السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذنا الفاضل: نرجو منكم تأويل الآيات من سورة المؤمنون من الآية 103 إلى الآية 111 مع زيادة الإيضاح في هذه النقطة: (كيف أصبح لأصحاب النار وجهة لمخاطبة الله جلَّ جلاله وهم لا يملكون أعمال صالحة)؟ ومن المعروف في سورة غافر الآية 49-50 عندما يطلب أهل النار التخفيف تذكّرهم الملائكة بالرسل ولو طلبوا عن طريق الرسل وهم لا يستطيعون لأن أعمالهم المنحطة حجاباً مانعاً لهم.
أرجو منكم سيدي الفاضل التوضيح وتقبلوا منا فائق التقدير والاحترام والسلام عليكم.
هذا ليس لذيذ الخطاب من المولى، إنما توبيخ وتأنيب وتقريع لأهل النار لما جنوا من خيانة وشرور وفجور وليست مخاطبة.
مخطابة المولى الكريم: ذوق ونور ونعيم لا يعدله نعيم أبداً، تسري أثناءها النفس لجنات ربها فتهيم بربها، وبالنور الساري للنفس تُمحى الخطايا وتُكتسب الكمالات والخيرات والجنات المتسامية المباركة.
تأويل آيات من سورة المؤمنون:
103- {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ..}: ما فكر، ما صلى، ما آمن، ما عمل. {..فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ..}: سقط في النار، خلقك ليعطيك عطاءً كبيراً، لكن ترى تضييعك ساعتها. {..فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}.
104- {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ..}: لهيبها يشوي وجهه {..وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}.
105- يُخاطبون: {أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي..}: ذكر لك اختلاف الليل، السمع، البصر، الشمس، القمر {..تُتْلَى عَلَيْكُمْ..}: الآيات الدّالة على الله، ما سمعتم بها، أما سمعتم بمن سبق {..فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} تنكروها ما عبأتم بها.
106- {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا..}: شهوات الدنيا فحرمتنا من الخيرات، لكن لا يعلمون أنهم ظلموا أنفسهم، والله تعالى لم يظلمهم، فالتكذيب سببه الشهوات الدنيوية. لازم تفكر بالبداية والآخرة، عندها شهوتك رضاء الله، يفتح عليك إذ تصبح صادقاً. {..وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ}.
107- {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا..}: الآن. لكن ما الفائدة؟ {..فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}.
108- {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا..}: خاسرين {..وَلَا تُكَلِّمُونِ}: ولو رجعوا لفعلوا ما فعلوا.
109- {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ..}: لكم {..رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا..}: هكذا كل مؤمن يدعو الله بأن يجعل شفاءه في دار الدنيا لا في الآخرة {..وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}.
110- {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا..}: سخرتم منهم {..حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي..}: هذا الاستهزاء ساقكم إلى النسيان {..وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ}: ما صار لكم ارتباط بهم فما دخلتم بمعيتهم على الله ما رأيتم كمال الله. عدم ارتباطكم بهم جعلكم مع الشيطان، فما رأيتم الكمال الإلۤهي.
111- {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ..}: على ما فعلوا. {..بِمَا صَبَرُوا..}: على تكذيبكم ومعاندتكم. {..أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}: بالنعيم الذي لا نهاية له.