرى الليل والنهار وشملت العالم كله ولم يستفيدوا منها فيؤمنوا رغم ما لمسوه من شفاءاتها، فما قولك أن سيدنا عيسى عليه السلام سيأتي بمعجزات! إن أتى أو لم يأتِ فإنه رسول الله ويَطلب منّا الإيمان والتقوى وعلينا الاستجابة لأمره فهو من أمر الله.

أمّا التكبير (ذكر اسم الله على الذبائح) فقد شمل أنعام الأرض بالطول والعرض وفيه الإمكانية ألا تموت بقرة واحدة حرقاً، حتى أنها لو أصيبت البقرة بجنون البقر وكبَّرت عليها عند ذبحها فإن جراثيم جنون البقر تزول وتصبح البقرة صالحة للأكل، فلا تحرق منها واحدة، ومع ذلك لم يستجيبوا لأكبر من المعجزات ألا وهو التكبير الذي يوفر عليهم حرق مئات الملايين من البقر والمليارات من الطيور.
فما سؤالك عن سيدنا عيسى أنه سيأتي بمعجزات أو لن يأتي!
هو أدرى وأعلم إن كان مناسباً أن يأتي بالمعجزات أو لا يأتي، فإن كان المناسب أن يأتي فسيأتي وإن لم يكن مناسباً فلا يأتي.

والغريب أنّ الذين طلبوا المعجزات لم يؤمنوا وهلكوا، والذين لم يطلبوها كالصحابة الكرام رضوان الله عليهم آمنوا واتقوا وكانوا سبب إيمان أجيال ما يزيد على ألف عام والهداية تجري وتسري، ومن كانوا أهلاً للنار بسببهم أصبحوا أهلاً للسعادة والنعيم والجنان.
ومن ناحية أخرى: كافة الذين جاءهم معجزات كانوا كفرة معتزين بكفرهم وفي استعلاء، فالمعجزة للكفرة حتى يؤمنوا.

أما بقدوم سيدنا عيسى عليه السلام بعد قيام الساعة الكبرى لا يبقى كفرة إلا مذلولين منكسرين خاضعين ولن يعود لديهم أي استعلاء. {..وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ..} سورة آل عمران: الآية (55). فما يهمك وأمر المعجزات؟

سؤالي الحالي عن المهدي المنتظر.
الحقيقة لم أهتم يوماً لمعرفته من قبل ولا معرفة أشياء من هذا القبيل كالدجال أيضاً، ولكنه حصل عندي سبب الأن يجعلني أسأل لا يسعني شرحه فسؤالي ليس عشوائي أفيدوني الله يزيدكم من فضله.
هل يوجد المهدي المنتظر أصلاً أم أنه وهم؟ وإذا كان موجود ما صفاته؟ وهل يمكن أن يكون موجود الآن بيننا؟ وهل لابد لمجيئه أن يكون آخر الزمان فقط؟

هل يوجد المهدي المنتظر أصلاً أم أنه وهم؟؟
لقد جاء ذكره في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة وقد أجمع المسلون كافة في الأمة الإسلامية على حقيقة وجوده.
جاء ذكره متوافقاً مع نبوءات تنبأ بوقوعها ﷺ وكلها وقعت، فإن ما نراه اليوم من كثرة الزلازل التي لم يظهر معشارها في الأجيال السابقة، وكثرة البرد المترافق مع تهطال ثلجي كثيف وجليدي وكثرة الطوفانات والصواعق... إلخ.
كل ذلك تحدث عنه ﷺ وقد وقع فعلاً، والسيد المهدي أيضاً ذكره سيدنا محمد ﷺ كما ذكر ما سبق.
إذن فهو حقيقة لا وهم.

واذا كان موجود ما صفاته؟
لقد فصل رسول الله ﷺ وتحدث عن كافة صفاته بدقائقها وجلائلها فجاء أنّه أشبه الناس برسول الله ﷺ خَلْقاً وخُلُقاً يقفو أثره لايخطئ في كل فعل وقول.
وكثير تلك الأحاديث التي تختص بهذه التفاصيل تملأ كتب الحديث ومعروفة عند أئمة الدين وبكتب الحديث.

هل يمكن أن يكون موجود الآن بيننا؟
لكل أمر صورة وحقيقة والحقيقة لا تدركها إلا من خلال آثارها.
مثال: صورة سريان الكهرباء في الأسلاك غائبة ولكن تدرك حقيقة وجودها من أثرها بدوران المحرك أو اشتعال المصباح.
وكذلك فإنّ صورة السيد المهدي غائبة ولكن حقيقته موجودة تماماً كما الرسول ﷺ وظيفته قلبية دائمية أبدية، {حياتي خير لكم ومماتي خير لكم}. الجامع الصغير
وقد قال ﷺ في حقّ السيد المهدي: {المهدي ابني حقاً}، {يقفو أثري لايخطئ..}.
وقد قال تعالى واصفاً رسوله الكريم ﷺ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ...} سورة القصص: الآية 85.
وفي آية أخرى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} سورة الشعراء: الآيات 218-219.

وهذا يدل على أنّ وظيفة رسول الله دائمية في عالم الحقائق أما في عالم الصور فهي مؤقتة حتى على كافة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، يظهرون جسدياً لمدة مؤقتة لتبليغ الرسالات ثمّ ينتقلون جسدياً كغيرهم من البشر وتبقى حقيقتهم سارية بشكل دائم.
وبما أنّ الرسول ﷺ وصف السيد المهدي بأن يقفوا أثره لايخطئ، إذن فوظيفته أيضاً دائمية مثل وظيفته رسول الله ﷺ.

هل لابد لمجيئه أن يكون آخر الزمان فقط؟
نعم فالأحاديث النبوية تشير إلى أنّ الله سيبعثه وقد ملئت الأرض ظلماً وجوراً وهذا الحال نجده ملازماً عند كثير من الرسل صلوات الله عليهم فيرسلهم الله تعالى لأقوامهم الضالين حتى ينذرونهم من الهلاك والعذاب الأليم فإن هم أصروا على دنياهم وأعرضوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر وكذلك في زمن وقوع الساعة الكبرى التي لن تشمل دون أمة ولا شعباً دون شعباً ولكن سيعم الهلاك كلّ أمم الأرض بل كل فرد لم يعد عنده القابلية للإيمان.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو تكرمتم إخواني على إجابتي على سؤالي: عندي خمسة بنات فهل من يرزقه الله تعالى الإناث فقط يكون مقصر أو لا يستحق الذكور؟
2- الله تعالى يفضل الذكر ويشهد بذلك بقوله تعالى في سورة آل عمران: أن ليس الذكر كالأنثى؟
3- في الحديث الشريف (من ابتلي باثنتين من البنات أو ثلاثة فأحسن تربيتهم له الجنة) والسؤال لماذا قال الرسول من ابتلي؟ فهل الابتلاء فقط بالإناث؟ مع أن الذكر تربيته أصعب من تربية الأنثى! وبالمثل العامي يقولون: "هم البنات للممات" أفيدونا جزاكم الله كل خير ووفقكم لما يحب ويرضى.

تفضلت وقلت: هل من يرزقه الله تعالى الإناث فقط يكون مقصراً أو لا يستحق الذكور؟
نقول: على العكس يا أخي الكريم إن من يرزقه الله الإناث أو يرزقه الذكور فالأمر سيان لا فرق ولا اختلاف، إنما العبرة على التربية الصالحة والقيام بهدايتها ومن يرزقه الله تعالى الإناث هذا جيد جداً لأن تربية الأنثى أسهل وأيسر.
والذي يفرق بين الأنثى والذكر فهذا ظن الجاهلية الأولى، إنما العبرة على التقوى قال تعالى: {..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ..} سورة الحجرات: الآية (13). وهاك أعظم إنسان على الإطلاق لم يبق له من الأولاد سوى الإناث، فهل هذا عار بحق رسول الله ﷺ؟!
فهل إن كان عنده بنات ولم يكن لديه ذكور هل ينقص ذلك من مقامه!
يا أخي: دعك من هذه الأفكار الجاهلية ولا تسمع قول الذين لا يعلمون من الذين يفضلون الذكر على الأنثى.

ثانياً: تسأل وتقول الله يفضل الذكر على الأنثى ويشهد بذلك بقوله: {..وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى..}.
حذار يا أخي من هذا القول واتهام الحضرة الإلۤهية بمثل ذلك، فليس عند الله تمييز عنصري وهو الذي خلق كل نفس وألبسها الثوب الوظيفي المناسب لها ولكي تؤدي الغاية التي خلقت من أجلها على أتم وجه، فلرُبَّ امرأة مؤمنة خيرٌ من ذكور الأرض من الذين لا يؤمنون.
فالله وضع الإنسان بالصورة المناسبة له وعلى حسب ما في نفسه والذي قال: {..وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى..}: إنما هي امرأة عمران حيث كان طلبها أن يأتيها رجل يهدي العالم والأمم ولا يتسنى هذا للأنثى حيث للأنثى مجال وللرجل مجال آخر.
فعندما وضعت السيدة العذراء مريم عليها السلام {..قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ..}: هذا قول امرأة عمران لأن طلبها ذكراً كسيدنا عيسى المسيح، ومن مثل عيسى بين نساء العالمين؟! لا أحد.

ثالثاً:
من قال لك أن الابتلاء بالذم؟! مع أن الله يقول: {..لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً..} سورة الملك: الآية (2).
فالابتلاء للأعمال الحسنة، فهذا المخلوق الضعيف "البنت" إن أحسنت له وعطفت عليه وربيته التربية الصالحة الحسنة فهذه من أفضل الأعمال وكما قال الشاعر:

الأم مدرســـــة إذا أعددتها    أعددت شعباً طيب الأعراق

فهذه البنت غداً سوف تكون أُمّاً تربي أطفالها فإذا نشأت هي على الطهارة والشرف والأخلاق الكريمة والتربية الصالحة، أنشأت من بعدها جيلاً على نفس أخلاقها ومسيرتها وكل ذلك بصحيفتك وفي سجل أعمالك الطيبة، إن أحسنت لابنتك بتربية صالحة، فتربية الأنثى من أحسن الأعمال، فهي نفس مكلفة فإن هديتها واستدلّت بمعيّتك على الله واهتدت فدخلت الجنة بصحيفتك فلك أجر من الله وثواب وخير لك مما طلعت عليه الشمس.
أما بشأن المثل العامي "همُّ البنات للمات" فهم خصصوا البنات من عندهم، مع أن الذكر نفس الشيء يبقى على الأب همُّ تربيته وسلوكه ما دام له سيطرة عليه وبيده أمره من مأكل ومشرب مسكن أو مصروف مالي أو كلمة ينصحه بها، فهذا المثل العامي ينطبق على الولد كما ينطبق على البنت.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ورد في الحديث الشريف «أحلت لنا دمان وميتتان فأما الدمان فالكبد والطحال وأما الميتتان فالحوت والجراد».
هل المقصود أنهما أحل أكلهما ولو لم يذكر اسم الله عليها عند الذبح؟
فالسمك يجوز أكله بدون تكبير من الناحية الطبية أي أن معنى الحديث كما أحل السمك بدون تكبير فكذا الكبد والطحال ولكن إن صح هذا القول فهذا يعني أنه يجوز عدم التكبير على الذبيحة وطبعاً من المستحيل أن يكون هذا.
نرجو الإجابة هل يجوز أم لا يجوز على ضوء هذه المقدمة لماذا؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين

كلا لايجوز أكل الكبد والطحال من ذبيحة غير مكبّر عليها، لأنّ الجراثيم موجودة فيها.
أحل الله الكبد والطحال وما فيهما من دم طالما كبّر على الذبيحة عند ذبحها فذهب الجرثوم والمكروب من الدم وأصبح حلالاً، وإذا لم يكبر عليها عند ذبحها أصبح دمها مستعمرات للجراثيم.
حتى الحوت والجراد يجب أن تكبر عليها وتذكر اسم الله عليها لتخفف عنها آلام الموت، وتذكِّرها بعهدها مع ربها وأنها الآن وفَّت بعهدها وقدّمت جسدها خدمة لهذا الإنسان المخلوق المكلف وقامت بوظيفتها، فتنال على خدمتها هذه من الله نعيماً تعيش فيه ويذهب عنها ألم الموت.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي سؤالين وأتمنى الإجابة عليهما:
1- هل يجوز للنساء زيارة القبور؟
وما مدى صحة الحديث: «ملعونون زائرات القبور»؟
2- ما هو سجود الشكر؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
1- لمَ تكون اللعنة عليهنَّ إن لمْ يكن فيهن فتنة؟!
«الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» فإن زارت المرأة ذويها المتوفين وهي بحجابها الكامل من ستر للوجه والكفين والمشية المثقلة كالعجائز فلمْ يعد فيها ما يفتن الرجال ويحوِّلهم عن تذكرهم الموت في زيارتهم للمقبرة، فليس عليها لعنة بشرط دخولها مع رجل من محارمها.
أما إن كانت سافرة فهي مرعبة، فالنفس في المقبرة تصبح في صفاء ونقاء عجيب، وتسري فتنتها لقلب من يشاهدها في المقبرة سهماً من سهام إبليس، مفعول النظرة أشد على القلب من الفاحشة.

2- سجود الشكر: هو مناجاة مع صاحب النعمة "الله" وتأكيد الشكر على نعمته فهو سجود عادي كسجود الصلاة ولكن يدعو الساجد ما يشاء "شكراً لله على ما أنعم".

سيدي الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أجمعت كتب السيرة بأن عبد المطلب لديه عشرة أولاد ونذر نذراً بذبح أحدهم ورميت القرعة مراراً وتقع القرعة على عبد الله والد سيدنا محمد إلى أن أعيدت عشر مرات ويتم الفداء كل مرة بعشر من الإبل.... الخ.
فما الصحيح في هذه القصة؟ نرجو الإفاضة والإيضاح دمتم لنا. ولكم جزيل الشكر والثواب.

ما الداعي للشك في هذه القصة، وكانت العرب تعبد الأصنام قبل ظهور سيدنا محمد ﷺ وتطيع سدنتها، كما كانوا يعتزون بالذكور دون الإناث: وأما أن يرزق الله إنساناً ما مثل عبد المطلب بأحد عشر ولداً ذكراً فكان يعتبر عند العرب مفخرة وعزّة وكانوا يعتمدون على الأبناء كمظهر من مظاهر القوة والمعونة وما كانوا يعرفون الله.

إذن: هذا معروف في جميع التواريخ وكتب السيرة وليس فيه شيء من الخطأ، وهذه الصفة والعلامة للنبي تناقلتها الكتب السماوية قبل القرآن، وتحدَّثت الأنبياء والمرسلين لأقوامهم عن علامات وإشارات إمام الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد ﷺ أنه (ابن الذبيحين):
الذبيح الأول سيدنا إسماعيل عندما أراد أبوه سيدنا إبراهيم عليهما السلام أن يذبحه بأمر من الله ففداه الله بذبح عظيم.
والذبيح الثاني والد سيدنا محمد ﷺ كما في القصة التي تفضلت بها.

والرسول قال لليهود والنصارى بما معناه:
هذه الصفات المذكورة في كتبكم المقدسة والتي تتحدث عني، فأنا ابن الذبيحين، فهل هذه الصفات تنطبق على غيري؟ إذن: فأنا الذي حدثتكم رسلكم عني وهذا موجود عندكم فلمَ لا تسيرون معي؟! وهذا ما تأمركم به كتبكم المقدسة.
وهذا الكلام مذكور في القرآن: {..يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ..} سورة البقرة: الآية (146).

إذن: هذه القصة صحيحة، فقد نذر عبد المطلب جد الرسول ﷺ أنه إذا جاءه ذكر فوق الذكور العشرة الذين رُزق بهم فسيقدمه قرباناً وشكراً للآلهة ولكن لما جاءه عبد الله صعب عليه ذبحه وأراد فداءه بالمال عن طريق القرعة لأن الآلهة الزائفة لا تتكلم لذلك ألقوا القرعة، وعندما أُلقيت القرعة جاءت بالذبح لعشر مرات وهو يزيد في كل قرعة عشر جمال حتى صاروا مائة جمل، حتى وفي النهاية جاءت (لا تذبحه) وهذه جاءت في القرعة الحادية عشر ففداه بمائة وعشر جمال. إذن: فهذه القصة حقيقية وجرت في حق سيد الأنبياء النبي الأمي ﷺ.

السؤال عن حادثة شق صدر رسول الله ﷺ فهناك حديثان عن هذا الموضوع:
«روى ابن أبي الدنيا وغيره بإسناد يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله كيف علمت أنك نبي، وبم علمت حتى استيقنت؟ قال يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا ببطحاء مكة، فوقع أحدهما بالأرض وكان الآخر بين السماء والأرض فقال أحدهما لصاحبه أهو هو؟ قال هو هو قال فزنه برجل فوزنني برجل فرجحته، ثم قال زنه بعشرة فوزنني فرجحتهم ثم قال زنه بمائة فوزنني، فرجحتهم ثم قال زنه بألف فوزنني فرجحتهم حتى جعلوا يتثاقلون علي من كفة الميزان فقال أحدهما لصاحبه شق بطنه فشق بطني، فأخرج قلبي، فأخرج معه مغمز الشيطان وعلق الدم فطرحهما، فقال أحدهما لصاحبه اغسل بطنه غسل الإناء واغسل قلبه غسل الملاء ثم قال أحدهما لصاحبه خط بطنه فخاط بطني، وجعل الخاتم بين كتفي كما هو الآن ووليا عني، فكأني أعاين الأمر معاينة)

و حديث آخر: «قال ابن إسحاق: وحدثني ثور بن يزيد، عن بعض أهل العلم ولا أحسبه إلا عن خالد بن معدان الكلاعي أن نفراً من أصحاب رسول الله ﷺ قالوا له يا رسول الله: أخبرنا عن نفسك؟ قال نعم أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام، واسترضعت في بني سعد بن بكر. فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا. إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجاً. ثم أخذاني فشقا بطني، واستخرجا قلبي، فشقاه فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها. ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني به فوزنتهم ثم قال زنه بمئة من أمته. فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بهم فوزنتهم. فقال دعه عنك، فوالله لو وزنته بأمته لوزنها».

ويلاحظ اختلاف بداية الحديث في كلا من الحديثين الشريفين، أي أن في بداية الحديث الشريف الأول حدث أمر الوزن أو الموازنة أولاً، وأما في بداية الحديث الثاني حدث شق الصدر أولاً.
فهل هناك تعارض في الحديثين؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
تفضَّل بالرجوع لبحث حادثة شق الصدر في كتاب "حقيقة سيدنا محمد تظهر في القرن العشرين" تعلم الحق واليقين وتعلم ما هذين الحديثين.

قال رسول الله ﷺ: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» سنن أبي داوود.
لو تكرمتم شرح هذا الحديث ولكم الشكر.

التبايع بالعينة محرَّم. بيع العينة هو بيع ربا: يكون ببيع بضاعة بيع معجل الدفع بثمن يبخس البائع. ولمَّا يأت موسم البيع بعد نضوج الثمر يصبح ثمن البضاعة المباعة أعلى وأغلى من الثمن الذي قبضه البائع سابقاً. هنا الشاري استغل فقر وحاجة البائع وسرق الربح الحقيقي بإعطائه ثمن أقل سابقاً.

وكلمة: «..أخذتم أذناب..» أي: انشغلتم بالحراثة بها وبالزرع عن الجهاد في سبيل الله وكان قوله ﷺ موجَّه أولاً للصحابة الكرام من سلكوا معه ﷺ بصدق حتى غدوا هداة مهديين «..ثم تحوَّلتم عن الجهاد..» «وما ترك قوم الجهاد قط إلا ذلّوا» تحوَّلتم إلى حب الدنيا والركون لها بدلاً من إخراج الناس من الظلمات إلى النور وغداً من النيران للجنات! وهو لنا ممن بلغ مراتب عليَّه ثم غيَّر وتوقف عن الجهاد.

بعد قراءة شرح حديث "طلوع الشمس من مغربها" في موقعكم؛ لدي سؤال عن مدى صحة الأحاديث التي تقول أنه بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل التوبة... كيف ذلك؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
التوبة تُقبل دائماً حتى قدوم الموت، قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً(17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} سورة النساء.

"ومن ما مات عيبه ما فات" واسم الله تواب فهل يتغيَّر حضرة الله! سبحان من يُغيِّر ولا يتغيَّر فهو تعالى تواب أبداً.
ولا صحة لقولهم أنها لا تُقبل التوبة حين طلوع الشمس من مغربها فها قد تبنا والفضل لله.

أسأل عن أسماء الملكين كما ورد (منكر ونكير) وإن تفسير اسميهما أن أعمال الإنسان الكافر تتمثل له كونه أنكر الله وأنعمه. ولكن هذا التفسير غير صحيح البتة.
فالحديث الشريف يقول: «نزل عليه ملكان أسودان أزرقان (يقال لهما منكر ونكير) أنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب وأصواتهما كالرعد».
وإن الملكين ينزلان على الأموات سواءً كانوا مؤمنين أو منكرين كفره.
والسؤال هل يسمي الله ملائكته بهذه الأسماء (منكر ونكير) أم أن الحديث منسوب؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
الملائكة هم مخلوقات نورانية وهم أجمل وأصفى ما خلق الله وأنقى نفوس بعد نفوس السادة الرسل والأنبياء.
الملائكة: ملَّكوا اختيارهم لخالقهم ولم يطلبوا الشهوات أبداً، فنفوسهم لم تدنَّس بشهوة ما ويفعلون ما يأمرهم الله به ولا يعصون له أمراً لذا اكتسبوا من خالقهم نقاءً وصفاءً يسبي العقول ويحيِّر الأذهان لا يوجد في الكون أجمل منهم.

الملائكة الكرام بل الملكان شفوقان رفيقان ولكن المعرض عن ربه المقترف الآثام والخطايا وواقع بالإجرامات المرعبة يرى الملائكة بهذه الصورة من خلال أعماله، والملائكة أنقياء أصفياء فيرى فيهم صورة عمله المرعبة المخيفة، كالمرآة التي تعكس صورة الإنسان وليس بالمرآة شيء من هذا أبداً.
فهذا المعرض الذي أنكر فضل الله عليه ولم ينظر إلى كرم ربه ولم يتعرَّف على خالقه وكانت أعماله كلها أذى وضرر يرى الملائكة بهذه الصورة.

