هل عبادة التفكر فرض على كل مسلم؟ وما الدليل على ذلك؟ وهل الصحابة تفكَّروا بخلق الله؟ وما الدليل على ذلك؟
الإنسان كائنٌ مفكِّر، وإذا لم يستخدم الإنسان فكره غدا مثله كمثل باقي المخلوقات الأخرى البهيمية، والإنسان كائن متطوِّر وذلك بتفكيره، ويبلغ أعلى المراتب بفكره، وإن لم يستعمل فكره فهو كالمجنون يخرِّب.
هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تحضُّ وتحثُّ على التفكير، مثل: {..إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ..}، {..أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ..}. والقرآن طافح بكلمة لعلَّهم يتفكَّرون، أليس كل ذلك أمر من الله لنا للتفكير؟!
وقول رسول الله ﷺ: (تفكُّر ساعة خير من عبادة سبعين سنة)، لما في التفكير من رقي وسمو وعلو إلى مراتب الإنسان، فمن لم يكن مفكِّراً فلن يفهم على الأنبياء والمرسلين، والمفكِّر يقدِّر العظماء والأنبياء ويُجلّهم، والصحب الكرام هذه صفتهم حقاً لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].
فالمفكِّر حقاً ينجو، وهذا هو مسلك القدوة المثلى للبشرية والمثل الأعلى لحاملي الأمانة، سيد الخلق وإمام المرسلين، كان كثير التفكُّر في خلواته كما بغار حراء حتى أعطاه الله ما أعطاه. وكذلك سنَّة من قبله من رسلٍ وأنبياء، لاسيما أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، إذ فكَّر بالكوكب والقمر والشمس حتى توصَّل إلى الله، فتوجَّه نحو ربه مائلاً بالحب والحنين إليه حنيفاً مسلماً.
هذا هو طريق التفكير، طريق سيدنا إبراهيم، والله يقول: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ..} [البقرة: 130]: تركها جاهلة لم يعلِّمها ولم يعقِّلها.
التفكير سِمَة الإنسان، وعدم التفكير صفة الحيوان.