هل يجوز الزواج من امرأة غير مسلمة؟
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد:
لم يسمح تعالى بالزواج من غير المسلمات "الكتابيات" إلاَّ بعد أن حلَّ عصر القوة في الإسلام، ففي بداية الدعوة الإسلامية عندما لم تكن الدولة الإسلامية بعد قد بلغت قوتها القوية ظاهرة بكيان دولة قوية ضاربة، كان الحكم بالآية الكريمة (221) في سورة البقرة ساري المفعول: {وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ..}: هذه تؤذيك في أولادك. كيف ذلك؟
بما أن الدولة الإسلامية لم تكن بعد ظاهرة في الأرض بقوتها ولـمّا يلتفت العالم إليها بالتقدير، فتلك "المشركة" إن تزوجها المؤمن وهي بطبيعتها ملتفتة بالتقدير لقومها "الممثلين بدولتها" الأقوى، فهي غير مقدِّرة لزوجها ولا لدينه حقّاً لضعف دولته وهي باقية على دينها، فإن جاء الأولاد (وهنا بيت القصيد)، فسوف يتَّبعون أخوالهم وقوم أمهم، وذلك للأسباب التالية:
1- بسبب ميلهم وحبِّهم لها فهي أمهم.
2- لن تحسن تربيتهم لأنها كانت قد تربَّت ونشأت على ديانة غير دين الإسلام القيِّم القويم، ويبقى لها ميل لدولتها الضاربة القوية. وحيث إن الكافرات عرضهن رخيص عندهن، وهذه آمنت ولكن كان لها ماضٍ كالكأس التي شُعرت ففيها ضعف، وأما الكأس التي هي متينة سليمة فلم يتسرَّب إليها الضعف.
3- قوة قوم أمهم "المتمثلة بدولتها" الذين انحدرت منهم والتي ما تزال ظاهرة كقوة أقوى من كيان الدولة الإسلامية، ومن طبيعة النفس البشرية أنها تقدِّر الأقوى وتتَّجه له وتتّبعه، وبذا يتَّبعون قوم أخوالهم ويتّبعون دينهم سواءً شعروا بذلك أم لم يشعروا، وهذا يقودهم للشرك وخسارة الحياة الأبدية، إلى النيران بدل الجنان، والله برحمته العظيمة لا يريد لبني الإنسان أيّاً كان هذا المصير المرعب المخيف، ولذا نهى في بداية نشوء الدولة الإسلامية الزواج من الكتابيات، ومنع تزويج المشركين أيضاً من النساء المسلمات لنفس الأسباب ولما يرافق ذلك أيضاً من ضياع تلك المرأة المسلمة ووقوعها في الشِّرك، وذلك لرابطتها الزوجية بزوجها المشرك الملتفت لقومه ودينه وغير الناظر للإسلام ولله بالتقدير ولا هو بمتّبعه، والمرأة تَبَع لزوجها.
أمَّا عندما قويت شوكة الدولة الإسلامية وأصبحت ظاهرة في الأرض، عندها سمح تعالى للمؤمنين بالأسْر وباتخاذ الأسيرات (ملك اليمين) وبالزواج منهن بعد إيمانهن عند من تربَّيْن عندهنَّ من النساء المؤمنات.
أما الآن فيعود حكم الآية الأولى القاضية بمنع الزواج من المشركات، حيث إن الإسلام ضعيف فلا يجوز.