أما المؤمنون الطاهرون فيرون الملائكة نورانيين أجمل ما خلق الله نفوس نورانية.

روى مسلم عن أبي هريرة: «لا يسبُّ أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر»
وفي لفظ آخر: «لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر»
وفي لفظ: «قال الله عز وجل: «يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن يا خيبة الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما».
هل هذا الحديث صحيح؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
هذا شرك، فكلمة دهر جاءت بالقرآن بالذم بقول الكفرة: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ..} سورة الجاثية (24).
والدهر هو الزمن ويوجد مع دوران الأرض والفصول وسوف يزول، والله باقٍ وما عداه مع الزمان إلى زوال والله يزيلُ ولا يزول حيٌ باقٍ صمد.
ومفهوم الدهر أو الزمان مفهوم قاصر، فمتى خرج الإنسان عن مجال هذا الجو المحيط بالأرض يفقد مفهوم الزمان والمكان، والدهر مخلوق مبني على غيره وزائل، والله العظيم هو خالق للدهر أي الزمان والمكان، ألا كل شيء ما عدا الله باطل وكل نعيم زائلٌ لا محالة.

والأحاديث الشيطانية المدسوسة على الدين لهدمه وحاشا لله ويأبى الله إلا أن يتم نوره لذا أرسل لنا العلامة الجليل الكبير بالهدى والدين الحق والنور المبين ليهدَّ أعداء الدين ودسوسهم هدًّا، ويزيل الشركَ بأن يبيِّن معاني القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم ويبشِّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بأن لهم الفوز والنصر إلى يوم الدين والسلام على من يتبع الهدى، وأولئك هم الصالحون الصادقون السالكون لإعلاء كلمة الحق والدين.

عن النبي ﷺ قال: «يكون في هذه الأمة أربع فتنٍ في آخرها الفناء».
حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي، ثنا أبو المغيرة، قال: حدثني عبد اللّه بن سالم، قال: حدثني العلاء بن عتبة، عن عمير بن هانىء العنسي قال: سمعت عبد اللّه بن عمر يقول: كنا قعوداً عند رسول اللّه ﷺ فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول اللّه، وما فتنة الأحلاس؟ قال: "هي هربٌ وحربٌ، ثمَّ فتنة السَّرَّاء دخنها من تحت قدمي رجلٍ من أهل بيتي يزعم أنه منِّي وليس منِّي، وإنّما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجلٍ كوركٍ على ضلعٍ ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمةً، فإِذا قيل انقضت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمانٍ لا نفاق فيه، وفسطاط نفاقٍ لا إيمان فيه، فإِذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده". فهرس أبو داود/ 4242/.
لو تكرمتم شرح هذا الحديث وما هي الفتن الواردة بهذا الحديث ولكم الشكر.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
يرجى التكرم بقراءة كتاب السيد المسيح "عليه السلام" يلوح بالأفق للعلامة الكبير محمد أمين شيخو قدس سره وهو منشور مجاناً على موقعنا، ومتوفر بمكاتب سوريا تجد شرح سؤالك. والسلام عليكم.

«إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» هل هو حديث صحيح، أم لا؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
الحياء من الإيمان ومن لا حياء فيه لا دين فيه، وسيدنا عثمان العظيم صهر رسول الله ﷺ كان يتميَّز بالحياء، والحياء حياة سامية قلبية تحجز الإنسان عن انحطاطات ومعاصي كثيرة، فالحديث الذي أوردته أعلاه صحيح تماماً فالحياء عكس الفجور والفاجر ميت القلب مؤذٍ شرير لا خير فيه.

من فضلكم الرجاء أريد التحقق من صحة هذه المقولة:
إذ الدعاء الذي يستغفر لك 70000 ملك إلى يوم القيامة:
{الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته} {الحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته} {الحمد لله الذي ذل كـل شيء لعزَّته} {الحمد لله الذي خضـع كل شيء لملكه}
وهل يوجد دليل من السنة النبوية؟ أفيدوني أفادكم الله.

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
هذا الحديث لا نعلمه.
«الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته»: إلا الكافر أعمى القلب، فالسموات السبع والجبال والأرض وما فيهن خاضعات لأمره تعالى وسابحات بأمره وفضله وكل هذه المحامد صحيحة وواقعية فلا حاجة للبحث عن مصدرها وليس يفيد في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في الحديث الشريف: «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل»
يرجى من حضرة الأستاذ الفاضل أن يبين لنا معنى هذا الحديث.
وهل ينطبق هذا الحديث على علماء هذا الزمان حيث أنهم يعتبرون أنفسهم كأنبياء بني إسرائيل لكننا نرى منهم أو من بعضهم أعمال وفتاوى يندى لها الجبين وأنهم ليسوا على الاستقامة المفروضة؟!
ولكم كل الشكر.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
إن مقام النبوة مقام عظيم بل لا يستطيع علماء أي زمان ولا المتقون أو الصالحون بلوغ سماء النبوة الشاهق في السمو على العالمين.

- لو اجتمع علماء الأزمان وأحصى الله أعمالهم العالية وفضلهم لا يوازون فضل نبي واحد.
فلو جمعت شموع الأرض مضاءة ماذا تكون تجاه الشمس!
الأنبياء شموس الحق والحقيقة ينهلون من بحور الإلۤه العظيم ولا وجه أو مقارنة بين أيٍّ منهم ولا يمكن أن يصل علماء الأرض مجتمعين إلى سماء نبي واحد وأنت تحدثت بنفسك عن العلماء لا سيما عن علماء هذا العصر.
الأنبياء كما قال تعالى في سورة الأنبياء (27): {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}: وهم معصومون عن الصغائر والكبائر ولا يخطئون أبداً.

انظر لسيدنا عيسى النبي ﷺ الذي قال: {..إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} سورة مريم (30). فمن من العلماء آتاه الله الكتاب منذ نعومة أظافره وهو طفل إن كان في العلماء كذلك نصدّق أن العلماء كالأنبياء.
لا يمكن لعالِم مهما بلغ ومهما عمل أن يبلغ مقام النبوة ولا شك أننا إن سمعنا من أي عالم يقول أني أعلى من النبي فهو يتكلم بلسان الشيطان وإياك أن تصدِّقه فالحديث صحيح ولكن لا نعلم تأويله "ونصف العلم لا أعلم".
في ميزان المنطق لا يمكن لكافة العلماء ولو اجتمعوا أن يوازوا مقام نبي واحد.

وكما يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "ما ناقشتُ عالماً إلا غلبتهُ وما ناقشتُ جاهلاً إلا وغلبني".

ورد في موقعكم الحديث النبوي: «إن لله عزَّ وجلَّ تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنَّة»
وفي الآية الكريمة: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} سورة الأعراف (180).
وسؤالي هو: هل ورد لفظ هذه الأسماء كلها في القرآن الكريم؟ أم أن بعضها جاء في السنة النبوية؟
وهل هي ذاتها المتعارف عليها بين الناس والتي تطبع على الأوراق ويتداولها الناس؟ ومن أين أتوا بها؟
وحسبما جاء في الحديث السابق بأن أسماء الله تعالى هي حسنى فكيف يكون الضار (مثلاً) من أسمائه تعالى الحسنى؟
عذراً للإطالة، ولكن نتمنى منكم التفضل بتعداد هذه الأسماء ليتم تصحيحها بين الناس وعدم تداول أسماء لا تليق بالله عز وجل.
ولكم مني أسمى التحيات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
جميع الأسماء الحسنى لله الرحيم الكريم واردة في القرآن. قال تعالى في سورة الأنعام (38): {..مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ..} والمطلوب من المؤمن شهودها وإحصاؤها

2- ما هو مطبوع على الأوراق كما تتفضل والمتداولة بين الناس تداخَل بها أسماء مدسوسة لا تليق والحضرة الإلۤهية. مثلاً "الضار" فهذا محض تناقض فكيف نجمع بين أسماء الله الحسنى التي كلها خيرٌ وإحسان ورحمة وبين الضرر والضرار، والرسول ﷺ يقول: «لا ضرر ولا ضرار».
ومعاني المنتقم الجبار المتكبر مفهوم هذه الأسماء الحسنى معكوس، لذلك نحن نتبع قول الله تعالى: {..وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} سورة الأعراف (180).

3- أما عن طلبك بتعداد أسماء الله الحسنى سنفعل ذلك بإذن الله بأول فرصة سانحة ولك جزيل الشكر والأجر والثواب.

سؤالي عن مدى صحة الحديث:
في آخر الزمان إن الرجل ليمسي مؤمناً ويصبح كافراً ويمسي كافراً ويصبح مؤمناً. كيف يرتد؟
وهل معناه أنه يرتكب معاصي ويتوب ويكرر ذلك مراراً؟ أم ضعف الإيمان بشكل عام. أرجو التوضيح

أخي الكريم.
كما تفضلت وذكرت فإنّ ضعف الإيمان بشكل عام سرى في القلوب، فصعب الثبات على حال حتى كاد يكون من المحال.
فالمرء يتأثر بما حوله وبالبيئة ويتشرب الضعف أو القوة من المحيط حوله ولكنه لا يغدو كافراً بل يغدو غافلاً.
وعلى المرء أن يخصص لنفسه ساعات خلوة صباحاً ومساءً.
فبالساعة الصباحية عليه أن يذكر الله ورسوله كثيراً ليعود لقوته القلبية الإيمانية والساعة المسائية للثبات القلبي على ذكر الله.

قرأت عن قصة الحجامة أيام الرسول وبالأخص قصة ابن الزبير وشربه لدم الرسول وقول النبي عليه الصلاة والسلام ويل لك من الناس وويل للناس منك لا تمسك النار هل هذا صحيح؟
السؤال الثاني كيف نعرف أن هذا الحديث صحيح؟
كيف نعرف أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفعل كذا وكذا؟
هل هناك كتاب أستطيع قراءته يبين تفسير الأحاديث أو معرفة الأحاديث الصحيحة؟

عليك بالقرآن الكريم فلا أحد أصدق من الله حديثاً وشروح العلامة الجليل التي ما كانت حديثاً تفترى ولكن تصديق الذي بين يديها من آيات القرآن الكريم وفيها تفصيل كلّ شيء أراده الله من آياته. فاستبانت عصمة الأنبياء عليهم السلام من خلالها، وردّت ما جاء في بعض التفاسير من الإسرائيليات التي تطعن في مقام الرسل الكرام عليهم السلام، وكشفت حقائق الخلق الأول قبل مجيئنا إلى هذه الدنيا، وعدل الله فينا، والحِكَم العلية من الأحكام الشرعية والفقهية، وردّت أيضاً كل تفسير لا يتوافق مع عدالة الله ورحمته وكل تفسير يجعل تناقضاً أو اختلافاً بين آيات القرآن الكريم أو يجعل منها متفكّكة لا ترابط بينها في السياق والمعنى.
ولا بدّ لنا من القول بأنه لا يعقل حقائق القرآن الكريم ولا يفقه ما فيه من سمو ورفعة إلا مؤمن اتقى الله حقّ تقاته فعلّمه تأويل كتابه، وفقه معانيه.

قال ﷺ: (إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فهو مني، وما خالفه فليس عني).
وفي رواية (اعرضوا حديثي على كتاب الله، فإن وافقه مني وأنا قلته) الجامع الصغير 1165، ورواه الطبراني.

إذن ارددْ إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحبّ إرشادهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ..} سورة النساء: الآية 59.
فالردّ إلى الله هو الأخذُ بمحكم كتابه، والردّ إلى الرسول يعني الأخذ بسنته ﷺ الجامعة غير المفرّقة والموثّقة بكتاب الله تعالى.
وهذا لأيم الحقّ طريق التوثيق العملي الدقيق، الردّ إلى كتاب الله وسنّة رسوله الموافقه له.

وعن سيّدنا علي رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله يقول ستكون فتن، قلت فما المخرج منها يا رسول الله، قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو الصراط المستقيم وهو الذي لاتزيغ به الأهواء ولا تلتبس به ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الردّ ولا تنقضي عجائبه من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدَل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم). أخرجه الترمذي والدارمي وغيرهما.
وقد ذمّ سيدنا علي رضي الله عنه اختلاف العلماء وأهل الرأي أن الحكم بكلّ أمر من أمور الدين للقرآن الكريم، فيقول عن هؤلاء المختلفين: {إلۤههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد، أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه! أم أنزل الله ديناً ناقصاُ واستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى! أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصّر الرسول ﷺ عن تبليغه وأدائه! والله يقول: {..مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ..} سورة الأنعام: الآية 38، {..وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ..} سورة النحل: الآية 89.
وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضاً، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: {..وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} سورة النساء: الآية 82.
(إنّ القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به).

هذا وكتب العلامة الكبير محمد أمين شيخو قدس سره لا تخرج عن القرآن الكريم قيد أنملة مصدرها القرآن الكريم لذا لا تناقض فيها بل الحقائق بعينها وأنوارها.

عندي استفسار حول تطبيق حديث شريف يخص وضع الشاب الأعزب -أي صيامه- هل ثمة قانون للصوم؟ مثلاً يومان بالأسبوع أم يوم بيوم أم حصراً الأيام البيض أو ما شابه ذلك؟ أرجو تبيان قانون الصوم بالتفصيل كي تكون الفائدة حقيقية، وجزيتم عنا خير.

حصراً الأيام البيض لا غيرها، حيث جاذبية القمر تكون بأقواها فتثير الدماء، وتهيّجها وتتحرك العاطفة، وعندما يصوم الشاب تنشغل نفسه بجوعها وعطشها وتغيّر عادات طعامها وشرابها أو تدخينها "إن كان يشرب التبغ".
وتنشغل عن هيجانها العاطفي بتأثير جاذبية القمر بالأيام الثلاثة في وسط الشهر القمري "الأيام البيض" ويمرّ بسلام، حتى يهيّئ الله له فرجاً حلالاً بشكل طبيعي.
وبحث جاذبية القمر وتأثيرها على المد والجزر وعلى المجرمين حيث تزداد نسبة الإجرام قد تمّ توضيحه في بحث الحجامة، ويمكن مراجعته من كتاب الدواء العجيب للعلّامة الإنساني محمد أمين شيخو قدس الله سره.

هل صحيح أن للذبابة جناح داء وجناح شفاء كما يقولون إنه حديث قدسي. والسلام عليكم

نقول: الذباب يتبع الوسخ ويكثر على الوسخين، لابد وأن من أشاعها يستهزئ بالإسلام وأهله، ويأتي بكلام فارغ وأدلة سراب لا وجود لها.
الذباب يسلب من الإنسان عافيته بنقله للجراثيم والمكروبات التي تسبب الأمراض له، فكيف يغمسه كله في الإناء؟! هل ليحافظ على كل الجراثيم التي تحملها الذبابة؟!
فالقول بأن أحد جناحي الذبابة يقع بالماء، يعني أن أثقل جزء بالذبابة هو هذا الجناح، وهذا لا يكون أبداً. فالتوازن الخلقي التكويني المتناظر للذبابة، ينفي قطعياً أن جناحاً أثقل من الآخر، فبمجرد سقوطها يغرق جسدها المشكَّل من الرأس والصدر والبطن، ويبقى الجناحان عائمان فوق سطح الماء بشكل متوازن.
فبمجرد وقوع الذبابة في سائل ما، تحاول الطيران بحركات جناحيها السريعين، فيتبلل الجناحان وما تحتهما بالسائل. فما الداعي لغمس الذبابة إن كانت القضية هي غمس الجناحين على حد الزعم المدسوس؟!
وأنَّى للنفس البشرية أن تقبل بفطرتها بغمس الذباب في شربها ومأكلها؟!
وهل يحمل الذباب إلاَّ الجراثيم والأوساخ؟
يقول الإمام الشافعي "رحمه الله":

إذا سقط الذباب على طعامٍ     رفعت يدي ونفسي تشتهيهِ
وتجتنب الأسود ورود ماءٍ     إذا كان الكلاب ولغن فيهِ
ويرتجع الكريم خميص بطنٍ     ولا يرضى مساهمة السفيهِ

فهذه الذبابة الساقطة في الإناء لا تستسلم لواقعها مباشرة، بل تحاول الطيران ولا تستطيع، وينغمس الجناحان بطبيعتهما بالسائل، فلا حاجة ليغمسها أكثر مما غُمست.
وكل من رأى الذباب الغريق وجده كذلك، فالذباب لا يجيد السباحة حتى يسبح بشكل جانبي.. ولا يركن إلى الماء أو الإناء بمجرد سقوطه، فما هذه القسوة التي يصمون بها رسول الله ﷺ (بزعمهم)، فيأمرهم بغمس ذبابة غرقى وطرحها، عوضاً عن إنقاذها وفك أسرها (فك رقبةٍ) لا غمسها وطرحها!
الذباب ليس لديه جناح أثقل من جناح، حتى ينزل على جناح ويبقى الآخر مرفوعاً، وأين أثقل جزء بالذبابة؟
أليس في ذلك تحقير للمسلمين ورسولهم بأنهم لوساختهم يأكلون ويشربون ولو سقط الذباب في إنائهم؟! بل ويغمسونه!
فلا صحة لما دسُّوه على رسول الهدى ﷺ بأن جناحاً فيه داء وآخر فيه دواء، بل في كليهما جراثيم وأوساخ.

ما معنى حديث رسول الله ﷺ وهو الصادق: (إن أحدكم ليُجمع خلْقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله إليه الملَك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد ، فوالذي لا إلۤه غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) متفق عليه

الواقع يثبت أنّ الحديث مدسوس وغير حقيقي، فالروح يضعها الملَك بإذن الله منذ أن كان نطفة وتسري بالإمداد وهو علقة ثمّ مضغة..
فكيف ينمو بحسب زعم الحديث بلا روح؟!
والروح بها الحياة. لا كما يقول الحديث المدسوس أن وضع الروح بعد مائة وعشرين يوماً! فهذا ينقضه الواقع والعلم. فهذا فقط يثبت أنّ الحديث باطل وحاشا لرسول الله أن ينطق بالباطل.

والبند الثاني من الحديث الباطل أكذب من الأول:
فكيف يُكتب على إنسان ما لم يعمله وهذا ظلم، والأجل لا يعلمه أحد إلا الله فقط؛ عند فراقه الحياة يُعلِم اللـهُ الملكَ بأخذ روحه وهذا غيب من خصائص الله وحده. حتى ملك الموت لا يعلم حتى يُعلمه الله عند ساعة انتهاء أجله.

أما الدجل الأكبر فالحكم عليه بشقي أو سعيد، حيث أنّ هذا عائد لاختيار الإنسان وحده، ولا يعلمه الملَك قبل صدور العمل من الإنسان. والله يمحو ويبدل على حسب اختيار الإنسان، فباختياره هو مسؤول.

والبند الثالث:
ينافي العدل الإلۤهي ويتضارب والآية الكريمة من القرآن الكريم: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} سورة الزلزلة: الآيات 7-8.
فالله لا يضيع مثقال ذرة فكيف يصف الحديث أن المرء يعمل طيلة حياته بأعمال أهل الجنة وفي النهاية يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.
فأين ذهبت أعماله الصالحة كلّها؟ وكلّ ذلك ولا يدَ له فيه إلا بسبب ما كتب عليه مسبقاً فهل هذا مقبول؟!
حاشا لله وتعالى علوا كبيراً عما يصفونه.

لدي سؤال بخصوص السيد المهدي، لقد ذكرتم في كتاب السيد المسيح ما يلي: (أن سيدنا المهدي العظيم عليه السلام ذكر في الأحاديث الشريفة أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن الأرض والسماء، فعلمه إشراقي، ولا يعارضه إلا مقلدة العلماء، كما عارض الفريسيون سيدنا عيسى عليه السلام).
بما أنه يقوم بكل ما ورد ذكره سابقاً قبل مجيء السيد المسيح عليه السلام فما هو دور السيد المسيح الذي سيمسح الكفر إلى يوم القيامة؟ أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير

ورد في أحاديث شريفة أن السيد المسيح وسيدنا المهدي عليهما السلام يجتمعان بالجامع الأموي في دمشق وعلى ذلك فعصرهما واحد، ويشتركان بالأعمال المجيدة فكلاهما ينطبق عليه الحديث الشريف، وهناك أحاديث شريفة عن سيدنا عيسى عليه السلام أنه سيملأ الأرض أيضاً قسطاً وعدلاً، وكذلك هناك أحاديث عن سيدنا المهدي: "أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً".
فالزمن زمنهما لذا ينطبق الحديثان، ويشتركان في أعمالهما لإصلاح ذاك الزمن.

وقد اجتمع سيدنا داوود وسليمان عليهما الصلاة والسلام في عهد واحد وكان بنو إسرائيل خير أمة أخرجت للناس، وكذلك اجتمع سيدنا موسى وهارون وذو القرنين عليهم السلام في عصر واحد وساد الحقّ في العالم بأسره.

إذن فاجتماع السيد المسيح والسيد المهدي عليهما السلام وقيامهما بمسح الكفر من الكون وارد جداً.

قرأت هذين الحديثين فوجدت للأول أصلا في كنز العمال أما الثاني فلم أجده ولكني قرأته أثناء تصفحي لبعض المواقع.
أما الحديث الأول فهو عن ابن مسعود قال: {قال رسول الله ﷺ: إذا كان صيحة في رمضان فإنها تكون معمعة في شوال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم وما المحرم -يقولها ثلاث مرات- هيهات هيهات! يقتل الناس فيه هرجا هرجا، قلنا وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدة في النصف من رمضان ليلة الجمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل والبرد، فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك}.
أما الثاني: فهو: {{يكون في رمضان صوت، وفي شوال معمعة، وفي ذي القعدة تتحارب القبائل، وفي ذي الحجة يلتهب الحاج، وفي المحرم ينادي مناد من السماء: ألا! إن صفوة الله تعالى من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا}}.
سؤالي ماهو صحة هذيين الحديثين وما هو تأويلهما اذا كانا صحيحان؟ ولكم جزيل الشكر.

