ما الحكمة في أن يكون للنبي ﷺ قرين مع أن الله عصمه؟
طالما أن الله ألبسه ثوب البشر فسوف يمرُّ عليه ما يمرُّ على البشر، وسيتعرض له من أعداء الحق من شطنوا عن الحق. فأيُّ من شطن عن الحق شيطان.
ومعنى كلمة شيطان مشتقة من شطن: ابتعد عن الحق، وشاط: احترق ببعده عن الله.
وقد يقول قائل أن الرسول ﷺ لم يتعرض له شيطان يغويه، فما فضله علينا ونحن تعرض لنا ليغوينا؟ وإذا تعرَّض لنا ولم يتعرض له، فما ميزته علينا ونحن إن لم يكن لنا قرين كنا مثل محمد ﷺ كما يقولون، وإن لم يكن له قرين فيكون بذلك قد حاباه الله وميَّزه علينا بدون حق، أمَّا إن تعرض مثلنا ونجح فقد تميَّز عن غيره وبجهاده وصراعه ضد الباطل وأهله، والله عادل «حكم العدالة في البرية ساري» وبذلك وكونه بشر يتعرض للامتحان كما نتعرض وقد نجح بأن أسلم شيطانُه ولم يكن للشيطان أي تأثير عليه بل هو ﷺ أثَّر فيه وسحبه للحق والجنات، فعلينا أن نجاهد في الله حق جهاده كي ننجح مثله ﷺ. قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِير} سورة الأحزاب (21).
فهو ﷺ بشر يأكل ويشرب ويتزوج ويتعرض للشياطين ولكنه بإيمانه ينجح وينتصر عليهم ويكسر رؤوسهم، فيسود الإسلام ربوع الدنيا وهكذا الصحابة فتحوا مدن كما فتح ﷺ الجزيرة العربية، فعلينا أن نؤمن كي ننجح كما نجح الأسوة المثلى والنموذج الإسلامي الأعلى، لكي نقتدي به وننال جنان ربنا، فنجاهد كما جاهد ونفعل كما فعل عندها يشفع فينا. وليس بالأماني.