هل صحيح أن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عندما أراد أن يقبض روحه؟

هل صحيح أن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عندما أراد أن يقبض روحه؟
روى مسلم عن أبي هريرة قال: «أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله عليه عينه وقال: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعره سنة، قال: أي رب ثم مَه؟ قال ثم الموت، قال فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر».
فقال رسول الله ﷺ: «فلو كنت ثمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر».

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
في هذه الرواية يصفون سيدنا موسى العظيم بأنه يحب الدنيا "وحاشاه" ويكره لقاء الله بالموت، «ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» فهل ينطبق هذا الوصف على نبي الله سيدنا موسى؟!
«والموت تحفة المؤمن».
فعلامة الإيمان الصادق تمني الموت وانتظاره بكل لحظة، والمؤمن بشوق وشغف للحظة فراقه الدنيا ومتاعبها، فراق دار الوظيفة والعمل إلى لقاء المحبوب وجناته أكثر من كل شيء، لقاء الله عزَّ وجل والتفرغ لعطائه ونوال جناته العلى.
والآية الكريمة تقرِّع بني إسرائيل الذين أحبوا دار الفناء والزوال بقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} سورة الجمعة (6).
إذن: أولياء الله يتمنون الموت ولقاء صاحب الحنان جلَّ شأنه، عكس حبَّابي الدنيا الذين يفرون منه، وسيدنا موسى أليس من أولياء الله ورسله العظام، فكيف لا يريد الموت؟!
بل ويحب العيش في الدنيا على حسب هذه الرواية المدسوسة.
وسيدنا خالد وصف إخوانه الصحب الكرام عندما قارع الروم بقوله: «جئتكم برجال يحبون الموت كما أنكم تحبون الحياة».
فالكافر يحب الدنيا ويتمسك يها، لا يريد فراقها، أما المؤمن فيهتز قلبه طرباً وفرحاً للقاء المحبوب جلَّ وعلا. «لا راحة لمؤمن إلا بلقاء وجه ربه».
وإذا ناقشنا هذه الرواية بالمنطق وبما هو معقول نجدها فيها محض التناقض والافتراء، ذلك لأن الملَك مخلوق نوراني لا مادي لقوله تعالى بسورة الملك: {خَلَقَ الْمَوْتَ..} فالمحتضر يكون أمام أنظار أهله وذويه ويأتيه ملَك الموت ويسحب روحه ولا يراه أحد من المجتمعين عموماً فهو ليس بمادة، فكيف تقول الرواية أن عينه فقئت بلطمة من سيدنا موسى. فاللطمة لا تؤثر بالنور، فهاك نور الكهرباء مثلاً هل تستطيع أن تمسكه بيدك هذا قول سخيف لا يقبل به المفكر العاقل.
ومن ناحية أخرى: الملَك لا يعصي الله في أفعاله بل يطبق ما أمره به فقط دون زيادة أو نقصان {..لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون} سورة التحريم (6).
فهذا الأمر الذي يأتي به الملك ليس من عنده إنما هو أمر الإلۤه ومخالفته تعني مخالفة من بعثه وأرسله، والغضب مما جاء به الملك يعني الغضب مما كتبه الله، فهل كليم الله ﷺ يغضب من كلام الله وأمره تعالى وقضائه؟! حاشاه من هذا الوصف.
والأعمار لا تتقدم ولا تتأخر لحظة لقوله تعالى: {..إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} سورة نوح (4).
فكيف غيَّر الله سننه على حسب الرواية المزعومة وأعطى سيدنا موسى عمراً من السنين على عدد الشعر الذي يضع كفه عليه؟!
إذاً هذه الرواية هراء.