أما عن مدى صحة هذه الأحاديث. فلا بدَّ أولاً من عرض الحديث على كتاب الله العزيز فإن وافق القرآن فنأخذه وإلا فندعه عملاً بوصية الرسول ﷺ.
قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً..} سورة الأعراف: الآية (187).
هذه الآية تنسف هذه الأحاديث نسفاً. إذ لا علم لأحد عن الساعة غير الله ومتى عُين زمن في الحديث فاعلم أن هذا الحديث غير صحيح لأن القرآن لم يحددها والله سبحانه وتعالى يقول: {..لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً..}.

أفيدك فائدة:
كل الأحاديث الواردة والتي تحدد زمن معين هي أحاديث باطلة لا أصل لها والقرآن الكريم ينفيها كما في الآية السابقة وآيات أخرى كثيرة مثل الآية في سورة النازعات: الآيات 42-44: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا، فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا، إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا}: فأمر وقوع الساعة لا يعلمه إلا الله وحده فهناك كثير من أنواع ذلك الحديث فيه تحديد زمني لم تكن صحيحة ومضت الأزمنة ولم تقع تلك الأحاديث لأنه لا أصل لها ولا حقيقة.
والله لا يعبأ بالزمن، كما في الحديث الذي يقول في رمضان وفي شوال وفي ذي القعدة وفي ذي الحجة والمحرم وليلة الجمعة وهذه الأشهر غير مضبوطة لأنها أشهر قمرية تدور عبر الفصول كلها، فالرسول ﷺ لا يدري متى وقوع الساعة ففي سورة الجن الآية (25): {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً}: فالرسول ﷺ هو بذاته يقول لا أدري متى وقوع الساعة فكيف يقولون أنه بالحديث قال يوم الجمعة في نصف رمضان وفي شوال يحدث كذا وفي ذي القعدة يحصل كذا وفي ذي الحجة كذا والقرآن يوضح أن الرسول يقول لا أدري، أفنصدق هذا الحديث المخالف للقرآن أم نأخذ بالقرآن الذي لا يأتيه الباطل والله تكفل بحفظه.
{إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ..} سورة لقمان: الآية (34). ولا يحدّدها سوى الله تعالى.

إخوتي في الله لقد تفضلتم وأعلمتموني أن الرقية من الشرك وقد اطلعت على بعض الأحاديث في عهد الرسول ﷺ وأجد أن الرقية بالقرآن الكريم موجودة وكذلك كيفية رقية المريض كقول *بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك.... فأرجو مدي بإيضاحات حول هذا الموضوع أنار الله طريقكم وجزاكم كل خير.
الحديث: أَتَى جِبْرِيل النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ ، مُنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ وَنَفْسٍ ، اللَّهُ يَشْفِيكَ ، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ".

1- الذي يُرْقي يكون أرقى وأكبر مدداً ومنزلةً مرتبةً ممن يُرقى، وأنى لجبريل وكافة الملائكة جمعاً أن يرتقوا لمنزلة سيدنا آدم عليه السلام والرسول العظيم أسمى وأعلا منه ومنهم وأسمى وأعظم تجليات ومدداً فأنّى لجبريل وهو صفر حتى ولو كان الملائكة له مدداً أن يرقي سيد الخلق وسيد الأنبياء والمرسلين، والملائكة لم يحملوا التكليف فالمؤمن الكامل أعلى من الملائكة فكيف برسول الله ﷺ؟!

2- بالنسبة لمناقشة الحديث الوارد: مِنْ ماذا كان جبريل يرقي النبي ﷺ؟! هل مُسَّ النبي بمسٍّ شيطاني؟! وحاشاه ﷺ من ذلك، بل الشياطين أخسأ من أن تقترب من المؤمن فكيف بسيدهم ورسولهم ذلك السراج المنير لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} سورة الأحزاب: الآية (45-46).
فإن اقترب الشيطان منه ﷺ يحترق لفوره، وهل يبقى لجرم أثر إذا ما اقترب من الشمس المادية؟! كذلك ﷺ لا يستطيع الشيطان الاقتراب منه من شدة التجليات الإلۤهية المتواردة على قلبه الشريف ﷺ ولا يستطيعون حضور مجلسه وسماع درسه لقوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} سورة الشعراء: الآية (212).
والله يقول عن الشيطان الرجيم: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} سورة النحل: الآية (99-100).
فحاشا رسول الله ﷺ من الشرك حتى يدخل عليه شيطان.
والشيطان حقاً يفر من أصحاب رسول الله ﷺ كعمر بن الخطاب رضي الله عنه (إن الشيطان ليفر منك يا عمر) حديث شريف.
وقوله تعالى: {..إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} سورة النساء: الآية (76): لا سلطان له على رسول الله ﷺ بل العكس: {..اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ..} سورة الحشر: الآية (6).
ومن ثمَّ سيدنا رسول الله أعلى وأرقى الخلائق قاطبة وما الملائكة المكرمون إلا جنودٌ مجندة من الله لديه ﷺ وهم دون مرتبة الرسل الأنبياء فكيف نقبل أن جبريل عليه السلام سيرقي سيد الخلق قاطبة والذي ليس فوق رُقيِّه رقيٌّ وليس فوق مقامه مقام.

أما بخصوص الرقى والتعاويذ فقد استغلَّ السحرة المشعوذون هذه الحرفة ولعبوا على البسطاء من الناس وأوهموهم أن هذه الكتابات المبهمة غير المفهومة تفيد وتغني والأدعية وغيرها وسائل لمكرهم ودجلهم والتي إن اطلعت عليها لرأيت نصوصاً وكلمات مقلوبة بالعكس ورموزاً وتعابيراً شركية لا تمت إلى الدين الإسلامي بصلة وما هي إلا من أعمال السحرة القذرين يضعونها في ماءٍ قذرة وفي عقاقير ويطلبون من المريض شربها.
وقد سُئل رسول الله ﷺ عن النشرة "أي رقيةُ علاجٍ لمن يظن أن الجن مسوه" فقال ﷺ: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدِّق بالسحر). رواه الإمام أحمد
وفي حديث شريف آخر: (ليس منا من تطيّر ولا من تُطيّر له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له، ومن أتى كاهناً وصدَّقه بما يقول كفر بما أُنزل على محمد). الهيثمي: مجمع الزوائد
وجاء في حديث شريف آخر: (حدُّ الساحر ضربه بالسيف).
وبالحقيقة: أنه لا شافٍ ولا يكشف الضر إلا الله كما قال سيدنا إبراهيم: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} سورة الشعراء: الآية (80).

أما القول أن الرقية في القرآن موجودة فلا أقبل به أما ما هو موجود في القرآن: {..إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ..} سورة الرعد: الآية (11).

من هم إخوان الرسول ﷺ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في الحديث الشريف بما معناه:
((واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعـد!! قالوا: أولسنا إخوانك، يا رسول الله؟! قال: بل أنتم أصحابي!! قالوا: ومن إخوانك، يا رسول الله؟! قال: قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعين منكم!! قالوا: منا أم منهم؟؟ قال: بل منكم!! قالوا: لماذا؟؟ قال: لأنكم تجدون على الحق مناصراً، ولا يجدون على الحق مناصراً!!)). وفي حديث آخر أيضاً من صفاتهم: ((إخواني إذا فسد الناس أصلحوهم)).

السلام عليكم. أعتذر سلفاً عن هذا السؤال ولكني أطمع بسعة صدوركم قرأت حديث: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق وعرفتهم بي فبي عرفوني).
وفهمت من هذا الحديث أن الله ما خلق الإنسان إلا ليسعده ويظهر كرمه وكمالاته للناس ليسعدهم..
ولكن الواقع الراهن ترى الشقاء والآلام وأكثر الناس للحق كارهون والنتيجة للنار فأين السعادة ولا أستطيع أن أتجرأ أكثر من ذلك.
أطلب المغفرة أعتذر مرة أخرى وأسال هل يجب على أن يسأل هكذا أسئلة أم يسلك طريق إيمانه بصدق ويتناساها حتى يتبدى له الأمر الذي كان يشغله؟

الحديث القدسي: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق وعرفتهم بي فبي عرفوني).
وقد تمَّ هذا الأمر وانقضى، وجميع الأنفس والخلائق عرفت ربها وقتئذٍ بعالم الأزل، وتمتَّعت بجماله وجلاله واستغرقت بفيوض عطائه وجنته العالية الدانية القطوف والتي لا تسمع فيها لاغية، وسُعدت بما غمرها خالقها من المعرفة بذاته العلية، فلم يكن حينها نغص ولا همٌّ ولا آلام ولا أحزان والجميع في السعادة سادرون وبالغبطة ينعمون.

والكلام الذي تفضلت به من الواقع الراهن وما ترى من شقاء وآلام وما إلى هنالك لا ينطبق على نص الحديث القدسي لأن نص الحديث القدسي (فبي عرفوني) عرفوني فعل ماضٍ، ومراد الله تحقق وانتهى، وظهر بذلك الأنبياء والمرسلون ونالوا جنات متسامية متتالية متنامية، لأن الله لا نهاية له وعطاءه تعالى لا نهاية له، كذلك فالأنبياء لم يغيروا فكانوا أبواب السعادة والجنات، أما الذين غيّروا بعهدهم مع الله وأعرضوا لسواه بعدوا عن خالق الكمال والجلال والجمال وأصبحوا الأشقياء بكفرهم. وهذا لا علاقة له بالحديث لأن هؤلاء أعرضوا عن الله فلم يؤمنوا بالله ولم يعرفوه وبالتالي لم يعملوا الصالحات لأن الإنسان المعرض عن ربه يدعو بالشر دعاؤه بالخير، فظن الشر خيراً والخير شراً لعمى القلوب، ولو أنه أقبل على الله واستنار والله هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام لعاش الناس بأمان وعمَّهم السلام، والأنبياء هم الذين يجلبون السلام من الله للناس كما أن سيدنا عيسى المسيح عليه السلام سيمحي الكفر والآلام والشقاء والأحزان ويسود السلام في الأرض ويعيش الناس بجنات متتالية.

أما عن سؤالك: هل من الأفضل أن أسأل مثل هذه الأسئلة أم أسلك طريق الإيمان؟
نقول: يا أخي الكريم بسلوكك طريق الإيمان تنحل أمامك جميع الأسئلة وكل ما يعترضك. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء..}: لا تسأل قبل أن تسلك طريق الإيمان، عليك أولاً أن تسلك طريق الإيمان.
{..إِن تُبْدَ لَكُمْ..}: حسب مفهومكم {..تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ..}: في نفوسكم، إن أقبلت على الله طبع الحق بنفسك فيكون القرآن ذكرى لك.
{..تُبْدَ لَكُمْ..}: فتبدو لك على حقيقتها، كل شيء يظهر لك على وجهه الصحيح وترى الحكمة الإلۤهية فيما ساقه الله إليك.
فرأيكم هذا هو الرأي الصحيح والسديد.
فاسلك طريق الإيمان تَرِبَتْ يداك وحظيتَ بالسعادة والعلم والمعرفة ورضاء الله ولك بالآخرة الأبدية جنات.

السؤال الأول: حديث الرسول "بمعنى الحديث" (عند دخول المسجد لا يجلس أحد حتى يحيي تحية المسجد).
والثاني: (من أصبح حتى تشرق الشمس ولا تجوز الصلاة في وقت الزوال) إن شاء الله فهمت سؤالي.

صلاة تحية المسجد: يحيي المسجد لتكون وجهته منذ دخوله إلى الله والعكوف بين يدي الله تعالى: لأن {..الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} سورة الجن 18. وهناك دعاء يؤكد ذلك وهو موجود بكافة المساجد "نويت الاعتكاف في هذا المسجد ما دمت فيه".

ولا تنبغي الصلاة عند شروق الشمس لأنّ هذه الساعة ساعة التفكر بآلاء الله، الانقلاب النهاري، وهي تنتج صلاة أعلى وأسمى بتسبيح النفس بكرةً كما أمرنا تعالى في محكم كتابه الكريم.

ما صحة حديث عائشة رضي الله عنها التي روت فيه أن الداجن قد أكلت من نسخة القرآن التي كانت معها؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
لا أصل لهذا الحديث يا أخي هل الدواجن تأكل الورق؟! ما هذه التَّرهات يا أخي؟!
وهل نسخة القرآن لهذه الدرجة مهملة لا سمح الله حتى توضع بين الدواجن لتأكل منها؟!
والدواجن لا تأكل الورق، فما هذه الأقوال السقيمة التي لا تمت إلى الواقع بصلة، وعلى كلٍ كان هناك اثنا عشر كاتباً للوحي عند الرسول صلى الله عليه وسلم ونسخة القرآن ليست محصورة فقط عند السيدة عائشة.

ما المقصود بأن النساء ناقصات عقل ودين؟

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم ... آمين
الكمال من الله عزَّ وجل ويتمثَّل هذا الكمال عند السادة الأنبياء والمرسلين الذين لم ينقطعوا عنه تعالى طرفة عين لذا اشتقوا من جانب ربهم أكبر قسط من الكمالات الإلۤهية، وكل من تعلَّق بهم قلبياً وقدَّر كمالهم فبكمالهم يكمل ويتكامل وشرط ذلك أن يؤمن بالله {..وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ..}: يهدي قلبه بهم لأن كلٌ منهم سراجاً منيراً، ولا فرق بذلك بين ذكر وأنثى وبين عربي وأعجمي وبين أبيض وأسود إلا بالتقوى.
أما ما سوى المؤمنين والمؤمنات فهم بالنقص سادرون وفي الخطأ والضلال غارقون.
فكلمة ناقصات عقل ودين تعني أنهن أقل تفكيراً، وهذا لإتمام وظيفتهن مع أطفالهن يداعبهن ويداريهن ويلاطفهن بلا كلل ولا ملل طوال الوقت عكس الرجال الآباء فمهما كان الأب يحب ابنه فلا يستطيع الصبر على مداراته حوالي نصف ساعة حتى يقول خذوه لأمه التي تصبر عليه الليل والنهار. فهذا الوصف " ناقصات عقل ودين " ليس ذماً بحقهن ولكنه لكمال وظيفتهن لأبنائهن وفي ذلك أجرهن وثوابهن فبالصبر على الأبناء وتنشئتهم التنشئة الصالحة، كل ذلك في صحيفتهن وأسباب دخولهن الجنات.
ولدى الرجل تفرُّغ ووقت كافٍ للساعة الصباحية والمسائية، وقيام الليل وغيرها من العبادات، أما النساء ففي عملهن ضمن بيتهن وتربية أبنائهن فهن في شغل دائم طوال الليل والنهار من مرض أبنائهن وبكائهم وتنظيفهم والاهتمام بطعامهم وما إلى هناك من شؤون تشغلهن عن أداء كامل العبادات وتمامها، ولكن الله يعوضهن بأن هؤلاء الأبناء الذين صلحوا بصحيفتهن ويعوَّض هذا النقص وتعود عليهن هذه التربية بجنات تجري من تحتها الأنهار، وإذ بالمستقبل النقص قد أضحى كمالاً.

روى البخاري في صحيحه: «...أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل نام ليله حتى أصبح (أي لم يصل الفريضة) قال: ذاك رجل بال الشيطان في أذنه».
فما معنى قوله: « بال الشيطان في أذنه»؟
وهل الشيطان يبول؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
إنَّ معنى الحديث أنه من ينام الليل كلَّه، حتى أنه يفرِّط بالفرائض فلم يصلِّ العشاء ولم يصلِّ فريضة الفجر أو الصبح وطلعت الشمس وهو غارق في نومه غافل عن عبادة ربه، هذا قد رضخ لداعِ الشيطان ولم ينهض لداعِ الحق، وسار مع عدوِّه الشيطان الذي يلقي في نفسه الأوساخ والأقذار، ويبث في نفسه الشهوات الدنيئة المنحطة والشرور والآثام، فجعل من نفسه إناءً لأقذار الشيطان وأوساخه ليحبِّبه بالرذيلة والمخزي من الأعمال الدنيئة.
إن معنى الحديث صحيح، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لطيف لا تخرج منه هذه الألفاظ، فلفظ الحديث فيه شبهة، أما المعنى الصحيح، أي صبَّ في نفسه الغافلة الشهوات السفلية المحرَّمة والهوى المهلك.

الشرح:
متى نام الإنسان واستغرق بالنوم جاء الشيطان أثناء غفلته وبدأ ينسج على نفسه حب الشهوات الدنيئة، فإن قام على قيام الليل قطَّع ما ينسجه الشيطان وينسجه وخرَّب شغل الشيطان المغرور فيفشل الشيطان في حَبْك الشهوات والميول المنحطة، فإنْ صلى انطبعت الكمالات وحب الفضيلة في نفسه وأشاح عن النقائص والرذالات المذلة للنفس الإنسانية السامية.

(اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).
هل هذا حديث نبوي، أم قول لأحد الصحابة أو العارفين بالله.
- إذا كان حديث صحيح، فما معناه؟
- فكثير من الناس يذكرون هذا القول ويأخذونه حجة لكي تعمل من أجل الدنيا (تجمع المال - تعمر الأرض - تتمتع فيها).

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
هذا ليس بحديث نبوي ولا بقول أحد الصحابة ولا بقول العارفين، لكنه قول أحد الحمقى الذي لم يستعمل تفكيره أبداً فقال قولاً مضحكاً سخيفاً يَضْحك لهذا القول العاقل.
هذا قول متناقض ماله من أساس، كلام جهل، هذا القول التافه لو دققنا بمعناه وناقشنا القول الأول "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً " فإن عمل لدنياه كأنه يعيش أبداً معناه قد حذف الآخرة وكفر بالآخرة وبالله، وغاص بالدنيا غوصاً لا رجعة بعده إلى الآخرة، فهو لم يدع في قاموسه حساباً للآخرة أبداً وهذا كافر بالله ورسوله وكلب من كلاب الدنيا لأنَّ: «الدنيا جيفة طلابها كلاب» وهو يناقض القول الثاني: "واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً" كالمسافرين الذين صدر الأمر بترحيلهم غداً فهل سيعملون لدنياهم كأنهم يعيشون أبداً يضيِّعون رصيدهم وأموالهم كلها ليبنوا القصور الفخمة والمصانع الضخمة وهم سيرحلون منها غداً، أليسوا مجانين من يقولون هذا القول؟! فهل تقبل قول المجانين حاشاك.
هذا القول المتناقض كمن يقول الصيف والشتاء يجتمعان على سطح واحد وهما لا يجتمعان، والذي يعمل لآخرته فهو المستنير والمفتح الذي يرى أن الله هو الرزاق بالدنيا فيعمل للحياة الباقية الأبدية لجناته ولرضاء الله، وذلك بالتضحية بالدنيا للفقراء والمساكين.
يضحي بها لا يعمل لها، بل يعمل لوجه الله ولرضاء الله فيتكفَّل به الله ويرزقه من حيث لا يحتسب ويجعل له من عسره يسراً.
فمن عمل لدنياه أبداً فقد تخلى عن الآخرة بالكلية، فكانت حجاباً عن الآخرة ولن يستطيع في سبيل أن يجمع منها ويمنع أن يعمل للآخرة أبداً، وهذا القول يشبه قول "اُكفر وكن كافراً أبداً وآمن وكن مؤمناً سرمداً" وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، فكيف يجتمع النور والظلمات، كيف جمعهما بهذا القول الشيطاني المتناقض؟!
الدنيا والآخرة لا تجتمعان " فهما ضرَّتان" فلا تجتمع الرذالة والجنة، القول الصحيح هو القسم الثاني:« اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً » أما القسم الأول من هذا القول أضيف له لإفساده كمن يقول لك: " اكفر ولا تؤمن أبداً وآمن ولا تكفر أبداً "
هذان قولان لا يجتمعان، أيهما يختار؟! يختار القسم الثاني للحياة الباقية لا للحياة الفانية، فالفانية مزرعة الآخرة بالإيمان والإنفاق في سبيل بناء الآخرة الأبدية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد من فضيلتكم شرح وتخريج هذا الحديث والذي يستند فيه البعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت يده تلامس يد النساء. والحديث هو:
«إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث تشاء».
وجزاكم الله خير الجزاء.

أخي الكريم: «ما صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة قط» وهذا ما أجمع عليه كافة العلماء الصالحين والسابقين وما عداه فدسوس تشويهية من أعداء الدين لتشيع الفاحشة بين المؤمنين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف يمكن للإنسان أن ينفع والده أو جدَّه المتوفى؟ عملاً بالحديث الشريف: «..وولد صالح يدعو له» إذا كان الأب أو الجد لم يترك مالاً أصلاً؟ هل المقصود أن يدعو الله أن يغفر لهما وأن يقرأ لروحهما الفاتحة في نهاية كل صلاة أم أن هناك مجالات أوسع للموضوع؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
الحقيقة هناك مجالات أوسع للموضوع، فالابن بناء أبيه وعمل من أعماله، وجميع أعمال الابن الخيِّرة تعود بالتبعية لصحيفة أعمال أبيه.
«..وولد صالح يدعو له» فإن كانت للأب نية عالية يبقي الله في ذريته، وإن تداركه الأجل يقوم الابن بإتمام مسيرة أبيه.
ومثال على ذلك: والد موسى بن نصير، كان طموحه أن يفتح الأندلس وأن تهتدي تلك البلاد إلى النور والإيمان، ولم يتحقق ذلك الطموح في حياته فوهبه الله ولداً صالحاً "موسى بن نصير" الذي فتح الأندلس، فكان ذلك الفتح بصحيفة أبيه أيضاً.

