سورة آل عمران، الآية 133، {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} ، ماذا تعني (عَرْضُهَا)؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21].
وفي الآية الأخرى: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} [آل عمران: 133].
1- إذا كانت الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فأين تكون النار في هذا الكون الذي ليس فيه إلا السماوات والأرض؟
2- بما أن الأرض على شكل دائري والمعلوم أن الدائرة ليس لها عرض ولا طول فما المقصود في كلمة عرضها في الآيتين؟
جزاكم الله خير الجزاء.

1- تسألنا: إذا كانت الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، فأين تكون النار في هذا الكون الذي ليس فيه إلا السماوات والأرض؟
الجواب: يا أخي لقد ضيقت واسعاً هذا الذي تتحدث عنه من السموات والأرض المادية، من ملكوت الله، وهي ذرَّة في بحر ملك الله. أنت تتكلم عن الدنيا، وتظن أنها الآخرة، والدنيا كما قلنا لا تُذكر أبداً، أرضها وسماؤها ذرّة في عوالم الآخرة، أي: الجنات. أتدري يا أخي ما هو عرض السموات والأرض. كما أن عطاءات وخيرات ربِّ العالمين تأتي إلينا وتغمرنا بكلِّ ما نطلبه ولا تنقطع على الأجيال من لذائذ ومأكولات ومشروبات ومشهودات مادية وروائع في الصنع وآيات في جمال الطبيعة، وما ينتج عنها من ثمرات وحليب ومشتقاتها ومن بنين وبنات ومن كل ما تستحليه العين وتلذُّ به النفس. وهذه العطاءات أيضاً دائمية في الآخرة، ولكن بمقاييس كبرى وأحجام عظمى، لا تكاد تذكر هذه العطاءات المادية الثمينة تجاهها إلا قليلاً. ومن كلمة (عرض) تشتق كلمة مَعرَض، والمعرض يعرضون فيه كل جديد وكل حديث وكل المتطورات والتحسينات، فهذه السموات والأرض كما هي معروضة عليك وتُمنحها وتأخذها. كذلك الجنة معروضة عليك، تُمنحها عن طريق عين النفس، ومن لا صلاة له بالله فهو أعمى القلب بالآخرة، هذا هو المحروم، وقانا الله من ذلك وإياكم. فهذه المعروضات كلها للإنسان نتاجها، وكذلك هذا الأمر يستمر بالآخرة.

2- وتسألنا: بما أن الأرض على شكل دائري، والمعلوم أن الدائرة ليس لها عرض ولا طول، فما المقصود في كلمة عرضها في الآيتين؟
الجواب: يا أخي إنَّ الأرض إهليلجية وليست كما أنت تتصورها دائرية، لأن هذه كلها زائلة، كلها تفنى وتذهب ولا تعود.
فهنا كلمة (السموات) كل ما علاك هو سماك، تعني كل مكان فوقك، والأرض كل ما هو تحتك، وكلما ازدادت السماء توسّعاً على رسول الله بإقباله العالي على الله، وعلى رسله الكرام والأنبياء العظام والأتقياء والمؤمنون، فتتوسع بعطاء الله المتجدد المتعالي. فعرض السماء لا عرض لها دائماً بتوسع، وكذلك هناك دونك هبوطاً في عوالم يمدّهم الله أيضاً، ولا حدَّ لهذا الهبوط باستمرار أبداً، دائماً هناك يوجد حركة استمرارية نحو الأعلى ونحو الأسفل، كذلك الجنات في توسع دائم، عرضها كعرض السموات، دائماً تتوسع من جنة إلى جنة أعلى، من حالة إلى حالة أرقى، فالرقي متمادي لأهل الرقي، والهبوط متمادي، ولا نهاية لهذا السمو ولهذا الهبوط، أي: أن الجنة بتوسع دائم لا توقف فيه أبداً والله واسع لا نهاية له، وكذلك عطاءاته متوسعة لا حدَّ لها.