ما معنى اسم سيدنا شعيب عليه السلام، ومعنى مدين، ومعنى المؤتفكات؟

بسم الله الرحمن الرحيم
سيدنا شعيب عليه السلام، ما معنى اسمه، وأين عاش قوم مدين، وما معنى اسمهم؟ وما معنى المؤتفكات في الآية 70 من سورة التوبة؟ وشكراً.

معنى اسم سيدنا موسى عليه السلام: من شدته وحدته في الحق وزهقاً للباطل، فهو كالموس بإحقاق الحق.
وسيدنا نوح عليه السلام: من حنانه ورحمته وإشفاقه على قومه كان شديد البكاء عليهم في خلواته مع ربه وقيامه الليل، إذ يدعوهم إلى الهدى ولا يزيدهم هذا الدعاء إلا فراراً فكان سيدنا نوح شديد البكاء على قومه في خلواته.

وسيدنا شعيب عليه السلام رسول كريم ذو قلبٍ رحيمٍ من رسل الله العظام ذو إقبال شاهق على الله، فاكتسب نوراً فيه النعيم المقيم وشع هذا النور على من حوله وثبت في قلوب أصحابه المؤمنين فغدوا أتقياء لا يخشون في الحق لومة لائم، شع هذا النور في قلوبهم وتمسكوا به فمحى عنهم كل الدنايا والعيوب وبدَّل الله سيئاتهم حسنات وأخطاءهم مكرمات، وبناءً عليه وعلى ما قاله ابن جني في فقه اللغة العربية: أن أصل الكلمة من حرفين وما زاد في المبنى زاد في المعنى.
فكلمة شعيب مأخوذة لفظاً: من شعَّ وعيب، فنوره عليه السلام محا عنهم العيب؛ أي: شعَّ على كل عيب فمحاه.
فكل من تعلق قلبه بهذا الرسول العظيم يسطع على قلبه شعاع من نوره عليه السلام، فيمحي جميع العيوب والعلل والأمراض النفسية وتتبدل بصفات حميدة كريمة فبعد أن كان مَنْ صاحَبَهُ جباناً أضحى شجاعاً مقداماً وبعد أن كان شحيحاً بخيلاً غدا جواداً كريماً محسناً، وبعد أن كان قاسي القلب لئيماً صار بصحبته النفسية وبالنور الذي يشعُّ من سيدنا شعيب على قلبه رحيماً شفوقاً حليماً، وهكذا تتغير الصفات وتنقلب خصال المرء إلى أرقى وأسمى ذرا الإنسانية، كذا حدث مع صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والحواريين مع سيدنا عيسى والسحرة مع سيدنا موسى، وأيضاً الذين آمنوا مع سيدنا شعيب.
ولا ننسَ أن سيدنا شعيب عليه السلام هو مرشد لسيدنا موسى عليه السلام وسيدنا موسى تنزلت عليه التوراة، فكان هادياً للأمم وأجيال كثيرة شملت الأمم حتى عصر سيدنا عيسى عليه السلام بل وحتى عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فكلُّ المؤمنين كانت صلاتهم مع سيدنا موسى يلبسون لباس التقوى وفي صحيفته، بل وفي صحيفة مرشده سيدنا شعيب الذي علَّمه سنوات عشر حتى صار رسولاً.
إذن: سيدنا شعيب من الرسل العظام وفي صحيفته أمم لا يعلم عظم نوالهم إلا الله.

كانت وظيفته كرسول مشابهة لوظيفة سيدنا وإمامنا محمد عليه أزكى الصلاة والسلام، المعبرة عنها الأبيات التي كتبت على ضريح المصطفى صلى الله عليه وسلم والقول:

فحطَّ في بابنا ما شئتَ من ثقلٍ      فبابنـا كعبــةٌ من حلَّـهُ أمِنَ

أما عن قوم مدين، فمعنى اسمهم مدين: أي كان لديهم مدنية وحضارة قائمة، فلما جاءهم بلاءٌ بما كسبت أيديهم وبمعارضتهم لرسولهم عليه السلام جعلها الله حصيداً كأن لم تَغنَ بالأمس بل غدت حضارة بدائية للرعي والزرع، حينما ورد سيدنا موسى ماء مدين، إذ قُضي على تلك المدنية لأنهم لم يقبلوا بالحق الذي جاءهم عن طريق رسولهم: {الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا..} سورة الأعراف: الآية (92): تكاد لا تصدق أنه كان هناك حضارة ومدنية صارت بلادهم وما أترفوا فيه حصيداً لم يبقَ فيها شيءٌ من العمران والحضارة.

أما عن سؤالك أين عاش قوم مدين؟
فنقول: الله لا يهتم بالزمان والمكان، حتى أن الإنسان إذا خرج بالمركبة الفضائية خارج الغلاف الجوي اختفى مفهوم الزمان والمكان.

وتسأل عن معنى المؤتفكات:
المؤتفكات: هم الذين تحولوا عن الحق إذ جاءهم على لسان رسلهم فغشّاهم من العذاب ما غشّى الأقوام الهالكة قبلهم. هم الذين جعلوا الحق باطلاً والباطل كحق يتَّبع وقلبوا الحقائق بوجوهها.
وقد أشار تعالى إلى أمة مؤتفكة وهم قوم لوط بقوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} سورة النجم: الآية (52-54).