إذن: «..ولد صالح يدعو له»: وأعظم الأعمال هي الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، فإن آمن الابن واهتدى للحق واستنار بنور الله وتزكَّت نفسه بصلاتها ووجهتها إلى الله بمعية رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار يعمل المعروف والإحسان وأعظمها هي هداية بني الإنسان وإخراجهم من الظلمات إلى النور ويدعو إلى الله على بصيرة وغدا مرشداً عليماً مستنيراً فصارت الهداية تجري على يديه، وهذا كله عائد لصحيفة الأب الذي اعتنى بابنه وربَّاه ورعاه وبعد موته صار يقطف ثمرة ما زرع وغرس، كمن يسافر إلى بلد آخر وله في البلد الأولى متاجر وأموال فيصله ريعها في كل حين، والله شكور يعطي على القليل الشيء الكثير، وإن كان الأب لديه في دنياه تقصير وتفريط ومخالفات الولد الصالح يزيل جميع المخالفات ويتلافى تقصير أبيه ويزيل العقبات ويمهِّد لوالده الطريق للجنان.
إذن: لا يكفي قراءة الفواتح والقرآن بل لابدَّ من الأعمال الخيرة التي بها دخول الجنان وكما قلنا الابن ثمرة وبناء أبيه وعمل من أعماله وأثر من آثاره، وهو في صحيفته قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ..} سورة يس (12).

السلام عليكم ورحمة الله
هل المرأة خُلقت من ضلع آدم كما تقول الروايات ومنها ما ورد عن البخاري:
3153 - حدثنا أبو كريب وموسى بن حزام قالا: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن ميسرة الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء».
ما رأيكم دمتم نفعاً للمسلمين.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
خلق الله تعالى أمنا حواء عليها السلام كما خلق أبانا آدم عليه السلام من تراب والآن يتم أيضاً خلق الذكور والإناث من تراب على شكل عناصر مادية تتركب بالتراب بمساعدة الماء قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} سورة طه (55). وتتحول الخضر وثمرات متحولة لنطف في الأب، ثم تنتقل لرحم الأم لتتحول إلى أجسام الإناث والذكور بيد مسيِّر الكائنات وتجلِّيه وإمداده.
إذن: الكل من تراب وإلى التراب يعودون، فسيدنا آدم من تراب وأمنا حواء من تراب، وقبلها كنا عند الله نفوساً مجردة لا كيان ولا وجود مادي ولا فرق بين أنثى وذكر، أما التكوين المادّي قال تعالى: {..وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ..} سورة السجدة.
وكلمة الإنسان جمعت الجنسين الذكر والأنثى، أي سيدنا آدم وأمنا حواء، ومن أبينا آدم كان نسل البشرية، فالذكر والأنثى من نسل أبويهما، والولد يُخلق نطفة في صلب أبيه وكذلك الأنثى.
إذن الأنثى من أبيها وليس من ضلع زوجها كما قيل خطأ، وعلى ذلك الأب لا يجوز أن يتزوج ابنته وهذا محرَّم على التأبيد لأنها خلقت منه، وكذلك الأخوة لا يجوز الزواج من بعضهما لتماثل الدم، فكيف يُقال أن المرأة خُلقت من ضلع زوجها؟! فكيف يتزوجها؟!

ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تصبح الشام مروجاً وأنهاراً».
يرجى شرح الحديث لو تكرمتم وما هي هذه الساعة هل ساعة السيد المسيح أو ساعة القيامة؟ لأني قرأت في كتابكم السيد المسيح أنه من علامات الساعة غور المياه في باطن الأرض وجفاف الينابيع وهنا جاء الحديث أنه تصبح الشام مروجاً وأنهاراً. أفيدونا جزاكم الله خيراً

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
لم نجد أصولاً لهذا الحديث بلفظه هذا، إنما الحديث: «لا تقوم الساعة حتى تصبح أرض العرب مروجاً وأنهاراً».
حلَّ الفساد كافة البلاد والعباد.
ومعنى كلمة مروجاً: أي مروا بأمور ممجوجة من مفاسد وملاهي، وهذا ما نراه من مباني خُصِّصت للَّهو والمجون ودور للفجور والفواحش فترى المقاصف والملاهي الليلية في الطرقات موزَّعة هنا وهناك تصدح بالأغاني الماجنة والعروض الخلاعية الساقطة وأنهاراً من الخمور، فأوصلهم هذا الضلال والفساد إلى ما تراه الآن من قتل وسفك دماء وحروب في كل مكان.
وليس معنى الحديث إيجابياً بل سلبياً يمرون بحياتهم المنغِّصة المشوبة بالمرار والممجوجة فلا سعادة فيها ولا راحة بال بما أحدثوه من مفاسد ودور للملاهي التي لا ترضي الله وأنهار من الخمور.
وهذا لا يتضارب مع ما ورد في كتاب السيد المسيح عليه السلام من غور المياه وجفاف الينابيع إذ تقوم الساعة على شرار الناس.

سيدي الفاضل أدامكم الله فوق رؤوسنا.
السؤال: هل سيدنا المهدي عليه السلام على قيد الحياة أم قد وافته المنية ويقول رسول السلام سيدنا عيسى عليه السلام إمامكم منكم فهل الإمام الذي يصلي بالناس هو سيدنا المهدي؟
ولكم جزيل الاحترام.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
هذا حديث صحيح من أحاديث رسول الله ﷺ وهو حديث تفاؤلي أي: إن سارع الناس للاستجابة لله وللرسول فسيقع هذا الحديث بحرفيته «..إمامكم منكم» وإن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم فإن غيَّر الناس نحو السوء فسيتوقَّف هذا الحديث الشريف بأحاديث شريفة تُناسب وضعهم وعلاجهم كذا ورد بكلام الله العظيم وهذا ما لم يحدث.
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا...} سورة البقرة (106).
والأحاديث الشريفة مشروط وقوعها بسلوك الناس والتفاؤل بخير متوقَّع خير ما لم ينتكسوا ويبدِّلوا، هذا وإذا كان الشهيد الذي مطلبه أن تكون كلمة الله هي العليا حي ومن الأحياء عند ربهم يُرزقون الجنات، فما بالك بسيدنا المهدي العظيم الذي لو بقي على قيد الحياة أم وافته المنية فوظيفته جارية وسارية وقائمة وكل ما وعد الله له حتماً سيتحقَّق على كافة الوجوه، فأكرم به وأعظم تزدد سموّاً وعلوّاً فالعلاقة والشفاعة قلبية والسمو نفسي لا جسدي عندها ترفل بثياب التقوى فهو خليفة الله على الناس بعد رسول الله ﷺ وحين يغدو الدين غريباً فهو المنقذ للعالمين.

فانسب إلى ذاته ما شئت من شرفٍ   وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ

- أصلاً العظماء الذين ذكرهم ﷺ وميَّزهم فوق كافة الخلائق وإلى يوم القيامة هما: سيدنا عيسى المسيح رسول الله ﷺ وسيدنا المهدي الإمام العظيم الذي لا يُخطئ.

لدي سؤال يؤرقني وهو أننا عندما نرد بعض الأحاديث الصحيحة إلى القرآن فإننا لا نجد أنها توافق القرآن رغم الاعتراف بصحتها؟ كرجم الزانية رغم أن القرآن أمر بالجلد 100 جلدة مع عدم الرأفة؟
وشكراً يا شيخنا الفاضل.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين، قال تعالى:
{..وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} سورة المائدة (44).
{..وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} سورة المائدة (45).
{..وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} سورة المائدة (47).

قال المصنف رحمه الله تعالى: قال: حدثني عكرمة، قال: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال: «إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم، وخفَّت أماناتهم، وكانوا هكذا. وشبك بين أصابعه. قال: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: إلزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف، ودَع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك، ودَع عنك أمر العامة».
يرجى التكرم بشرح حديث رسول الله عن آخر الزمان بشكل مفصَّل كي نستفيد منه.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
«إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم..»: مرجت لغوياً من المرارة والمجوج. أي أصبحوا لا عهدَ لهم، زمنهم زمن مكر وخداع وكذب وتدبيرات، فلا صدق فيه أبداً، فهم في اضطراب وقلق لانعدام الوفاء فيهم.
«..وخفَّت أماناتهم..»: أصبح المؤمنون أقلَّة ندرة، «فالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأعراضهم»، أما هؤلاء فلا إيمان عندهم ولا أمان لهم، إلا ما دمت عليهم قائماً.
«..وكانوا هكذا. وشبك بين أصابعه..»: عبدوا بعضهم. {..وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ..} سورة الكهف (99). وكفروا لما أصبح الناس كلهم أهل فساد وانعدام الدين فيهم، فهم سواء في قلوبهم على اختلاف أسمائهم فلا فرق في أعمالهم من معاصٍ وفواحش وكبائر فقد ركنت قلوبهم إلى بعضها وخالَلتها وتشرَّبت كل صفاتها وانحرافاتها.
«..إلزم بيتك..»: عليك بالابتعاد عن الناس قدر الإمكان والالتجاء إليه تعالى والحفاظ على أهل بيتك "والداك، إخوتك" قدر المستطاع "زوجتك وبنوك" بكل ما أوتيت من طاقة، فالزمان تياره جارف لا يقف فيه إلا من كان الرسول صلى الله عليه وسلم نصيره، فحافظ على نفسك وعليهم من الاختلاط وإلا فطوبى لمن لا زوجة له ولا ولد في آخر الزمان. ولا علاقة لك بالسياسة.
«..واملك عليك لسانك..»: في هذا الزمن صدر بحثنا، لا يعود للصدق مكان وكل ما تسمع فهو كذب ودجل بل هو برمجة للعقول وفق الدعاية التي أرادها أهل الحل والعقد، فإن كان المرء ممن ينقل كل ما يسمع فهو تابع لهم بل هو مجنَّد لهم من حيث لا يدري.
وطريق الخلاص من الوقوع بهذا الإثم: «..خذ بما تعرف..»: خذ لذاتك، أي لا تتكلم به، خذ من كلام الله وطبِّقه على نفسك لنفسك.
«..ودَع ما تنكر..»: ليس لك سوى أن تترك ما تنكر، ليس بمطلوب منك سوى دفع الشر عن ذاتك وذويك من هذه الأكاذيب.
«..وعليك بأمر خاصة نفسك..»: هؤلاء اهتمَّ بأمرهم، إخوتك في الله ذَويك في بيتك، ممن أنت راعٍ لهم وأنت مسؤول عنهم إن كانوا سائرين على الحق، أما على الباطل والشر فلا، مهما كانت درجة قرابتك منهم: حذار.
«..ودَع عنك أمر العامة»: لا تتدخَّل بالشؤون العامة "فلا يصلح العطَّار ما أفسده الدهر" أنت عليك نفسك، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ..} سورة المائدة (105).
فالله يحفظك من الفتنة وينجِّيك من البلاء الشمولي المرعب القادم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما صحة هذا الحديث (لعن الله النامصات والمتنمصات)؟
وهل إزالة الشعر بالنسبة للمرأة سواء كان في الحواجب، اليدين، الرجلين أو ما بينهما حرام؟

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم ... آمين
ليس في ذلك أي تحريم.
تجب النظافة للزوجة وحسن المظهر ومن حرَّم ذلك؟
على العكس ما جاء بسورة البقرة (223) من حسن المظهر للزوجة وعلى الزوج أيضاً بآية: {..وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ..}: لتُقبل النفسان على بعضهما ويكون النسل قوياً والنظافة من الإيمان ليكون الميل كاملاً، فيدخل ماء الحياة ويخرج من كافة الأعضاء ويكون بناء الطفل كاملاً قوياً لا يشكو الأمراض تقريباً كل الحياة.
للنسل القوي تلزم النظافة وإزالة الشعر وحتى تنظيف الأسنان وحسن رائحة الفم.. إلخ.

ما معنى قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ خلق آدمَ على صورتِه»؟
إن حديث «خلق اللهَ خلق آدم على صورته». ثابت في الصحيح، ومن المعلوم أنه لا يراد به ظاهره بإجماع المسلمين والعقلاء؛ لأن اللهَ عز وجل وسع كرسيه السماوات والأرض، والسماوات والأرض كلها بالنسبة للكرسي موضع القدمين كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة فما ظنك برب العالمين؟
لا أحد يحيط به وصفاً ولا تخيُّلاً، ومن هذا وصفه لا يمكن أن يكون على صورة آدم ستون ذراعاً لكن يحمل على أحد معنيين:
الأول: أن اللهَ خلق آدمَ على صورةٍ اختارها، وأضافها إلى نفسِه تعالى تكريماً وتشريفاً.
الثاني: أن المراد خلق آدمَ على صورته من حيث الجملة، ومجرد كونه على صورته لا يقتضي المماثلة والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أضوء كوكب في السماء» ولا يلزم أن تكون هذه الزمرة مماثلة للقمر؛ لأن القمر أكبر من أهل الجنة بكثير، فإنهم يدخلون الجنة طولهم ستون ذراعاً، فليسوا مثل القمر.
ويتضح مما سبق قولُه صلى الله عليه وسلم: «خلق آدمَ على صورتِه» يعنى: صورة من الصورِ التي خلقها اللهُ وصوَّرها، كما قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ} سورة الأعراف (11). والمُصَور آدم؛ إذاً آدم على صورةِ اللهِ سبحانه وتعالى أعني أن اللهَ هو الذي صوَّره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات؛ قال سبحانه وتعالى: {ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} سورة التين (4).
فإضافة الله الصورة إليه من باب التشريف، كأنه سبحانه وتعالى اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك لا تضرب الوجه فتعيبه حساً، ولا تقبِّحه فتقول: قبَّح اللهُ وجهك، ووجه من أشبه وجهك فتعيبه معنى، فمن أجل أنه الصورة التي صوَّرها الله، وأضافها إلى نفسه تشريفاً وتكريماً، لا تقبِّحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي.
ويدل على ذلك تلك الكلمات: بيت الله، وناقة الله، وعبد الله؛ لأن هذه الصورة أي صورة آدم منفصلة بائنة من الله وكل شيء أضافه الله إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات.
والخلاصة أن اللهَ سبحانه وتعالى له وجه، وله عين، وله رجل سبحانه وتعالى، ويضحك، ويفرح، لكن لا يلزم أن تكون هذه الصفات مماثلة للإنسان، فهناك شيء من الشبه لكنه ليس على سبيل المماثلة، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر لكن بدون مماثلة، فهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة؛ أن جميع صفات الله ليست مماثلة لصفات المخلوقين، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.
ثالثًا إن قيل: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقبِّحوا الوجهَ; فإن ابن آدم خُلق على صورةِ الرحمن». قلت: إن هذه الرواية ضعيفة؛ ضعفها الألبانيُّ -رحمه اللهُ- في "السلسلةِ الضعيفة و الموضوعة" برقم 1176، وغيره من المحققين.
ما رأيكم أستاذنا الكريم بهذه الرواية ولكم الشكر مسبقاً.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
قال تعالى: {..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} سورة الشورى (11).
{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص.
أولاً: تقول (أن هذا الحديث ضعيف): فليس في أحاديث رسول الله ضعف ليس هناك أحاديث ضعيفة، بل أحاديثه صلى الله عليه وسلم من القرآن فلا يمكن أن يتسرَّب ضعف وكل أحاديثه صلى الله عليه وسلم قوية وصحيحة.
{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} سورة النجم.
ثانياً: إن الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تثبت بطلان هذا الحديث وليس له أصل أبداً فليس الخالق كالمخلوق وحاشا لله.
والقرآن الكريم يقول: {..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..}: فلا يمكن أن يتشبَّه تعالى بشيء وهو تعالى ليس بشراً وليس بشيء ولكنه خالق كل شيء. وكذلك بالآية الكريمة: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}: فلا يمكن تشبيه الله سبحانه بصورة.
إذن: من أين أتى هذا الحديث المدسوس القائم على الشرك، إنه خطأ في قصائد المديح النبوي حيث ينشدون فيقولون بشعرهم مدحاً برسول الله: [أنت نسخة الأكوان فيك صورة الرحمن] ولكنهم لو أكملوا القصيدة لرأوا أن هذا القول خطأ فادح إذ قلبوا (السين صاداً) والصحيح أن يقولوا: [أنت نسخة الأكوان فيك سورة الرحمن فاجْمع سور القرآن] وبما أنهم لم يربطوا القصيدة، أولها بما بعدها ففهموا هذا الفهم الخاطئ وظنوا أن ذلك حديثاً فمنهم من صحّحه ومنهم من ضعَّفه، والحقيقة لا يوجد في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما هو ضعيف أبداً بل كلها صحيحة وكلها قوية.
والله تعالى هو الخالق العظيم ولا يشبَّه بالمخلوق و{..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..} والقرآن ينسف هذا القول نسفاً. وعرفنا كيف تسرَّب هذا الدس من خلال فهمهم الخاطئ للمدائح النبوية إذ لم يميِّزوا بين السين والصاد.

هل أم حرام هي خالة الرسول الكريم كما في صحيح البخاري وعلى هذا تكون ملامستها له جائزة شرعاً والحديث صحيح.
أم أن لحضرتكم قول آخر.
ولقد قرأت في صحيح البخاري في باب الجهاد ورقم الحديث 2646 أن أم حرام هي خالة الرسول الكريم وأنتم في كتابكم (السيد المسيح يلوح بالأفق) قلتم إن أم حرام ليست بقريبته فلا يصح أن يجلس عندها وتفلي له رأسه الشريف مع أن الرسول لم يلمس امرأة أجنبية قط.
رجاءً أريد الاستفاضة في الشرح ونفع بكم الله عباده أجمعين.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
طعنات ودسوس شيطانية من أعداء الدين والسحرة على أطهر وأنقى مخلوق في العالمين.
والدة النبي صلى الله عليه وسلم اسمها آمنة بنت وهب، أما أمُّ حرام فهي بنت ملحان وليست بنت وهب وعلى هذا فأم حرام ليست خالة النبي صلى الله عليه وسلم.
وما ذُكِرَ في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة. ج/2/ص/66/ وفي كتاب الطبقات الكبرى ج/7/ص/402/ وغيرها من الكتب على أن أم حرام هي خالة أنس بن مالك، فلو كانت خالة الرسول الكريم فذكْر ذلك أولى.
إذن هذا الحديث من الدسوس والطعن فكيف يترك صلى الله عليه وسلم على هذا الزعم الكاذب والتشويه لسمعة النبي زوجاته الطاهرات الشريفات كلها وينام عند هذه المرأة بالحرام؟
حاشاه صلى الله عليه وسلم من هذه الأقاويل الباطلة، أما في كتاب البخاري فلم ترد أنها خالة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولكن بعض الكتب الحديثة وضعوا وخرقوا هذه الكلمة "خالته" ليدافعوا عن هذا الحديث المدسوس.
وأنت تخشى الدس على البخاري مع أنهم دسوا على أشرف الخلق الكثير من الأحاديث ولم يقلها صلى الله عليه وسلم قط، أفلا يدسون على لسان البخاري؟!
وقد قيل أنها إحدى خالاته من الرضاعة، وهذا ليس مثبتاً كما ردَّه الدمياطي، فأمُّه بالرضاعة هي حليمة السعدية ولا صلة بين حليمة السعدية وبين أم حرام.
وقال آخرون كانت خالة أبيه أو جده لأن عبد المطلب كانت أمه من بني النجار، أيضاً هذا كلام غير منطقي لأنه ذكر أن أم حرام توفيت في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، فكم سيكون عمرها على هذا الزعم.
وما قاله البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب "لم يكن بينهما محرميــة ولا زوجيــة".
وقد استند البعض لهذا الحديث المزعوم "قصة أم حرام" أجازوا الخلوة بالأجنبية والنظر إليها على أن أم حرام أجنبية بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأقاموا فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، واستندوا على هذا الحديث المدسوس وضلّوا كثيراً وأضلوا كثيراً.
إذن فهي ليست خالته ومتفق على أنها أجنبية وعلى هذا ما كان للنبي أن يخالف كلام الله وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وينام عند امرأة أجنبية.
وهذا الحديث لا أصل له أبداً بل من الدسوس اليهودية للطعن بعصمة أشرف مَنْ خلقَ الله.

ما معنى الحديث النبوي: «عجبت لقومٍ يساقون إلى الجنة بالسلاسل».

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
هنالك من المسلمين أناس طيبون طاهرون سالكون طريق الدين، ولكن أحياناً يُلعب عليهم، حب الدنيا يكاد يهلكهم ويحوِّلهم عن الصراط المستقيم ويقعون في ما لا يرضي الله، وهم طيبون إذ لم يبلغوا مبلغ الإيمان الراسخ القوي، فالله سبحانه وتعالى وبما أنهم عندهم قابلية للخير يرسل لهم الشدائد ليشدَّهم إلى الصراط المستقيم عندها يزهقون دنياهم ويعودون إلى الخير والصدقات، فيزهقوا طريق الغي ويذكروا أخطاءهم ويعودوا إلى الهدى، ثم أنفسهم تتراجع بالرخاء وتبدأ بأن تستهوي الدنيا ومفاتنها ويبدؤوا بالانحراف عن جادة الحق والكمال، فيُعيد عليهم الشدائد لأنهم بالشدة يستيقظون، فيرفع عنهم الله الشدة وكلما ضعفوا وعادوا لطرق الهلاك وكادوا أن يهلكوا أنفسهم أيقظهم الله بالشدة حتى يخرجوا من هذه الدنيا سالمين غانمين في الجنات خالدين، ولو أنهم سلكوا مسالك الإيمان على أسس صحيحة لسلموا بالإكرام والإنعام بدل الشدة والآلام فهؤلاء نواياهم خيِّرة وفيهم خير ولكن عندهم ضعف أمام مفاتن الدنيا الدنية الوسخة فالله يحفظهم ويوقظهم بالشدة.

