السلام عليكم سيدي الأستاذ عبد القادر يحيى:
أسير على الطريق الذي بينه لنا السيد العلامة محمد أمين شيخو جديد وأحاول تطبيق طريق الإيمان الموضح في الكتب القيمة ولكن لدي مشكلة في ميلي إلى شهوة من الشهوات وهي التي تحاول إبعادي عن هذا الطريق فتشتغل نفسي بالوساوس وهي دوماً في ازدياد وأكره الوقوع بالخطأ. سيدي هل من نصيحة فأنت يا سيدي الطبيب الذي نثق به.
أخي الكريم: لابدً من جهاد النفس والهوى، وهذا هو الجهاد الأكبر وطريق الجهاد هذا طريق الكرامة والعزَّة بل وطريق الجنة (حُفَّت الجنة بالمكاره وحُفَّت النار بالشهوات)، فهل تستطيع الصبر غداً على النيران؟ وقانا الله وإياكم حريقها.
إذن: لنصبر على شهوات الدنيا، وفي الصبر على ما تكره خير كثير، وما ترك قوم الجهاد إلا ذلّوا {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ..} [آل عمران: 92]. فهوى الإنسان المهلك هو الذي عماه وأرداه في الأزل وحجبه عن شهوده وجنات ربه فبمخالفة الهوى خيرٌ كثير.
وخالف النفس والشيطان واعصِهما وإن هما محَّضاك النصح فاتَّهم
ولا يكون هذا إلا بمصاحبة أهل التقى والإيمان صحبة قلبية، فإن صاحبتهم تتشرَّب منهم الطهارة القلبية والإيمان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]. فانظر أين تضع نفسك، وحذار فلا تسلِّم قلبك إلا لتقيٍّ مستنيرٍ بنور الله (يُحشر المرء مع من أحب)، (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل). وحذار من مصاحبة أهل المنكر والسوء والفحشاء (الطبع سرَّاق فجانبوا أهل البدع) فالواجب ترك المنكر وأهله.
(وكفى بالموت واعظاً): فما أجمل زيارة التربة صباحاً أو قدر ما يمكن صباحاً ومساءً، فذكرى الموت تجنِّب الأخطاء، والتفكير الجدي بالموت وساعة الرحيل والفراق وأنه لابدَّ للنفس من مفارقة الدنيا وشهواتها المحرمة، عندها تعاف النفس الشهوات المخزية ولو كانت محبَّبة إليها طلباً للنجاة ومحاسبة النفس (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)، فالصحابة الكرام كل واحد منهم كان يجلس مساءً يحاسب نفسه فإن وجد خطأ عاهد على التغيير والاستقامة وإصلاح الخطأ وإن وجد صالحاً حمدَ الله وواصل الاستقامة والصلاح.
إذن: محاسبة النفس يومياً عما فعلته من خير أو "لا سمح الله" أذى، فالإصلاح (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).
وحتى تبقى النفس واثقة من رضاء الله عنها وتصبح لها وجهة له تعالى يجب المواظبة على الصدقة الشهرية مهما كان مبلغها بسيطاً والدوام عليها وعدم التراجع عنها فإن كان باستطاعة الإنسان أن يدفع 1000ل.س مثلاً فليدفع 100ل.س ويستمر عليها ولا يتراجع عنها، لأن الدنيا بين عسر ويسر ومهما مرَّ عليه من عسر يستطيع دفع المئة ليرة ولا تؤثِّر عليه.