كيف استنتج الجن الذين كانوا يعملون لدى سيدنا سليمان عليه السلام أنه مات؟

كيف استنتج الجن الذين كانوا يعملون لدى سيدنا سليمان عليه السلام أنه مات؟ 

أوصى سيدنا سليمان من حوله من أصحابه الأتقياء أن يخفوا نبأ وفاته بعد موته، وأن يجلسوه كالمعتاد على شرفة القصر وهو يحمل عصاً متكئاً عليها لكي يستمر الجن بتنفيذ الأوامر التي أمرهم بها من بناء الحصون والقلاع، والذين يغوصون في البحار، وربما كان لديهم حضارة مثل أو أعلى من حضارتنا، من أجل إتمام المنصات البحرية وهذه تستغرق وقتاً طويلاً، ولو علموا أنه توفي لتوقفوا عن هذه الأشغال الشاقة الكثيرة والتفتوا لأذى الناس، فتخفيفاً من شرورهم وتأديباً لهم أمر بأن لا يعلنوا ولا يذيعوا على الملأ نبأ موته.
وأوصاهم أن يجلسوه على العرش ويسندوه على عصاه فيظهر كأنه حي وهو يراقب الشياطين الأشرار، فمن خوفهم يثابرون على إتمام المشاريع الضخمة لإمبراطوريته العالمية العظيمة، وطالما لا يعلمون أنه توفي فسيثابرون على أشغالهم الشاقة دون توقف وخشية العقاب، فلما وضعوه المظهر المشرف من نافذة القصر الشاهق العالي على ما حوله، بقيت الشياطين تشتغل لصالح المسلمين وتقوية إمبراطوريتهم لدوام رفعتهم ورفعة الحق على بقية الشعوب الضالة المضلة.
ولما انتهوا من إقامة مشاريع الإمبراطورية وانتهاء العمل، سخر الله السوس لينخر عصا سيدنا سليمان، وهكذا بعد أن أتموا واجبهم أراد الله إطلاقهم فتمم السوس أكل الخشب وانكسرت العصا فهوى جسمه الشريف على الأرض عندها تبين لهم أنه متوفى.
وهكذا يتبيّن لنا: أن ادعاء السحرة والشياطين أنهم يعلمون الغيب باطل لا أساس له، وهذا قانون على ممر الزمان فلا يعلم الغيب إلا الله، وقد يُعلِمه لرسوله فيُطلِع عليه الناس. أما الجن والشياطين فلا علم لهم بالغيب إذ انكشفوا أمام الناس أنهم ومما يزيد على أربعين عاماً حتى سوّس خشب العصا، أنهم لا يعلمون أمر وفاة سيدنا سليمان عليه السلام، وأنهم لا يعلمون الغيب، لئلا تنطلي عليك مكائدهم وهذا قانون ثابت إلى يوم القيامة إذ كشفهم الله وبين للناس جهلهم بالغيب فلم يعلموا نبأ وفاة سيدنا سليمان.
{..فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ..}: أي انكشفت الجن، {..أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} سورة سبأ: الآية (14): انكشفوا.