عن جابر رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فدخل على زينب بنت جحش فقضى حاجته منها ثم خرج على أصحابه فقال لهم إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فمن وجد ذلك فليأت أهله فإنه يضمر ما في نفسه» رواه البخاري.
أيضاً أخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام الدستوائي وقال فإن ذلك يردُّ ما في نفسه.
هذا الحديث رواه البخاري فكيف يتوافق هذا الحديث مع عصمة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
نحن نصدِّق ما قاله البخاري، ولكن إن وجدنا أن ما روي عن البخاري عكس ما قاله الله بالقرآن عندها نعلم أن البخاري ما رواه حقاً ولكن دُسَّ كذباً على البخاري، لأن الدس سرى على من هو أفضل وأعلى وأسمى من البخاري أي دسُّوا أحاديث سامَّة كذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا يدسُّون على البخاري، واكتشفنا أنه دس لأنه خالف كلام الله.
فالله يقول عن رسوله المعصوم بسورة النجم: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} فكيف بهذا الحديث الدجل يقول أن بصره صلى الله عليه وسلم زاغ واشتهى امرأة وحاشاه.
كما ينقض هذا الحديث الإفك قوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}.
هذا الحديث قد ينطبق على رجل لا إيمان عنده وإيمانه ضعيف، وهذا إن وقع عليه وأثَّر به النظر للحرام ورأى امرأة بالحرام فقضى حاجته بالحلال.
أما على السادة الأنبياء لا سيما سيدهم فهذا منكر من القول وزوراً، وهو حديث شيطاني لا نقبله بحق أطهر الخلائق والله يكذِّبه بصريح القرآن، فلا نصدِّق يا أخي قول الزور والإفك بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو دسُّوه زوراً على البخاري، واستفتِ نفسك ولو أفتاك المفتون وأفتوك، فأنت والحمد لله لم يمكروا بك بهذا الحديث الدس الباطل لأنك وكما قلت تعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم.

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأ أبو الفضل بن إبراهيم ثنا أحمد بن سلمة ثنا إسحاق بن منصور ثنا المخزومي يعني أبا هشام ثنا وهيب ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطى والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن منصور. [13288].
هل هذا الحديث صحيح؟
فإذا كان صحيحاً كيف يتوافق هذا الحديث مع أسماء الله الحسنى؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
من أجل مثل هذا الحديث حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا إن كانت الأمور بيد الله، فما ذنب الإنسان إذا أجرم؟
وإن كان الله قد وضع فينا الشهوات والغرائز فكيف نمتنع عن الشهوات؟
قصَّ عليهم صلى الله عليه وسلم قصة سيدنا يوسف عليه السلام وأن الإيمان والتقوى تحفظ صاحبها وتكون سبباً لكسب رضاء الله ونوال الجنات.
وهذا الحديث ينفي الاختيار عن الإنسان وجعله غير مكلف وغير مسؤول عن عمله مع أنه {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} سورة الزلزلة.
والله ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، فإن كان ينهى فكيف كتب عليه الزنا أم أن القرآن غير صحة وحاشا لله. حديث لا أصل له على المؤمنين.
هذا الحديث المزيِّن للفحشاء والمضل للمسلمين يعمِّم الفاحشة على كافة بني آدم بقوله: «كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا..» فلم يستثنِ المعصومين من السادة الأنبياء والمرسلين الذين لم ينقطعوا عن الله طرفة عين، وهذا يبيِّن كذبهم ويفضحهم إنهم شياطين الإنس من الذين يحبون أن يشيع الفاحشة في المؤمنين فلم يكسر رؤوسهم بالعالمين إلا فضيلة عالمنا العظيم محمد أمين شيخو قدس سره ومدد الدائم في الليل والنهار.

أود السؤال عن الحديث التالي «من بدل دينه فاقتلوه» هل هو صحيح؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
هذا الحديث صحيح بزمن الرَّدة ولا يصح في الأزمنة الأخرى، لا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عمَّرَ وهناك من بدؤوا يخربون، والله يقول في سورة البقرة (106): {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا..}: لكل زمان ما يناسبه من آيات، والقرآن للعوالم كلها حتى الرسول الكريم الذي قال هذا القول هو بذاته لم يقتل في القتال أحداً في حياته من رحمته، فالله أرسله رحمةً للعالمين ولكل زمان أحكام في القرآن تناسب الزمان حتى هو صلى الله عليه وسلم قال أنه في هذا الزمان: «ألزم بيتك وأمسك لسانك وعليك بخاصة نفسك واترك عنك أمر العامة»
وعلى هذا الزمان يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ..}: عندها الله يحفظكم عند وقوع الساعة وينجيكم فيها.
إذن لا ينطبق القتل على من بدَّل دينه أبداً بل إكرامه ليرجع عن الضلال.
قال تعالى عن هذا الزمان: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ..} سورة الكهف (99).
إذن بهذا الزمان لا يحق لك إلا أن تعتني بنفسك واترك عنك أمر العامة، كما قال صلى الله عليه وسلم.

سؤالي عن أناس يؤمنون بالقرآن الكريم جملة وتفصيلاً وبكل ما جال به أما عن السنة النبوية فيأخذون فقط بالسنة العملية التي تناقلتها الأجيال المسلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم عبر القرون.
أما الأحاديث الشفهية الواردة فلا يأخذون بها أي لا ينفونها ولا يثبتونها.
فما قولكم في هذه الفئة؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
1- روي أنَّ الإمام البخاري قرأ ستمائة ألف حديث، لم يقبل إلا برواية أربعة آلاف حديث اعتبرها صحيحة.
أما الإمام النووي فلم يأخذ من مجمل الأحاديث الشفهية إلا "الأربعون حديث النووية" ولم يأخذ من أحاديث البخاري إلا هذه الأربعين حديث.
فما قولك بهذه الفئة، أي بهذين الإمامين؟!
2- ليس المهم كون الأحاديث المروية شفهية كانت أم مكتوبة، بل المهم مطابقتها وموافقتها للقرآن الكريم كلام الله الخالق العظيم، فرسول الله أبداً لا يخالف ربه في كلامه القرآن، فكل حديث يناقض القرآن ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا وقد رويت أحاديث في الكتب التسعة ما لا يعد ولا يحصى، ونحن نذهب إلى ما قاله الصادق العظيم صلى الله عليه وسلم:
«أعلم أنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فردوه إلى كتاب الله فما وافقه فهو مني وما خالفه فليس عني» ويوجد عدة صيغ لهذا الحديث لعدة أئمة.
هذا قولنا بهذه الفئة وغيرها، والسلام.

ملاحظة:
الكتب التسعة: بخاري- مسلم- الإمام أحمد في مسنده- النسائي- أبو داوود- ابن ماجه- الدرامي- الترمذي - الإمام مالك.

هل من الحديث ما يقال «من زار قبري وجبت له شفاعتي»؟
وهل تتحقق هذه الشفاعة إن كان الزائر من غير أهل التقوى والإيمان؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
يشعر أثناء الزيارة بهذه الصحبة والشفاعة القلبية إن كان تقياً، بعد الزيارة تحدث الشفاعة للمؤمن أو إثر سلوكه الصادق بالإيمان.
أما إن لم يكن من أهل التقوى والإيمان، لابدَّ له حتى تحصل له الزيارة والشفاعة والصحبة القلبية من أن يكون قد قدَّم عملاً صالحاً يبيِّض وجهه به ويُكسب نفسه ثقة من عملها، فإذا كانت له أعمال برِّ وإحسان ومساعدة لأهل الحق تحصل له بهذه الزيارة أحوال قلبية ونعيم على حسب عمله.

هل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اختلاف أمتي رحمة»؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
الحديث لأصحابه الكرام (الحكماء العلماء الذين كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء).
(أمتي): أي الذين أمّوا له صلى الله عليه وسلم بقلوبهم ولا ينفكون عنه بأنفسهم، فهؤلاء أتقياء أصفياء علماء وهم الصحب الكرام ومن تابعهم بإحسان، هؤلاء يسوسون الأمة ويختلفون لصالحها وهم ضمناً وحقيقةً متّفقون، وطالما تمثيلهم الاختلاف لخير الناس فهم برضاء الله مغمورون وبالتوفيق والنجاح مكلَّلون، وإلا فالاختلاف إذا كان للاختلاف والأهواء فهو من الشيطان، وليس عن هذا الجانب يتكلم أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم.

ما هو حكم الدعاء بـــ(اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه)؟

إنه دعاء لا أصل له عكس دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
المؤمن يطلب العفو والعافية، والعفو هو المحو وإزالة الشيء تقول: عفت الرياح على الأثر أي أزالته ومحته.
وفي دعاء القنوت تقول: (...واصرف عنا شر ما قضيت...) فالمؤمن يطلب صرف البلاء، وذلك بالتوبة والإنابة إلى الله ومحاسبة النفس لأن الإنسان لا يستحق البلاء إلا من حصيلة أعماله وجني يديه (فأعمالكم عمالكم تكال لكم ثم ترد إليكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر).
فإذا استحق الإنسان العلاج والمصيبة وغيّر فيما بعد وأناب إلى ربه بالتوبة فسرعان ما يتوب الله عليه ويرفع عنه الشدة والبلاء {..إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ..} سورة الرعد: الآية (11). إذن يطلب ربنا منا التغيير لكي لا يقع علينا البلاء {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ..} سورة النساء: الآية (147): لماذا العذاب والبلاء وما حاجته، إن آمن الإنسان صلح عمله، والدعاء القائل: (اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه) يدل أن صاحبه لا يريد تبديل ما بنفسه حتى يتغير واقعه ويرتفع عنه البلاء، ولكن يريد التخفيف واللطف في هذا البلاء فلِمَ البلاء له؟ فالدعاء لا أصل له يتنافى مع حضرة الله، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا..}: تجلَّ علينا بنورك، اطلبوا الشفاء والإقبال على الله والتنعم بالقرب منه. (وقولوا انظرنا): انظر عملنا بعين الرضا يا رب. ولكن كيف ينظر إليكم بعين الرضا {..وَاسْمَعُوا..} سورة البقرة: الآية (104): طبقوا دلالته، اسمعوا ما حلَّ بمن خالف، فكر استدل، اسعَ لتحصل لك صلة مع الله، عندها ينظر إليك بعين الرضا.

والمؤمن لا يطلب البلاء ولا اللطف بالبلاء، إنما يطلب الغفران والعفو بإصلاح عمله والإقبال على الله لتشفى نفسه.
والقرآن طافح بالدعوة إلى التوبة والإنابة لرفع الشدة والبلاء والعذاب. إذن ليس قضاءً مبرماً ولا قدراً محتماً، بل هناك إمكانية كبرى في هذه الحياة الدنيا للتغيير والتبديل.

القرآن كامل ولا يحتاج مساعده - فكيف الحديث يكمل القرآن كما يقال؟
هل كتاب الله يحتاج لمساعدة - سورة فصلت تنص على أن القرآن فصلت آياته ولا يحتاج إلى تفصيل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
{الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} سورة هود (1).
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ..} سورة الروم (58).
فالقرآن كامل مكمل ولا يحتاج المساعدة.
أرجو الشرح. وشكراً.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
لو قبلنا بما يقولون: أن الحديث يكمِّل القرآن. معنى هذا أن القرآن ناقص، والقرآن كلام الله، وإذا كان كلام الله ناقصاً معنى هذا أن صاحبه ناقص وحاشا لله من هذا القول وتعالى علواً كبيراً، تكاد السموات يتفطرن وتندك الجبال دكاً من أقوالهم.
أخطأ من ظنَّ يوماً أن الحديث يكمِّل القرآن، ولو كان الحديث كما يقولون: يكمِّل القرآن لكان فرضاً على الصحابة الكرام أن يجمعوا الحديث كما جمعوا القرآن، فهم أفضل وأحق من الأئمة الستة، وهم أشرف وأعلى منهم ومن المفسرين جميعاً، وهم سمعوا الخطاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدوِّنوا الحديث لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كتب شيئاً عني غير القرآن فليمحُه».
خرج عليهم صلى الله عليه وسلم وسألهم: ماذا تفعلون؟ فقالوا: نكتب ما نسمعه منك، فقال لهم: «أكتاب مع كتاب الله! إنما أهلك الأمم الذين من قبلكم أنهم جعلوا كتاباً مع كتاب الله». فعمد الصحابة إلى ما جمعوه فأحرقوه.
فمن هو أعلى من الصحابة الكرام الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه حتى يجرؤ أن يكتب الحديث كتابة مع كتاب الله؟!
أو ليس هذا من الشرك؟!
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِك..} سورة النساء (48).
{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} سورة لقمان (13).
وليس معنى هذا أننا نقول: أن الرسول لم يتحدث أبداً، ولكن نعلم أن حديثه القرآن، فإذا رأينا حديثاً مطابقاً للقرآن وموافقاً له صدَّقناه، وإلا رددناه وقذفناه. أما قولهم "لا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم" أنه قال ويالهول ما زعموا: «أوتيت القرآن ومثــله معه» فجعلوه وحاشا لله بذلك "وهو تعالى الذي لم يكن له كفواً أحد" فجعلوا الرسول بأقوالهم نداً وكفواً لله، وكيف لم يجعلوه إذا كان أشهر التفاسير على الإطلاق قد كتبه ساحرٌ وكذاب أشر ألا وهو "جلال الدين السيوطي" في تفسير الجلالين "الكاذبَيْن" الشهيرَيْن والذي زعم هو و أمثاله أن رسول الله وحاشاه "سُحِر" هذا ما قاله هذا الساحر، وأنه عبس في وجه الأعمى، وأنه أخطأ وأخطأ، وأنه ضُرِبَ وذُل {..وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} سورة المنافقون (8).
فاربأ بنفسك يا أخي "رضوان" أن ترعى مع هؤلاء الهمل الذين يتبعون قول مثل هذا المفسر الساحر، الذين يقولون أنها أحاديث النبي وهي أحاديث السحرة، حتى لم يبقَ من الدين إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه.
أخي الكريم رضوان شيخو: إن الله عزَّ وجلَّ ليس بحاجة لمساعدة أحد أو معونة مخلوق وهو الصمد الذي يمدُّ الكائنات جميعها، والكل مفتقر لعطائه ولا يستمد من أحد.
فهذا الكون العظيم يشهد بعظمة خالقه وكماله، إذ أن صنعه تعالى كله كمال بكمال وليس فيه نقص أو شائبة، هذا صنع الله. وكذلك قوله تعالى كصنعه لا يستطيع أحد قول مثله ولو اجتمعوا له، فكلامه تعالى أيضاً غاية في الكمال والإتقان وليس بحاجة لمكمِّل أو متمم، وما الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلا مبلِّغ كلام ربّه الذي يوحى إليه بكل أمانة دون زيادة أو نقصان، قال تعالى في سورة يونس (5): {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ..}: بكل أمانة.
فالحديث فهمُ الرسول صلى الله عليه وسلم العالي للقرآن كلام الله العظيم، لأنه لم ينقطع عنه ودوماً سامع له ولا يقبل إلا أمره ولا يرضى بالشـرك من الذين يقولون: أنه يتمم أو يكمِّل كلام الله، فكلامه كمال الكمال ليس بناقص.
والرسول صلى الله عليه وسلم بقربه العالي من ربه فَهِمَ القرآن فهماً سبق العالمين طرّاً، وكلٌّ يفهم على درجة قربه من ربه قال تعالى:
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} سورة الرعد (43).
أي: من عنده علم الكتاب، عالمنا محمد أمين شيخو قدس سره، من فَهِمَ القرآن مثل فهمه العالي؟ وهذه كتبه منشورة في معظم الكرة الأرضية شاهدةُ صدقِ على ما نقول كتأويل القرآن العظيم- درر الأحكام في شرح أركان الإسلام وغيرها لقوله تعالى:
{وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} سورة البقرة (282).
فعالمنا اتقى الله حق تقواه، فأعطاه الله لنا ما أعطاه في كتبه القيّمة، والله يطلب منا أن نتقيه لنفهم كلامه، لا أن نضيف عليه لقوله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ} الكلام لنا أيضاً {وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}.
والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأتِ بكلمة من عنده، إن هو إلا وحيٌ يوحى علَّمه شديد القوى، وعلمه صلى الله عليه وسلم كان قرآناً وبيانه شرحاً للقرآن.
قال تعالى في سورة الحاقة: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}: وهذا لم يحصل ولم يكن أبداً، إذن: فالرسول مبلِّغ كلام ربِّه وكلام الله كامل تام لقوله تعالى في سورة الأنعام (38): {..مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ..}: فلا يحتاج لمكمِّل أو متمم ولا نقص فيه وحاشاه من النقص والحديث المكمِّل لذلك النقص!
ولكي يعرف الإنسان كمال القرآن ويدرك حقائقه يجب أن يكون من الأتقياء الذين أوتوا العلم فالقرآن {..هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ..} سورة العنكبوت (49).
وكلام الله ليس بحاجة لمساعدة إنما بحاجة لفهم، وذلك لا يكون إلا بالتقوى فالقرآن {..هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ..} [البقرة: 2]، {..وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ..} [البقرة: 282].
كما أن القرآن ليس بحاجة لتفسير، لأنه بيِّن واضح، لكن أنت بحاجة إلى تأويل للقرآن الكريم، والتأويل بحاجة للرجوع للأول بلا بداية، أي إلى الله، أي: {..وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ..}، فالقرآن يُؤَوَّل تأويلاً ولا يفسرُّ تفسيراً.

تعقيب من الأخ السائل على الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أشكركم جزيل الشكر على ردكم وأشكر السيد الأستاذ الديراني للجواب على سؤالي.
لقد كان جوابكم من أروع وأشجع الأجوبة للحقّ. هذا هو بالضبط ما كنت أنظر له، بارك الله فيكم. أرجو السماح إن أخطأت بالكتابة لأني متعود على الإنكليزية وأحاول الكتابة بالعربية.
أنا رضوان شيخو حفيد أمين شيخو رحمه الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رضوان شيخو

السلام عليكم: كلما قرأت حديث "كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف" أقف عند النقطة التالية {كنت كنزاً} ما الذي حدث حتى أحب الله أن يُعرف؟ مثلاً كنت جالسا فأحببت أن أراك نشأ الحب نتيجة أني أعرفك ولو لم أعرفك كيف أحب أن أراك.  وإذا نظرنا إلى الكون وما فيه من مخلوقات ونظام وترابط بين ذرته ومجراته يجعلنا نقر بأن يدا واحدة صاغته ولكن كيف تم ذلك؟ أي هل كان هناك تصور أو بمعنى كتلوك قبل الخلق وشكرا لصبركم علينا.

كنت كنزاً مخفياً: كان الله ولا شيء معه، لا سماء ولا ماء ولا أرض ولا جبال ولا إنسان ولا جان ولا حيوان، فأحبّ الكريم أن يظهر كرمه ورغب الله عزّ وجل أن يخلق المخلوقات ليعرفهم بذاته العلية وليعطيهم من فيض بره وكنوز إنعاماته ويغمرهم بجناته فخلق الخلق ووضعهم في الجنة لينعموا ويسعدوا.
ألا يعلم تعالى من سيخلق ويكرم! هل هو تعالى مخلوق!
وهذه الرغبة ذاتية نابعة من ذاته العلية، فهو تعالى يؤثر ولا يتأثر ويغيّر ولا يتغيّر، وتصرفاته تعالى ذاتية من ذاته العلية، ولم يكن حينها أي مخلوق، بل هو تعالى أراد وصمم وصور وخلق فالله يعلم ما يريد وما يحب، وليس كمثله شيء، فلا تشبهْه بالمخلوق الذي لا يرى إلا مايريه الله، وهو وضع له البصر

هل جاء في الحديث أن من علامات الساعة أن تلد الأمة ربتها، فما معنى ذلك؟

نعم هذا الحديث واقع راهن في حياتنا وهذا ما نراه في يومنا الآن فترى الأم هي التي تخدم ابنتها وتهيئ لها سبل الراحة من مطعم ولباس وتدبير شؤون المنزل في حين نرى البنت تلقي الأوامر، وتفرض الطلبات التي تلبي رغائبها وشهواتها ولا يهمها إلا دراستها وحفظياتها.
فأصبحت الأم جارية وعبدة عند البنت، والبنت تتبع شهواتها المحرمة فتأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف، والأم كالعبدة تطيعها. أصبحت هي السيدة تغدو وتروح إلى شؤونها المتحضرة وإلى أصدقائها وإلى شهواتها والأم عبدة مأمورة، بل والبنت هي تعلِّم أمها الجاهلة المنكر، تعلّمها التفتق والذكاء وربما تنهرها وتزجرها لما تراه من أمها من سذاجة عن الفساد وسفاهة لأنها متدنية تقليدياً ورجعية متخلفة "هذا بنظرها الأعوج". في حين كان في القديم الأم هي السيدة والآمرة الحاكمة على ابنتها تأمرها فتمتثل البنت لأمر أمها مربيتها التي تريد لها الحفظ والستر والصلاح والطهارة والجنة بالسعادة بالدنيا والآخرة.
أما اليوم أصبح العكس، فأصبحت البنت هي التي تربي أمها، تعلِّمها الفساد والضلال والأم عبدة ووصيفة عند ابنتها المتحضرة. وهذه من علامات الساعة.
الخلاصة: سُمّيت الأم: أمة، أي جارية عبدة لشهواتها، فبدلاً من أن تربي ابنتها على الفضيلة ساعدتها على السير في طريق الرذيلة بل وسارت معها وهذا ما يحصل في آخر الزمان.
والبنت: هي مربية لأمها تعلمها الفساد والضلال.

سافرت إلى بعض البلاد وكنت أرسل لأبي ما أدخره من أجل أن يبني لي بيتاً أو يشتري أرضاً أكسب منها عيشاً عندما أعود إلى بلدي، فوجدت أبي سجل ما اشتراه باسمه هو وقال إنه شركة بينك وبين إخوتك، ولما قلت له:
وأين كسبي؟ قال لي، أما تعرف أن الرسول قال للولد: أنت ومالك لأبيك؟ فهل هذا صحيح؟

(أنت ومالك لأبيك): لا أصل لهذا القول أبداً لأن القرآن نسفه، قال تعالى في سورة التكوير: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}. فليس للأب أن يفعل بابنه أو ابنته ما شاء، وليس الابن أو البنت ملكاً لأبيهما يفعل بهما ما يشاء  "هذا كلام رب العالمين".
وإنما هؤلاء الأولاد نفوس كنفسه وليس للأب عليهم سوى ولاية التربية، فإن أحسن تربيتهم تقرَّب بذلك إلى ربه، وإن هو لم يقم بما عليه من واجب التربية وأساء تربيتهم فلابدّ أن يقف بين يدي ربه للسؤال عن تقصيره، فالأولاد أودعهم الله أمانة عند هذا الأب فعليه أن يراعي حق الأمانة، فإن أحسن التربية وأنشأهم على الصلاح كان له الأجر والثواب.
وقال صلى الله عليه وسلم في حق من يحسن تربية ابنته أو ابنه، عندما قال: (من عنده ابنتين وأحسن تربيتهما، كنت أنا وإياه في الجنة كهاتين) وضمَّ إصبع السبابة إلى الوسطى مشيراً إليهما، فقال الرجل: (وإن كانت ابنة واحدة) فأجابه صلى الله عليه وسلم: (كذلك وإن كانت بنتاً واحدةً، كنت أنا وإياه في الجنة كهاتين).
وهذا غير صحيح فهذا القول الشيطاني (أنت ومالك لأبيك): جاء مطلقاً ويشير إلى أن للأب كامل الإطلاق والأمر في شؤون ابنه وماله.
والحق يقال أن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله، فالقول الصحيح (أنت ومالك لله)، وليس للأب سوى ولاية التربية، ولا طاعة لمخلوق أبداً ولا طاعة إلا لله الذي يرزقهم ويسقيهم {..نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ..} سورة الأنعام: الآية (151).
فهل الأب خلق ابنه وركبّه هذا التركيب البديع في بطن أمه، هل كان يعلم أهو ذكر أم أنثى، أم هو الذي يرزقه بالغذاء حتى نما وكبر؟! فمن الذي يدير الفصول الأربعة ويدير الكون كله وينزل المطر لينبت الزرع والثمر ويغلفها حتى تكون لهذا الولد؟ فهل للأب يدٌ وتصرف في ذلك فهل هو الذي صنع ابنه حتى يكون ملكه، هل هذا الولد صُنعَهُ أم صنع الله؟!
ومن أخرج له من ثديي أمه الحليب الصافي النقي المناسب له، وأمده به إثر خروجه إلى هذه الحياة؟
فالذي يرزقنا ويسقينا وبالخير العميم يشملنا وبرحمته وعيون رعايته يكلؤنا، هو أحق من كل مخلوق ولو كان أولي قربى، ولله الطاعة وحده ولا شريك له، وللوالدين الإحسان {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً..} سورة لقمان: الآية (15).
فلو كان هذا الحديث صحيحاً لطبقه الصحابة الكرام، فهل سار أحدٌ من الصحابة مع آبائهم أم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالفوا سير آبائهم عباد الأصنام؟!
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ..} سورة التوبة: الآية (24). فهذه الآية تناقض هذا القول (أنت ومالك لأبيك) "بل أنت ومالك وأبوك لله" كما في الآية: {لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ..} سورة البقرة: الآية (284). ولا أحد يملك شيئاً في هذا الكون ويأخذه معه، فالإنسان لا يملك إلا عمله الصالح الذي يعود عليه بالجنات أو عمله السيئ الذي يعود عليه بالنيران، فلا عبودية إلا لله والقول الحق (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالطاعة لله وحده والإحسان للوالدين (فنحن ومالنا لله) وما كان لله فهو المتصل وما كان لغير الله فهو المنقطع.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: لقد علمنا أن الأحاديث النبوية جاءت لتبين للناس القرآن الكريم فماذا عن الأحاديث القدسية ما سرها؟ وجزاكم الله كل الخير.

الحديث النبوي: هو شرح رسول الله لكلام الله (القرآن) وفهمه العالي الذي فهمه من كتاب الله وتبيان مراد الله، فالرسول يشرح ويتكلم عن مراد الله من آياته في القرآن، ويتكلم للناس بحسب إدراكهم وعقولهم فيشرح لهم كلام الله، وهذا هو الحديث النبوي.
أما الحديث القدسي: فهو عندما يريد الله أن يخاطب عباده ويكلمهم فهنا هدف الله أن يكلم عباده مباشرة، فهنا يترك الرسول المجال لحضرة الله أن يتكلم بلسانه للناس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لسانه بالله ينطق.
وعامة المسلمين لا يستطيعون سماع خطاب الله لهم مباشرة، وقد يسمع المقربون والأبرار منهم ولكن الكثير لا يستطيع ذلك، فيتكلم معهم الله عز وجل عن طريق رسوله وبلسانه ويخاطبهم مباشرة، والرسول يقول لهم الآن الله هو المتكلم ولست أنا.
إذن: عندما يتكلم الله مباشرة مع عباده عن طريق رسول هذا حديث قدسي، أما الحديث النبوي: فهو فهم الرسول العالي لكلام القرآن وشرحه له.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
‏حدثنا ‏أحمد بن منيع ‏حدثنا‏ ‏هشيم ‏أخبرنا ‏يونس بن عبيد ‏ومنصور بن زاذان ‏عن ‏حميد بن هلال ‏عن ‏عبد الله بن الصامت قال سمعت‏ ‏أبا ذر‏ ‏يقول: ‏ (‏قال رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏إذا صلى الرجل وليس بين يديه كآخرة‏ ‏الرحل‏ ‏أو كواسطة‏ ‏الرحل ‏قطع صلاته الكلب الأسود والمرأة والحمار فقلت‏ ‏لأبي ذر ‏ما بال الأسود من الأحمر من الأبيض فقال يا ابن أخي سألتني كما سألت رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏فقال الكلب الأسود شيطان).
إن لي صديق راعي ولديه 3 كلاب سود يحرسون المواشي.
ما صحة هذا الحديث وهل الكلب الأسود شيطان يقطع الصلاة!

الكلب حيوان أليفٌ وفيٌّ لا ينسى المعروف، فهل الشيطان وفيّ؟!
الكلب حيوان أليف يحمي القرى من هجمات الحيوانات المفترسة بما يحدثه من نباح جماعي يبعد به الوحوش المفترسة، فهل الشيطان مفيد للإنسان أم أنه عدو مبين؟
وسنة 1971 سمّموا الكلاب في بلد تدعى خان أرنبة فصارت تهاجم الضباع البلدة من أول الليل وحرمت القرويين فيها من الخروج طول الليل من بيوتهم.
وكما تفضلت يا أخي: بأنّ الكلاب تحرس المواشي، فالكلب صديق مخلص للإنسان، والشيطان شهد تعالى بأنه عدوٌ مضل مبين، يعتدي على الأعراض فاتخذْه عدواً، الكلب يحمي المؤمنين "أهل الكهف" والشيطان عدو للمؤمنين.
يا أخي الكريم: لقد سألت وأجبت بنفسك الجواب الصحيح، فعلام تسألنا؟! "بأنهم حيوانات للأمن والسلام وحفظ الأنعام".
والآن، الكلب الأسود هو حيوان غير مكلف، لم يحمل التكليف، والشيطان من المخلوقات المكرمة المشرفة بالتكليف والتي حملت الأمانة ثم خانت وشطنت أي بعدت عن الله فشاطت أي أصبحت نيران تحرق كل من تلامسه وتمسه فتصيبه بالأمراض النفسية، أو تقضي على حياته، فكيف يصبح من لم يكلفه الله، تجعله مكلف خان الأمانة! هذا لا يمكن.
فلا يمكن للشيطان أن يكون كلباً مهما كان لونه، ولا يمكن للكلب أن يكون شيطاناً. وهذا الحديث الذي تقول أنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم موضوع لا أصل له، وأنت أجبت أنّه موضوع، فنكرّر علام تسألنا؟!
فهذا الحديث موضوع لا أصل له وهو مدسوس.
كذلك سمح تعالى باستخدام الكلب بالصيد، والله لم يسمح لنا باستخدام الشيطان لأنّه عدو مضل مبين.

بسم الله الرحمن الرحيم
الذي أظنه أنه لا يمكن للمريد أن يسبق مرشده لأن هذا المريد أصلاً بصحيفة مرشده، والسؤال:
كيف يكون لمؤمن هذا الزمان أجر سبعين صحابياً "كما ورد بالحديث الشريف" علماً أن كل ما يفعله من خيرات هو بصحيفة أولئك الصحابة الكرام المجاهدين الفاتحين؟! والكل بصحيفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرة.
مع جزيل الامتنانات على اهتمامكم بالأسئلة.

يتحدّث صلى الله عليه وسلم في كلامه عن إخوانه أي إخوانه المخصّصين بأصحاب الأزليات، أي: عن رجال لزمن سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام.

قرأت في أحد كتب التفسير حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن جنس الجنين فقال: (إذا علا ماء الرجل ماء المرأة فهو ذكر، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل كانت أنثى).
كيف يمكن الموازنة بين هذا الحديث والعلوم الحديثة التي تقول أن جنس الجنين يحدد بنوع الحيوان المنوي؟ و شكراً.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد:
ليس هذا الرأي بصحيح ولا ذاك الرأي بصحيح والحقيقة أن هذه الأمور كلها بيد الله قال تعالى: {..يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ} سورة الشورى (49).
فالله يختار ما فيه الخير للإنسان، فإن كان الخير أن يُرسل للإنسان أنثى فيبعث له أنثى إذ بيده تعالى الخير، وإن كان الخير أن يُرسل للإنسان ذكر فيبعث له ذكر.
أما: (إذا علا ماء الرجل ماء المرأة فهو ذكر، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل كانت أنثى). هذه الأقوال لا أساس لها لأنها تخالف نص صريح القرآن، فما قاله صلى الله عليه وسلم أبداً بل هو حديث موضوع.
وفي الحديث الشريف: (أعلم أنكم ستختلفون بعدي فما جاءكم عني فردّوه إلى كتاب الله فما وافقه فهو مني وما خالفه فليس عني) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في الحديث الشريف قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((...والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء...)).
- ما الفرق بين النور والضياء؟ ولماذا اختص الرسول الصلاة بالنور والصبر بالضياء؟
- وما معنى الصدقة برهان؟
ولكم جزيل الشكر.

الصلاة نور: لأن فيها السراج المنير صلى الله عليه وسلم. فهي نور عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وضياء عن طريق القرآن الذي يتلوه في الصلاة، فهذا صحيح لأن القرآن كلام الله وقد ذكر تعالى عن كلامه التوراة أنه ضياء في قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ} سورة الأنبياء: الآية (48).
فكيف كانت التوراة أو القرآن فرقاناً تفرق بها بين النافع والضار والخير والشر؟ لأن فيهما: {..ضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ} لأنهم مستنيرين بالضياء، فالأشعة الصادرة عن الشمس ضياء، والأشعة الصادرة عن القمر تسمّى نوراً. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً..} سورة يونس: الآية (5).
والصدقة برهان: لأنها تبرهن على صدق الإنسان، وحقيقة الصدقة أن تنبع عن محبة ورضى وشوق للإنفاق، وبهذا الإنفاق كمن يبيع البضائع ويربح ببيعها فيتمنى أن يبيع أكثر ويربح أكثر، فإذا حصل له هذا النور في الصلاة، ينفق مما آتاه الله، لأنه يرى الربح المتزايد بالإنفاق وهي برهان صدقه ويكسب بنفسه أضعاف ما ينفق من المال المادي، أما عن الفقرة الأخيرة وهي الصبر ضياء نعلم أن الخير كل الخير في الصبر وفي الصبر على ما نكره خير كثير لأنه {..فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} سورة النساء: الآية (19). والعكس صحيح: {..وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ..} سورة البقرة: الآية (216).
ففي الصبر يصل الإنسان إلى أعلى المراتب التي يستطيع الإنسان الوصول لها. ونُعَرِّفُ الصبر: هو الصبر في القتال والصبر عن الشهوات المحرمة، أما الصبر في الشدائد والمصائب لأن المؤمن يعرف أنها ما جاءته إلا مما قدمت يداه فلا ينسبها للغير، بل هي من نفسه فيصبر حتى يشفيه الله، وأيضاً الصبر على إخوانه المسلمين لينهض بهم من الإسلام إلى الإيمان.
فهؤلاء الذين صبروا نالوا أعلى المراتب وهم ممن وصفهم تعالى أذلَّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين، وهذه أعلى درجة مما سبق على الإطلاق وجاءت بسورة العصر هي الدرجة الأخيرة والعليا: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}: لأنه بصبره هذا نجح بهداية إخوانه من الإسلام إلى الإيمان، وإن لم يصبر عليهم يكون قد قطعهم وبالتالي قطع نفسه.
ومن صبر ظفر ومن لجَّ كفر، والكفر لا ضياء فيه بل في الظلمة وهي عكس الضياء.

السلام على من عرفنا بالحق وأخذ بيدنا من الظلمات إلى النور.
السيد الفاضل الأستاذ عبد القادر ما صحة هذا القول: (أنت ومالك لأبيك)؟ وربما كان الأب مستقيماً أو العكس، فهل يحقُّ له فعل ما يريد من عطاء أو حرمان؟ أو هل يحقُّ للأب إعطاء ولد أكثر من ولد آخر؟

(أنت ومالك لأبيك):
لا أصل لهذا القول أبداً لأن القرآن نسفه، قال تعالى في سورة التكوير: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}. فليس للأب أن يفعل بابنه أو ابنته ما شاء، وليس الابن أو البنت ملكاً لأبيهما يفعل بهما ما يشاء "هذا كلام رب العالمين"، وإنما هؤلاء الأولاد نفوس كنفسه، وليس للأب عليهم سوى ولاية التربية، فإن أحسن تربيتهم تقرَّب بذلك إلى ربه، وإن هو لم يقم بما عليه من واجب التربية وأساء تربيتهم فلابدّ أن يقف بين يدي ربه للسؤال عن تقصيره، فالأولاد أودعهم الله أمانة عند هذا الأب فعليه أن يراعي حق الأمانة، فإن أحسن التربية وأنشأهم على الصلاح كان له الأجر والثواب.
وقال صلى الله عليه وسلم في حق من يحسن تربية ابنته أو ابنه، عندما قال من عنده ابنتين وأحسن تربيتهما (كنت أنا وإياه في الجنة كهاتين). وضمَّ إصبع السبابة إلى الوسطى مشيراً إليهما، فقال الرجل: (وإن كانت ابنة واحدة)؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم: كذلك وإن كانت بنت واحدة (كنت أنا وإياه في الجنة كهاتين).
فهذا القول (أنت ومالك لأبيك): جاء مطلق ويشير إلى أن للأب كامل الإطلاق والأمر في شؤون ابنه وماله.
والحق يقال أن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله، فالقول الصحيح: (أنت ومالك لله)، وليس للأب سوى ولاية التربية، ولا طاعة لمخلوق أبداً ولا طاعة إلا لله الذي يرزقهم ويسقيهم {..نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ..} سورة الأنعام: الآية (151).
فهل الأب خلق ابنه وركبّه هذا التركيب البديع في بطن أمه؟ هل كان يعلم أهو ذكر أم أنثى؟ أم هو الذي يرزقه بالغذاء حتى نما وكبر؟ فمن الذي يدير الفصول الأربعة ويدير الكون كله وينزل المطر لينبت الزرع والثمر ويغلفها حتى تكون لهذا الولد؟ فهل للأب يدٌ وتصرّف في ذلك؟ فهل هو الذي صنع ابنه حتى يكون ملكه؟ هل هذا الولد صُنعه أم صُنع الله؟ ومن أخرج له من ثدي أمه الحليب الصافي النقي المناسب له؟ وأمدّه به إثر خروجه إلى هذه الحياة؟
فالذي يرزقنا ويسقينا وبالخير العميم يشملنا وبرحمته وعيون رعايته يكلؤنا، هو أحق من كل مخلوق ولو كان أولي قربى، ولله الطاعة وحده ولا شريك له، وللوالدين الإحسان: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً..} سورة لقمان: الآية (15).
فلو كان هذا الحديث صحيح لطبّقه الصحابة الكرام، فهل سار أحدٌ من الصحابة مع آبائهم أم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالفوا سير آبائهم عباد الأصنام.
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ..} سورة التوبة: الآية (24). فهذه الآية تناقض هذا القول: (أنت ومالك لأبيك)، وسيدنا أبو بكر قال: (أطيعوني ما أطعت الله فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم).
فالطاعة لله وحده والإحسان للوالدين، (فنحن ومالنا لله). وما كان لله فهو المتصل وما كان لغير الله فهو المنقطع.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما صحة هذا القول: (خير القبور الدوارث) أهو صحيح أم لا؟ وإن كان صحيح فهل المقصود فيه طمس قبور الصالحين والأتقياء أم ماذا؟

القول المفترى والدس ذكرته يا أخي بلفظٍ خاطئ، وتصحيح اللفظ: (خير القبور الدوارس) بالسين وليس بالثاء.
كلمة: (القبر) مأخوذة لغوياً من: قُبَّة وبرَّ، وبرّ: أي ظهر، والقبة: هي الشيء الظاهر المرتفع من الأرض.
وبهذا القول: (خير القبور الدوارس) وقعوا في التناقض والخطأ، فكيف قبر وهو الشيء الظاهر المرتفع كالقبة، وكيف دوارس أي ممسوح لا وجود له ولا ظهور، فاللفظ يدلّك على أن هذا القول مدسوس، والله يقول في كتابه العزيز: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ..} سورة التوبة، الآية 84. فكلمة القبر واردة في القرآن فكيف ينسفونها؟! أنصدقهم أم نصدق كلام الله؟! الله أثبت وجود القبر، أما الداسّون قالوا أنه ممسوح لا وجود للقبر بل درسوه من عندهم، فلِمَ يصدّقهم بعض الناس ولا يصدّقون كلام الله؟!
كذلك في قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} سورة عبس: الآية (21): أي وضعه في القبر. ولو كان مدروساً لما أتت: (أقبره)، ولما وردت في القرآن العظيم.
ولو كان هذا القول صحيح لطبّقه الصحب الكرام والسلف الصالح، وما نراه في دمشق أن أضرحة الصحابة وقبورهم موجودة ومعروفة إلى الآن، وكذلك قبر سيد الخلق سيدنا محمد في المدينة معروف وليس مدروس، يزوره الناس من كل جانب. لو كان هذا القول صحيح لأزال الصحب الكرام قبر الرسول ولم يبنوه له، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من طبّق ذلك.
وفي القبور عبر ومواعظ كبرى تلجم النفس عن الاسترسال بالدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة القبور).

ما مدى صحة الحديث التالي (..ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام..)؟
ولماذا الشام وليس مكة؟
وشكراً

الحديث كاملاً:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام).
لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، بل يُشاهد بما يريه الله من حقائق، وقد نظر في أهل الشام فرأى فيهم القابلية للخير وأن نصر الإسلام سيكون عالمياً بواسطة أهل الشام ومن الشام، وقد حدث ذلك فعلاً بعهد الأمويين وعهد عبد الملك ابن مروان، حيث أوصلوا علم الهداية إلى بلاد ما وراء النهر إلى سمرقند، وإلى الهند والصين.
وكذلك الرؤيا التي رآها صلى الله عليه وسلم، بأن عمود الكتاب "أي القرآن" يُسحب من تحت رأسه، فنهض مذعوراً واطمئن حين نصب في الشام ولم ينصب ثانية في مكة، وعرف أن الحق في آخر الزمان بعد انهيار المسلمين وهجرهم للقرآن، وتبعتهم إلى حيث تشرق الشمس من مغربها، عندها سيكون ظهور الكتاب ثانية في الشام كما ظهر على لسانه الشريف أول مرة، يكون النصر للإسلام من بلاد الشام، إذ سيكون لديهم من القابلية للاستجابة للدين بحيث يظهر القرآن ثانية عندهم، ومعلومٌ بأن سيدنا عيسى سيظهر بالشام ليكون الملك العالمي لنشر الحق والحقيقة والدين في العالم كله من الشام، من أرض يقال لها الغوطة من مدينة يقال لها دمشق هي خير بلاد المسلمين للمسلمين يوم الملحمة الكبرى.
لأن سيدنا المهدي العظيم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وكذلك سيدنا عيسى صلى الله عليه وسلم الذي سيكون وأتباعه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، وكل ذلك من الشام.
حيث كانت بعهد الأمويين مركز العصر الذهبي للإسلام والذي ذكرته وأيدته كافة التواريخ العالمية.

هل من الممكن أن يخالف رجل إجماع أمّة بأكملها في أحاديث صحة عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم؟! ولو كان يمكن لقال من شاء ما شاء، مع العلم أنه لا يمكن أن تجتمع الأمّة بأسرها على ضلالة.
والله يهدينا ويهدي المسلمين جميعاً لما يحب ويرضى.

يا أخي الكريم: سامحنا سامحك الله.
تقول: [هل من الممكن أن يُخالف رجل إجماع أمّة بأكملها]؟
لقد اجتمعت الأمم كلها بكافة الأزمان والأجيال على ضلال تامٍّ، فيأتي رسول نبي يجاهد بالله ويجالد ويناضل حتى يقلبها إلى الهدى. وقد اجتمعت الأمم ليس العربية فقط بل كلُّ الأمم على وجه البسيطة الفارسية والزردشتية والرومانية، كلهم كانوا على ضلال حينما جاء رسول الهدى فهداهم سبيل الهدى والرشاد وأخرجهم من الظلمات إلى النور. فهل تفضّلت وتفكّرت بما تقول قبل أن تلفظ هذا الكلام، فإن كانوا مجتمعين على عكس كلام الله فالواجب أن تخالفهم. وهل تحبوننا أن نقبل بغير الله حكماً ومصدراً أم تأمروننا أن نشرك به ونقبل قولاً غير قوله ولو نسبوه زوراً لرسول الله والرسول بريء منه لأنه لا ينطق عن الهوى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} وحاشاه صلى الله عليه وسلم {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} سورة الحاقة: الآية (44-46).
فما يقولونه صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مخالفته لصريح القرآن فهو باطل وطعن بالدين: {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً..} سورة الأنعام: الآية (114). هل هؤلاء الذين يتّبعونهم هل هم الذين خلقوهم وهل هم الذين يأتوهم بالمأكولات والخيرات والملذات؟ وهل لأحد منهم يد أو تصرّف غير يده تعالى حتى نتّبعهم؟! وهم لم يخلقونا ولا بالأمطار يرزقونا وبعد الموت لا يرزقوننا، فهل نتّبعهم ونخالف كلام الله؟! فهل هذا مقبول؟!
نعم جميع الأمم أجمعت على الضلالة، كذلك في عهد سيدنا عيسى عليه السلام كانوا على ضلال رغم كل المعجزات التي جاءهم بها ورغم كل الأسفار ظلَّ اليهود على ما هم عليه من ضلال، فهل كانت أسفارهم على حق أم كان سيدنا عيسى المسيح عليه السلام على حق؟
وأنت تقول يا أخي أن هذه الأحاديث صحت عن رسول الله، فهل تقبل يا أخي بشهادة الزور؟ تقول صِحة عن رسول الله، فهل سمعت بأذنك لتشهد أنه صلى الله عليه وسلم قالها، ولتشهد الحق؟ أم لم تسمع وتُشهر بصحة ما لم تسمع؟ وكفى بذلك بهتاناً وزوراً. فطالما أن هناك مدارس إسرائيليات ومدارس فارسيات وزردتشتيات دسّت ما دسّت على رسول الله، فكيف نأخذ منها؟ وتقول أنها صحّت عن رسول الله وهي صحت عن الزردشتية أو الإسرائيلية، فأين أصبح دينك يا أخي هل هو تبع للإسرائيليين أم للزرادشتيين؟! أم رضيت بدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أتمَّ الأديان وأكملها.
وتقول لو كان يمكن أن تجمع أمّة على ضلال لقال من شاء ما شاء. لقد قال في هذه المدارس المنظمة من شاء ما شاء واتّبعه الناس على غير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
فيا أخي لماذا تريد الناس أن يسيروا على ضلالة وعلى تبعية عمياء عن فلان وفلان وقد ماتوا {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ..}: الآن هؤلاء الذين تتّبعهم. {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا..}، فلِمَ تسير معهم إذن؟ {..أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا..}: الآن؟! {..أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا..} سورة الأعراف: الآية (195).
هذه المقاومة هي نفس المقاومة التي قاوم الناس بها رسول الله.
فيا أخي: لا طاعة لكلام مخلوق فوق كلام الخالق، فإن كان هذا الرجل نفى هذه الأحاديث الشركية الضّالة المضلّة بما جاء به من كلام الخالق وكان وحيداً في العالم، فنحن نتبعه لأنه مع الخالق العظيم لا مع الأكثرية من الناس العمياء {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ..} سورة الأنعام: الآية (116).
فهذا الذي تفضّلت به يا أخي بدون نيّة ولا قصد هذا هو طريق الشرك {..إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ..} سورة المائدة: الآية (72). إذ الشرك أن تسمع كلاماً غير كلام الله ولو أفتاه كافة المفتون وأفتوه، فالواجب مثل هذا الإنسان الذي مشى وفق كلام الله أن نتبعه لأنه يتبع كلام الخالق العظيم، ومصيرنا جميعاً إلى الله إن أطعناه دخلنا الجنة وليس إلى أيّ مخلوق ولن نقبل أن يعلو على كلام الخالق.
وقد قلت: أنه لا يمكن أن تجتمع الأمة بأسرها على ضلالة. وفي الواقع قد اجتمعت الأمة كلها في كل أنحاء المعمورة بلا استثناء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضلالة، حتى الصحابة الكرام كانوا قبل مجيئه صلى الله عليه وسلم في ضلال مبين، كيف تقول هذا الكلام وقد اجتمعت أمة سيدنا لوط صلى الله عليه وسلم على ضلالة أيضاً؟
فيا أخي كفانا الله جدلاً، وتكفي الحجة والدليل المنطقي والقرآني لنا واعظاً، لا نحب أن نتجادل وتتباعد قلوبنا عن بعضها ونرجو الله أن يجمعنا عليه ووفق قرآنه العظيم الذي نطق به وأمرنا باتباعه سيدنا محمد النبي الأمي العظيم، استند إلى كتاب الله وكلام الله، وعلامة الإفلاس الاستئناس بالناس.
وهاك مثالاً عن حديث صحيح لديهم ومتفق عليه وبأشهر كتبهم فهو عندهم صحيح، فلنناقشه حتى نرى مدى صحته، إذ اتهموا رسول الله بحديثهم الصحيح لديهم أنه: (كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته، وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم...). فمن هي أم حرام هذه حتى ينام رسول الله عندها؟ هل هي زوجته؟! أليس لرسول الله زوجات ولكل منهن حجرتها الخاصة بها وينام عندهن؟ ما حاجته أن يذهب إلى امرأة أجنبية؟ إلا أن تكون فرية نكراء، ودسيسة خبيثة. وهذا الحديث يُثبت أنه قال من شاء ما شاء، وكيف تصدِّق هذا الحديث على رسول الله أشرف الخلق؟! وهو الذي لم يصافح امرأة قط. فكيف ينام عند امرأة أجنبية؟! فهل يليق هذا بمقام رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم العظيم الطاهر؟! بل ويترفَّع عن عمل هذا العمل حتى غير المؤمن، فكيف تطلبون منا أن نصدِّقه على رسول الله ولو رواه من رواه؟! فنحن لا نقبل الطعن بالرسل الكرام البررة وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وقولهم كانت أم حرام تفلي رأسه، ما الذي كانت تفليه برأسه؟! هل هذا الظن يليق برسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقت "وهو المشغول دائماً بالدعوة" للذهاب والنوم عند أم حرام؟! ومهام العباد والبلاد كثيرة وهي ملقاة على عاتقه.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الهادي المهدي، مبرَّأ من تلك الترهات ومن كل هذه الأقوال التي تخطِّئه، لأن الله برَّأه بقوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} سورة النجم: الآية (2). فهل تصدِّق كلام المخلوق أم كلام الخالق العظيم؟!
لذا، نرجو أن تحكّم العقل والمنطق فيما تسمع، وأن تجري مقارنة فكرية بين كلام الذي يخالف الأمة وبين الكلام الذي أجمعت عليه الأمة، وأن يكون الفكر حَكَماً حيادياً نزيهاً مستنداً إلى المنطق وكلام الله القرآن.
ثم انظر أيهما يوافق كلام الله "القرآن" الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والعقل والمنطق. لأن المصدر التشريعي الأول لديننا ولكافة المذاهب والطرق الإسلامية في العالم هو القرآن الكريم، فلا يجوز أبداً وقطعاً الخروج عن القرآن الكريم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أعلم أنكم ستختلفون بعدي فما جاءكم عني فردوه إلى كتاب الله فما وافقه فهو مني وما خالفه فليس عني).
وأنا أدعوك أن تقرأ كل ما قاله هذا الإنسان، فإن وجدت في كلامه واحدة تخالف كلام الله القرآن، فعندها قل ما شئت. كما أدعوك أن تقرأ ما أجمعت عليه الأمة وترى ما فيه من ضلال وأوهام وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان ولا وجود لها في كتاب الله القرآن ولا يقبل بها العقل ولا المنطق، ولك الحكم بعد ذلك مما تراه. وكما ورد في أحد الكتب الصحيحة لدى الإجماع (الإمام مسلم)، ولكن هناك بعضها يناقض نص صريح القرآن إليك ما ورد ومثله عدد لا بأس به:
(عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فردَّ الله له عينه، وقال: ارجع إليه وقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب ثمَّ ماذا. قال: ثم الموت. قال فالآن قال: فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجرة..).
ومن هذه الرواية يتضّح لنا أن سيدنا موسى يكره الموت، مع أنه من المعلوم أن الموت تحفة المؤمن، ولا راحة لمؤمن إلا بلقاء وجه ربه، أوليس سيدنا موسى من المؤمنين حتى يكره لقاء الله ولا يريد الموت بزعمهم! وكافة المؤمنين يتمنّون الموت، وكافة الصحب الكرام يحبونه، كما كان يشير سيدنا خالد بن الوليد: جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة. فهل الأولياء أعظم من الرسل النبيين؟!
كما تمَّ الإجماع من قِبَلِ الأمة بأجمعها على أن سيد الرسل الكرام والأنبياء العظام قد سُحِر، وأجمعوا فكانوا بذلك مثل كفرة قريش بهذا الزعم الباطل، تماماً كما زعم كفرة قريش وكما ورد في الذكر الحكيم: {..إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً} سورة الإسراء: الآية (47). والآن أجمعوا جميعاً على أن سيدنا محمداً رجلٌ مسحورٌ، أي: ثبّتوا جميعاً ما قاله كفرة قريش، وصادقوهم بل وثبّتوا ذلك، فالسابقون قالوا ذلك قولاً، أما هؤلاء جعلوه فعلاً "والعياذ بالله".
كذلك لم تجتمع الأمة على ضلالة فحسب بل اجتمعوا على اتّهام النبي بأنه ارتكب الفاحشة مع السيدة أمنا زينب "أستغفر الله" من هذا القول، وذلك بأنه دخل عليها دون مهر ولا كتاب.
كما قال الإجماع: بأن المعصوم الذي لم ينقطع عن الله وهو وحي يوحى، أنه أخطأ بتأبير النخل ودمَّر الموسم، وبعد ذلك تنصل من المسؤولية "على رأي الإجماع"، وبعد أن خسّرهم أمور دنياهم والموسم قال لهم: أنتم أعلم بأمور دنياكم. أهذا معقول وهل هذا منطق؟! أهكذا يكون الإجماع على وصم النبي بالجهل؟! والله يقول: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} سورة النجم الآية 5. فكيف نرضى بهذا؟! أإجماعٌ ضدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك الكثير من الأخطاء والتناقضات والدسوس الإسرائيليات والزردشتية، فما هذه الأمة التي تتفق أو تجمع على ذم إمامها ومنقذها وسيدها رسول الله! أيّ عاقل يقبل بأي من هذه الدسوس وهي كلها مخالفة لكلام الخالق العظيم؟! ونحن نؤمن أنه لا كلام ولا طاعة لمخلوق عن طاعة وكلام الخالق العظيم الذي خلقنا وأطعمنا وربّانا وإليه مصيرنا.

الأستاذ الفاضل: هل هذا الحديث صحيح؟ وإذا كان كذلك نرجو الإيضاح والشرح.
(إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين..) إلى آخر الحديث.
ولكم جزيل الشكر.

نعم هذا الحديث صحيح، قاله صلى الله عليه وسلم وتحدّث به، وكان خطابه وقتئذٍ للصحب الكرام الذين جاهدوا بالله واجتهدوا وله آووا وقد نصروا، هؤلاء الذين صاموا رمضان حقاً فصدقوا وما بدّلوا تبديلاً، وأعطوا وجهتهم لدين الحق ولم يحنثوا بعهدهم أبداً، فعندما صاموا حقاً وبلغوا الغاية التي شرع من أجلها الصيام وهي التقوى، أي: الاستنارة الدائمية بنور الله، بعدها فتحوا البلاد وهدوا قلوب العباد إلى الحق جلَّ وعلا، فغدت الأرض بهم وبفتوحاتهم جنات، إذ أزالوا جميع المحرمات والفواحش من البلاد التي فتحوها، فأغلقت بذلك أبواب النيران ونشروا الهدى بين العباد، وهذا كله بفضل صيامهم وبلوغهم التقوى، إذ صفدت الشيطان، فكسروا العرب المرتدة، والفرس أخمدوا نيرانهم وأدخلوهم دين الحق، ولم يبقَ أمامهم سوى الروم فأطلق سيدنا أبو بكر خالداً وقال كلمته المشهورة: (والله لأنسينّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد)، وانكسر الروم أيضاً أمام هذه الفئة القليلة من المؤمنين، الذين إذا كان واحد منهم في جيش لا يُهزَم هذا الجيش أبداً، لأنهم صاموا رمضان وبلغوا التقوى وهي الدرجة العليا التي يبلغها الإنسان ليكون من الفائزين بالدنيا والآخرة.
فالحديث خصّصه صلى الله عليه وسلم بفترات معيّنة ولم يعمّمه حين تحدّث به، ولم يذكر أنه لهذا الزمان، وطالما كان لأصحابه وبزمانه فالحديث إذن خاص بأصحابه الكرام، كما قد يقع ثانية في عهد سيدنا المهدي العظيم وسيدنا عيسى النبي الكريم ويمتد إلى يوم القيامة: {..جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ..}: وهم بالطبع أتقياء. {..فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ..}(1).
والسؤال: هل أيُّ حديثٍ تحدَّثَ به الرسول لأي صحابي أو يخصّ أيّ فئة من الصحب الكرام، هل يحق لنا أن نعمّمه على كافة الناس؟ فالحديث صحيح ووقع وانطبق في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسينطبق إن شاء الله في عهد سيدنا عيسى عليه السلام.

أستاذي الكريم: أود أن أسأل عن معنى الحديث التالي، وما مدى صحته إن كان صحيحاً:
(إنما أنا بشر مثلكم وإنكم لتختصمون إلي فلعلّ أحدكم ألحن بحجته فأقضي له على نحو ما أسمع فإن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أكون قد اقتطعت له قطعة من النار).
هذا الحديث دار جدل كثير حول مدى صحته أرجو التبيان والإرشاد.
جزاكم الله عنا كل خير.

يقول الله تعالى: أن هذا الحديث حديث إفك وكذب، لأن الله يقول لرسوله: {..لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ..} سورة النساء: الآية (105). فهل يحكم الله بالخطأ! فهل يريه الله أن الذي يلحن بقوله أنه على حق! حاشا لله. فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحكم إلا بالحق الذي أراه الله، والله يقول: {..وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ..} سورة محمد: الآية (30).
فهكذا يقول الله أن هذا الحديث مدسوس لا أصل له، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه مكرهم وخداعهم، فهؤلاء منافقون ولم يخفَ على الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المنافقين.
{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} سورة النجم: الآية (5). فهل يعلِّمه أن يمشي بالخطأ؟! وهل الرسول يُخدع بالكلام؟! فأين بصيرته إذن؟! ألا يرى بنور الله الحقائق وهو الذي يريها للعالمين! أخطأ من ظنّ يوماً أن هذا الحديث صحيحٌ.
الله تعالى يقول: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} سورة النجم: الآية (2). فكيف يقولون أن الفصيح ضلّله وأن البليغ أغواه عن الحق وحكم بخلافه؟! وحاشا لله أن يمكن هؤلاء من رسوله وهو المهدي إلى الصراط المستقيم.
والله يقول عن هؤلاء الفصحاء والبلغاء: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} سورة التوبة: الآية (97).
فهل يصدِّق الرسول هؤلاء الفصحاء وينطلي عليه خداعهم؟! حاشا وكلا، والحديث لا أصل له وهو من الدسوس الخبيثة.

أستاذي الفاضل إن الحديث الشريف: (يولد الإنسان على فطرة).
والسؤال: إن الإنسان الذي يرتكب المعاصي كالكذب والسرقة والقتل إلى آخره دون سن البلوغ، هل لا تزال صفحة نفسه بيضاء نقية كما ذكر في التأويل أم يولد على الفطرة ساعة ولادته فقط؟ أم ماذا؟
ولكم جزيل الشكر. 

إن الحديث ذاته وفي إتمامه يجيبك على سؤالك: (يولد الإنسان على الفطرة فأبواه إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).
إذن: يولد على الفطرة، فإذا تلوث بعد ذلك فتلوّثه ليس منه، بل بسبب من دفعه وهو غير مؤاخذ على هذا، وكل عمل يعمله الإنسان قبل سن البلوغ إنما هو بسبب أبويه ومن حوله، والأعمال التي تصدر عنه ليست نابعة من ذاته، إنما هي بدافع المؤثرات التي تطرأ عليه، فنفس الطفل كالمرآة الصافية ينطبع فيها كل ما تتجه إليه، فإذا أهمل الأبوان غلامهما وألقوه في تيارات المجتمع الهدّامة المهلكة الفاسدة وما فيها فسوق وفجور وإجرام، فهذا ليس ذنب الولد إذ لم يكن الإنسان وقتئذٍ قد اكتمل الفكر لديه، وليس بمستطيع أن يميّز بين الخير والشر وليس لديه المقدرة على أخذ القرار لذاته والسير به وأبواه يحكمانه، وهو عرضة للمؤثرات ودوافع الغير، فكافة أعماله غير مؤاخذ عليها بل المؤاخذة كلها على من بسببه كان ذلك الفعل من الأبوين {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ..} سورة الأنعام: الآية (140).
أما بعد سن البلوغ وفي السادسة عشر يكون قد اكتمل جهاز التفكير لديه، ونضج وهو عندئذٍ قادر على التمييز وأخذ القرار وتحمّل المسؤولية، فلا تأثيرات جانبية عليه أبداً. فلو حدّثته نفسه بمعصية أو ارتكاب الحرام، وهو من الذين ساروا مع أهل الحق وفي دين الله فهو قادر على المحاكمة الفكرية والمقارنة والاستنتاج وإيجاد الفرق الشاسع والبون الواسع بين الحلال الذي يرفع الرأس ويعزّ الإنسان وبين الحرام المخزي المنحط، فيكفّ عن الحرام ويسلك سبل الحلال والإيمان.
أما قبل سن البلوغ فليس على الإنسان أيّ مؤاخذة فكل المسؤولية على من دفعه، فالإنسان قبل سن البلوغ الذي لم يكتمل نضوج جهاز التفكير لديه فهو غير مؤاخذ على أعماله، إنما كل المؤاخذة على الأبوين اللذين جرّاه إلى هذه الأعمال، أو المجتمع الذي تركاه والداه له، فإن مات فهو إلى النعيم المقيم والسعادة والسرور ويعود صفحة نقية بيضاء لا شائبة فيه {..إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} سورة الإنسان: الآية (19).

السلام عليكم:
سيدي الفاضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له). نرجو من حضرتكم شرح هذا الحديث الشريف ولاسيما في قضية دعاء الولد الصالح، وبماذا يمكن أن يفيد الولد الصالح أباه سواء كان الأب سالكاً طريق الحق أم غير سالك؟
ولكم جزيل الشكر.

- الصدقة الجارية:
وهي عمل صالح يدوم خيره بعد وفاة الإنسان، كمسافر عاد إلى بلاده الأصلية وظلّ ريع عمله الذي عمله في البلاد الأخرى يعود عليه بالثراء والغنى ولم ينقطع عنه.
وكذلك مثل إنسان قام بمشروع خيري، وثم انتقل من هذه الحياة وبدء استغلال هذا المشروع بعد وفاته، وبدأ الفقراء يستفيدون من نتاج هذا المشروع الخيّر، وظلَّ الأجر والثواب يتوارد على ذلك الإنسان بسبب هذا المشروع الجاري وبسبب استفادة الفقراء والمساكين، فهو يتساءل من أين لي هذه الخيرات ولم أعملها؟ فيقال له: بلى إنها ريع عملك.
أو كمسجد أسّسه وبدأت تُتلى فيه الدروس الدينية وتُقام الصلوات والذكر، ويستفيد الناس بهذا المسجد ويتقرّبون إلى الله، فيعود على المحسن الذي أسّس المسجد نتاج عمله بالأنوار والخيرات وهو بالعالم الآخر.
أو كبناء وقف للفقراء والمحتاجين والطاعنين في السن العاجزين عن العمل، كالتكية السليمانية في دمشق القديمة، وهذه أصلها أن أهل الخير والإحسان بنوها ووضعوا فيها الغرف لسكن العجز الفقراء والمقطوعين والطاعنين في السن، مع تأمين طعامهم وكسائهم وكافة السبل لراحتهم من وقف آخر يُستغل لرفد هذا الوقف. فيبقى هذا العمل الخيري جارياً وتعود نتائج هذا الوقف على المتوفى بالأنوار والسعادة والسرور في الآخرة، وتعتبر صدقة جارية.
كذا وُجِدَ من أهل البر والإحسان من خصص أراضي زراعية وقف للمساكين، يعود محصولها ومردودها للفقراء والمساكين، تماماً كما فعل العلّامة الإنساني محمد أمين شيخو، حينما أرشد أخاه سليم شيخو إلى عمل خيري، وذلك عندما حضر الموت سليم شيخو فسأل أخاه عن كتابة الوصية، فأرشده بأنه يعلم أن لديه أرضاً غالية الثمن في المركز التجاري في إسطنبول. وخطط له أنه يجعل ريع الحوانيت في الطابق الأول وهي حوانيت غالية الثمن باهظة الآجار بحسب موقعها، كذلك الطابق الثاني أن يجعله مكاتب تؤجر وكذا الطابق الثالث والطوابق العليا الباقية كلها جعلها مساكن للفقراء بحسب العوائل الفقيرة وعدد أفرادها غرفة ومنتفعاتها إن كان العاجز وحيداً وغرفتين إذا كانت أرملة ولديها بعض الأولاد، وثلاث غرف إذا كانت العائلة أكبر والأب عاجزاً.
ثم وضعُ محاسبٍ فاضلٍ وتخصيص راتب محدّدٍ شهري له، لكي يجمع ريع الحوانيت والطوابق والمكاتب ويوزّعها كرواتب شهرية للفقراء المساكين الذين يسكنون في الطوابق العليا كلاً على حسب حاجته وحاجة عائلته وما يلزمه، أي: (من دهنه سقي له).
هذه الوصية التي أوصى أخاه بتطبيقها اهتداءً بقول الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ..}سورة البقرة: الآية (180).
لكن أخاه حينما حضرته البرقية وعليها المخطط، حالاً أحضر المهندسين والمتعهدين وبدأ مباشرة بإشادة البناء. وللعجب العجاب أن سليم شيخو الذي كان ينتظر الموت، حيث أجمع الأطباء المعالجين أن أيامه أصبحت معدودة لا سبيل للشفاء، ولكنه ما أن همّ بإشادة المشروع شُفي بسبب هذه الصدقة حتى أنه وضع بيده حجر الأساس، وعاش بعد ذلك أكثر من 20 عام "الرجاء الرجوع إلى كتاب صفحات من المجد الخالد الصفحة /497/ للتفصيل".
وتلك أمثلة عملية واقعية عن الصدقة الجارية وأن صاحبها يستفيد منها قبل وبعد وفاته، لأن الفقراء والمساكين ما زالوا يستفيدون من عمله الخيّر هذا، ولا يضيع الله مثقال ذرة {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} سورة الزلزلة: الآية (7-8).
كذلك شهداء بدر، جميع الفتوحات فيما بعدها بصحيفتهم وانتشار الإسلام كان في سجل أعمالهم، فكان جودهم بأرواحهم لنصر الحق أعظم صدقة جارية لأن نصر الإسلام بُني عليهم، ولو فشلت المعركة لما انتصر الإسلام بعدها أبداً.
- أما العلم الذي ينتفع به:
هو هذه الدلالة العالية القرآنية (دلالة الله) التي بيّنها علّامتنا الجليل السيد محمد أمين شيخو قُدِّس سرّه ومدده العالي بالليل والنهار، إذا آمن الإنسان بها حقاً وعقلها ومن ثم نصح غيره ودلّ الآخرين عليها وانتفعوا بها ومن ثم دلّوا غيرهم وعمَّ النفع والفائدة بتطبيق كلام الله، فيعود أجره وخيره للأول ولا ينقص من أجر الآخرين الذين نشروا دلالة الله شيئاً، قال تعالى:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً..}: ضرب الله تعالى مثلاً دلالة حق منطقية. {..كَلِمَةً طَيِّبَةً..}: انظر الكلمة الطيبة كيف تسري من ناس لناس. {..كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ..}: لها أصل معقول. {..وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} سورة إبراهيم: الآية (24): كلمة عالية واستدل الناس بها، يموت قائلها وتأتيه الخيرات من بعده.
(جزاء الدال على الخير مثل أجر فاعله): فكلماتك إن كان لها أثر طيب في نفس غيرك كل ذلك يعود عليك، وكلّما عَمِل أحدٌ بها يعود خيرها عليك، والكل في صحيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- الولد الصالح الذي يدعو له:
إن كان الإنسان تطلّبت نفسه عملاً عالياً لوجه الله، وتداركه الأجل وأصابته مصيبة الموت ولم يستطع القيام بما في نفسه من حب الخير وتنفيذ طلبه العالي، فإذا كان لديه ولد صالح وقام ابنه بتنفيذ هذا العمل فيعود أجر وثواب هذا العمل للأب.
فتح الأندلس: كان النصير أبو موسى يتمنّى فتح الأندلس وتتوق نفسه لنشر الإسلام في تلك الربوع وأن يجري الله هذا العمل على يده، ولكنه توفي وجاءه الأجل ولمّا يُنفذ بعدُ هذه الأمنية، فقام بها ابنه موسى بن النصير وفُتحت الأندلس على يديه. والحقيقة أن خيرات الذين آمنوا في هذه الأقطار في صحيفة والد موسى بن النصير ولم ينقص موسى شيئاً من الأجر والثواب.
وسُمِّيَ الولد ابناً لأن كلمة ابن مشتقة من: (بنى، يبني، بناءً)، فالابن بناء أبيه فهو عمل الوالد.
فإن نال الابن خيرات كثيرة وكان الأب يتطلب الخير أيضاً ونفسه تحب الصالح من الأعمال، فتعود كلُّ خيرات عمل الابن في صحيفة الأب وتسجّل جميع أعمال الابن في سجل أعمال الأب، فكل عمل يعمله الابن يعود الثواب والأجر للأب أيضاً، وتزداد الخيرات عليه من حيث لا يدري بها وهو في الدنيا لم يعمل بها. ويتساءل من أين أتتني هذه الخيرات؟ فيقال له: إنها من أعمال ابنك الذي كان لك فيه نية عالية وتربى عندك، عادت خيرات أعماله وأجرها وثوابها عليك جنات، فهذا البناء يعود ريعه عليك بالنعيم والسرور والبهجة والحبور.
كذلك إن كان للأب بعض التفريطات وعليه بعض الحقوق والواجبات لم يؤدِّها، وجاء ابنه من بعده ووفَّى له حقوقه وتلافى له هذه التفريطات. فمثلاً: الابن الكبير الذي غدا وصياً على إخوته بتكميل النواقص وتقويم الاعوجاج، فرفع عنه كل ما يؤذيه في آخرته بسبب تقصيره، والأب في الوقت نفسه عنده نية حسنة وحب للخير، فكان الابن سبباً في نجاة أبيه، فدفع عنه كل الشرور والخسارات وحوَّلها إلى أعمال صالحة، فقام بإنفاق مال أبيه من بعدُ في وجوه الخير ومرضاة الله، فحوَّل الخسارة إلى ربح فكان سبباً في دخول الأب في جنات الخلد لما أصلح له من سيرته فغدا باراً بوالده.
وإذا كان يدعو إلى الله، أي: يرشد الناس للخير والدين والحق، كلُّ من استفاد منهم عاد الأجر عليه وعلى أبيه كما قلنا.

1- أرجو مناقشة الحديث الشريف: (رفع القلم عن ثلاث: النائم حتى يستيقظ والمجنون والصبي) هل هو صحيح؟
2- هل يا سيدي الكريم إذا فات وقت صلاة الإنسان (بحالة أنه كان نائماً، والحالة الثانية: كان منهمك في عمل ما)، هل هو آثم أم تسقط عنه أم يقضي؟ وهل يتناقض القضاء مع الحديث: (الصلاة على وقتها..)؟ وخاصة صلاة الصبح (بحالة النوم) هل تسقط عن النائم أم تُقضى عندما يستيقظ؟ أم أنه لابد من الصدق وليس له عذر إطلاقاً؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحديث الشريف: (رفع القلم عن ثلاث النائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يصحو والصبي حتى يبلغ).
1- هذا الحديث صحيح لأنه (إذا أخذ الله ما أوهب أسقط ما أوجب) أليس كذلك؛ أي: أخذ منه الفكر، والإنسان بدون فكر لا مؤاخذة عليه، وغدا مسلوب الإرادة لا يستطيع التمييز ولا أي عمل صحيح.
جواب السؤال الثاني:
2- ليس بآثم ولا مسؤولية عليه من يفوته وقت صلاة في حالة النوم أو غيرها على أن لا تتكرر دائماً وتصبح عادة إن كانت الصلاة صبحاً أو غيرها، ولا مانع أن يصلي ركعتين عندما يستيقظ.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأكثرية يقولون: (يوم صومكم يوم نحركم) هل هذا الحديث صحيح أم قول فقهاء؟
علماً أن الأشهر القمرية: (رمضان وشوّال وذي القعدة وذي الحجة) من كل عام أيامها ليست ثابتة، فأحياناً تأتي 30 يوماً وأحياناً 29 يوماً. ثم إنني أراقب الهلال فحسب معرفتي أنه أحياناً لا يتطابق بداية صوم رمضان مع أول أيام عيد الأضحى، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

أما نحن فقد تحقّقنا من هذا الحديث أكثر من مرّة، وسجّلنا اليوم الأول الصحيح للصيام فلما جاء يوم عيد الأضحى، أي يوم النحر وللعجب العجاب أنه وافق يوم النحر يوم صومنا، ثم دقّقها غيرنا فوجد الحديث صحيحاً أيضاً. فهل بعد المحسوس الملموس شك أو ارتياب؟! وهذا الكلام لا يستطيع أن يتكلّمه إلا نبي وحي يوحى، تكلّمه صلى الله عليه وسلم ووقع ولم نأخذ بهذا الحديث عن طريق الرواية...إلخ، بل تحققنا به من ذاتنا.
فيا أخي ماذا بعد الحق إلا الضلال نحن تثبّتنا به ولم ننقله نقلاً دون فحص وتثبت، وإذا أحببت أنت فسجل أول يوم صيام من رمضان على أن تكون متأكداً من رمضان ومن يومه الأول وضعه في مذكرتك، ثم لما يأتي يوم النحر في عيد الأضحى تجد أن يوم صومنا يوم نحرنا، أي: يوم 1 رمضان هو ذاته يوم 10 ذي الحجة.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو من حضرتكم شرح هذا الحديث: (لا حياء في الدين)، هل هو صحيح أم لا؟ وما شرحه؟
إذا كان صحيحاً حيث أن معظم الناس يشرحونه بأنه لا تستحي من أي شيء تقوله أمام الناس ولو كانت المقاربة الزوجية بالتفصيل.
ونرجو من حضرتكم أن تُصدروا كتاباً يشرح الأحاديث التي مفهومها خاطئ ومعكوس عند معظم الناس ولكم جزيل الشكر.

الحياء ممدوح، والخجل مقبوح ومذموم، ولا يُفرِّق الناس بين الحياء والخجل.
الحياء شعبة من شعب الإيمان كما قال ﷺ، والحياء من الدين ومن لا حياء له لا دين له كما بالأحاديث الصحيحة. وبالقول العامي الشائع: (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) فالذي لا يستحي ليس فقط بكافر بل هو كافر فاجر.
فهذا الحديث: (لا حياء في الدين) فالذين رووه هم الذين لا حياء فيهم ولا دين لهم، لأنهم يريدون من الناس أن يتكلمّوا عن عوراتهم، كمن لا يستحي أمام الخوري ويعترف له، فإذا قبلنا به كنا غير مؤمنين، وغير المؤمن لا قيمة للعرض عنده، فالحقيقة هذا قولٌ شيطاني، الغاية منه الفضيحة والعار والإثارة الجنسية عند الناس وهذا القول: {..كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} سورة إبراهيم: الآية (26).
فهؤلاء يثيرون الميولات الجنسية عند الشاب الأعزب، بأن يقولون أمامه أن الزواج حلالٌ التفصيل فيه، ويتكلّمون أمامه عن المقاربة الزوجية، ويذكرون بل ويفضحون ما أمر الله بستره، استناداً لهذا الحديث الباطل ليوقعوا الشاب العازب بالإثارة الجنسية، ومن ثم يرتكب ما يرتكب، وهذا دأب السحرة الذين يقولون للإنسان: أنت اغتسلت الآن، ويفتح باب الجنس والاغتسال وغيره، وهذه الأمور سترها الله ويريدون هم فضحها، فوضعوا هذا الحديث لكي يُصاب الناس بالأمراض النفسية الجنسية الشيطانية، ويقولون كما رويت أنت عنهم: (أنه لا تستحِ من أي شيء تقوله أمام الناس ولو كانت المقاربة الزوجية بالتفصيل)، فالشخص الأعزب الذي لم يتمكّن من الباءة بعد "أي لم يتمكن نفسياً أو إيمانياً أو ربما مادياً"، فيثيرونه ليقع بالحرام، وهذا دأب السحرة وأمثالهم في كل زمان إذ يدخلون عليهم من العاطفة الجنسية وهذا قول أحد العلماء يقول:

إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حيـاؤهُ              ولا خيرَ في وجـهٍ قـلَّ ماؤهُ
حياؤكَ فاحفظهُ عليكَ إنما               يدلُّ على فعلِ الكريـمِ حيـاؤهُ

وقول الرسول ﷺ: (أنا مدينة الحياء وعثمان بابها).
وهذه أمنا زوجة سيدنا موسى وابنة سيدنا شعيب عليهم صلاة الله أجمعين رغم حجابها الساتر الكامل تمشي على استحياء، قال تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ..} سورة القصص: الآية (25). وهذا المفهوم ضاع عند الناس، إذ يظنّون أنَّ الذي يضيع حقه بأن يستحي، فهذا التعبير غير صحيح فهذا اختجل والخجل مذموم، و ما أخذ بسيف الخجل فهو بالنار، فالخجل من الشيطان، والحياء من الرحمن. قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ..} سورة النساء: الآية (148).
والحياء مأخوذة من الحياة، وما تقارب بالمبنى تقارب بالمعنى إذ صار له حياةٌ من الله عز وجل في قلبه اصطبغ عندها بالحياء الممدوح.

السلام عليكم: يقول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عن آخر الزمان: (طوبى لمن لا زوجة له ولا ولد)، وحديث آخر: (طوبى لمولود هذا الزمان).
لا أستطيع الموازنة بين هذين الحديثين فأرجو شرحهما.
ولكم جزيل الشكر والتقدير.

إن لكل مقامٍ مقال ولكل حديث زمان وأوان، أما أنت فاختلط لديك الفهم والتبس الأمر.
فحديث: (طوبى لمن لا زوجة له ولا ولد) هذا يخص آخر الزمان كما أخبر أصدق من أخبر أن (في آخر الزمان إن لم تُنل المعيشة إلا بمعصية الله، فإذا كان كذلك حلت العُزبة، يكون في ذلك الزمان هلاك الرجل على يد أبويه، إذا كان له أبوان وإلا فعلى يد زوجته وولده، وإلا فعلى يد الأقارب والجيران، يعيرونه بضيق المعيشة حتى يورد نفسه موارد الهلاك) وهذا زمننا الذي نعيشه الآن أما حديث (طوبى لمولود ذلك الزمان) فهو يفيد زمن السيد المسيح عليه السلام والذي يلي زمننا هذا وبه عليه السلام سيمسح الكفر عن وجه الأرض إلى آخر الدوران زمن السلام والأمن يوم يجعل الله الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن). كيف يسع اللهَ قلبُ عبد مؤمن؟ هل الله محدود وحاشا لله أن يكون الله محدود؟ ولكم الشكر.

(ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).
وسعه الرسل الكرام والأنبياء العظام عليهم السلام، ومن ارتبط بهم بإخلاص وصدق مع الله فتخلّقوا بأخلاق الله.
يبينها قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ،لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} سورة الإخلاص. ويشرحها الحديث القدسي: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق وعرّفتهم بي فبي عرفوني)، أي: كان الله واحداً أحداً وليس معه أحد فلا أرض ولا سماء ولا إنس ولا جانّ ولا ملك ولا...
الله الصمد: فهو الفرد الأحد الصمد الذي يمدُّ ولا يستمد من أحد، بل هو المعطي الممد وحده ولا يستمد من أحد وليس بحاجة أحد بل الكل بحاجته وهو الكنز الغالي الثمين منبع كل خير وهو صاحب الكمالات كلِّها وله وحده الأسماء الحسنى وما ومن دونه وسواه فسوء وشر مطلق وهو تعالى الخير المطلق ومنه يشتق اللطف والكمال والعطف والرحمة والحبّ السامي والسعادة الكبرى، فمن توجّه إليه تعالى بنفسه وقلبه ازدان بالخيرات وامتلأ بالعطف واللطف والرحمة والجلال والجمال والقوّة فاكتفى به عمّن سواه إذ الخير كلّه منه وله الأسماء الحسنى التي تنطبع بقلب المتجه إليه بالكلية يرتشف من أسمائه العلية العلا فينال صفات الكمال الإلۤهية ويتصف بها {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً..} سورة البقرة: الآية (138).
فما دام قلب المؤمن متجه إليه تعالى انصبغ بصفات الله وأسمائه الحسنى فالله العظيم رحيم وكريم ولطيف وجميل وذو البهاء والإحسان، فيغدو هذا المؤمن رحيماً كريماً لطيفاً جميل النفس بهيّاً محسناً متفضّلاً بفضل الله ورحمته، ويتسع لينال كمالات الله تعالى كلّها بأسمائه الحسنى التسع والتسعين ويتصف بها التي حازها وفاز بها كلّها المرسلون وسيدنا وسيدهم صلى الله عليه وسلم والأنبياء جميعاً صلوات الله عليهم إذ لم تنقطع قلوبهم من الأزل عن الله وعن مشاهدة جلاله وجماله وأسمائه كلها فهم متصفون بها، فنفوسهم مرآة عاكسة لكل كمال متسعون لها ثمّ يتبعهم المخلصون لهم فما صبّ في صدره صلى الله عليه وسلم صبّه في صدر سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} سورة الأحزاب: الآية (23).
فلله الأسماء الحسنى ولهم الصفات الإلۤهية.

(لا يملُّ الله حتّى تملّوا) حديث نبوي شريف. فهل هذا الحديث صحيح؟ إذ أنني عملياً أقيس: لا يأتي زيد حتّى يذهب عمرو، فإتيان زيد متوقف على ذهاب عمرو. وهكذا من خلال هذا الحديث يدل على أنه إن مللنا فسيمل الله "وحاشا لله أن يملّ" فهل هذا مقبول؟
وبخصوص ذلك وبشكل عام أطلب من سيادتكم بيان الطريقة أو المقياس الواجب اتخاذه حيال الأحاديث النبوية. وكيف يستطيع المرء أن يميّز بين الحديث الصحيح والحديث المدسوس.. فمثلاً: هناك أحاديث جمّة تتكلم عن المسيح الدجّال لا أحب ذكرها لأن الحقيقة قد ظهرت بكتاب (السيد المسيح رسول السلام) فظهر زيفها للناس ظهور الشمس فإنما أُريد منها تحويل البشر عن سيدنا عيسى عليه السلام. أرجو الإجابة على أسئلتي وعليكم السلام.

في الحديث الشريف: (لا يملُّ الله حتّى تملّوا): تأنيب لمن يمل من مداومة السعي في سبيل الوصول إلى الإيمان الحق، فقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يملّ الله) فهو شَدِيدُ المحاولة لردِّكم للحق والأخذ بأيديكم إلى سبل النجاة وهو لا يترككم لحظة ولا أقل قيامكم حياتكم ووجودكم به سبحانه يكلؤكم بعيون عنايته ورحمته، وهو فرحٌ بكم إذا سلكتم السبيل إليه، فلا تملوا من المداومة على سعيكم وعملكم مما يكسبكم ثقة للإقبال عليه وما قوله لكم إلا : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}سورة العنكبوت/69/. ذلك وعده تعالى ومن أصدق من الله عهداً {مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} سورة العنكبوت/5/ سميع لما تقولون عليم بأحوالكم، فالصادق في طلب الحق لا بد وأن الله يوصله فلا تملوا، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا..} فصلت: 35.
وإن أحَبَّ الأعمال إلى الله تعالى ما دَاوَم عليهِ صاحِبُه.. لذا جاء قوله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناسُ، خُذوا من الأعمالِ ما تطيقون، فإنَّ اللهَ لا يَملُّ حتى تمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله ما دامَ وإن قلَّ». حتى لا يحصل الملل من الثقل بما كلَّفوا أنفسهم به فقوله صلى الله عليه وسلم ينفي الملل عنه تعالى أي لا يكون هذا من الله تعالى بل كيف يصح المعنى المتعارف في حقنا: السآمة في حق الله تعالى فهذا محال.
فالنظر إلى ظاهر الحديث والظن أنه تعالى يملّ ظن خاطئ، فيجب تأويل الحديث بما يتناسب وكماله تعالى ففي هذا الحديث كمال علمه صلى الله عليه وسلم ورأفته بمن اتبع سبيله إلى الله يرشدهم إلى ما يُصلحهم، إذ أن من قانون النفس أنها إذا اعتادت على عمل مهما قلّ تكسب به ثقة تقبل فيها على ربها في صلاتها إن هي قصرت عنه فإن ثقتها بعملها تتراجع وإن تراجعت ضعف إقبالها وصلتها بربها ،مثلاً الصدقة الشهرية فرض على المؤمنين مبلغ بسيط جداً ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقّة ولا ضرر ولو كان مائة ليرة، هؤلاء {..الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ، وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} سورة المعارج /22-25/. إذ تكون النفس في هذه الصدقة الثابتة أنشط والقلب منشرحاً ثقة بهذا العمل فتتم الصلاة، بخلاف من اندفع منفقاً من ماله ما يشقُّ عليه مثلاً مائتان ليرة فإنه بذلك بصدد أن يتركه أو بعضه كأن يدفع مائة وخمسين ليرة وبذلك تتراجع ثقته بعمله من حيث لا يدري أو يفعله بكلفة وبغير انشراح القلب وثقة في النفس، فيفوته خير عظيم في الصلاة.
ومعنى الحديث الشريف: أنه من كره لقاء الله كره الله لقاءه . فالـمَلُول كالمنافق لم يصدق بطلب الحق فملّ وإلى الدنيا الدنيّة مال وعن الحق والفضيلة تحوّل فالله لا يجبر أحداً على البقاء مع أهل الحق والله لا يملّ أبداً، حتى إذا مللتم ترككم لشأنكم ولا إكراه في الدين، لأن الذي يُساق جبراً على أمرٍ خيّر لا يستفيد، يجب أن يكون الدافع للخير ذاتي فالإنسان مخيّر مطلق الإرادة، فالمشيئة مشيئة الإنسان والاختيار اختياره ولولا ذلك لما حصل ثواب وعقاب ولا جنّات ولا تطهير.
أما الميزان لمعرفة الحديث الصحيح من المدسوس:
فهو ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهي: أن ميزان صحة الحديث هو الموافق لكتاب الله.إذ قال: «إنكم ستختلفون من بعدي، فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فهو مني، وما خالفه فليس عني». وفي رواية: «اعرضوا حديثي على كتاب الله، فإن وافقه فهو مني وأنا قلته» الجامع الصغير (1165)، رواه الطبراني.
ومن هنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك أنها ستأتي أقوام تضع الأقوال على لسانه، وتنسب إليه أحاديث هي ليست منه في شيء، فأرشدنا إلى هذا الميزان الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو المحفوظ من قِبَل الله. قال تعالى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر: الآية (9). وقال جلَّ شأنه: {..مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ..} سورة الأنعام: الآية (38).
وما على الإنسان إلا أن يكون مؤمناً بالله تعالى، ليستطيع معرفة الأحاديث الصحيحة من المدسوسة، وذلك بردِّها لكتاب الله، ) و الإيمان هو العلم الحقيقي الذي لا ريب معه ولا التباس، وهو قائم على الشهود، بقولنا بالركن الأول من أركان الإسلام الخمسة: «شهادة أن لا إلۤه إلاَّ الله وأنَّ محمداً رسول الله..»  رواه البخاري ومسلم. فالمسألة مسألة شهود وعلم، {..وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ..} سورة التغابن: الآية (11). {..وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} سورة الحج: الآية (54).
ولكن كيف يتم هذا؟ يتم بالسراج المنير، الكاشف لما أُغلق، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي أمرنا الله تعالى بإتباعه والارتباط به، ليكون لنا عين البصائر، فنرى به الحقائق والمعاني {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ..} سورة الحديد: الآية (28).
وبهذا النور والرؤية البصيرية فلا ضلال ولا زيف..فهذا المؤمن المتقي والمقتفي أَثَرَ الرسول، يردُّ الحديث إلى كتاب الله تعالى وفق ميزان التأويل الدقيق الذي لا يتخلل النقص إليه من حيث موافقة أسماء الله الحسنى، وعدم مناقضته آيات القرآن، وبيان عصمة الأنبياء وكمالهم وشرف نفوسهم.
إذن كله ضمن كتاب الله إن وافق فهو حق، حتى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ارجع فيه لكتاب الله فهو من عند الله إن طابق، وأما إن خالف فما قاله وهو كذب عليه: كلام الرسول تفصيل لكلام الله.