هل حرام الاستماع على الأناشيد الدينية والقرآن الكريم في المنزل؟
الاستماع على الأناشيد الدينية يحوِّل النفس ويحببها بالله والرسول، فما أجمل أن تميل النفوس إلى الله والرسول بالمحبة وتتجه وتنشغل بحب الله والرسول وما أبدع ذلك، ولكن بشرط أن نتجنب الألفاظ التي تفهم مفهوم عكس فتتحول العواطف نحو الأمور المنحطة الرخيصة والعواطف الشيطانية، وذلك بتلك القصائد التي تمدح ليلى وسلمى وما إلى ذلك فيذهب الفكر إلى أفكار لا يريدها الله ورسوله، أما الأناشيد والقصائد الخالية من الغزل المبطن، والذي يخلو من كلمات الفحش التي تفهم بمفهوم رخيص.
أقول: الأناشيد التي تمدح رسول الله وصفاته الشريفة العالية وشمائله السامية، وتوجّه النفس لخصاله النبيلة بالإنشاد فهو إرشاد، والأناشيد التي فيها المواعظ والعبر فهي شرح لمعاني القرآن ولكن بصورة تحبيبية قريبة من القلب وأصوات شجية {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ..} سورة الأعراف: الآية (170). فهي بوقعها على القلب كالمسك الأزفر، وهي كلها مستوحاة من كلام الله عزَّ وجلَّ، وتجدها كلها مدحاً للنبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن يمدح النبي والله يمدحه، فلم نحن لا نمدحه وننشد به، و نكون بذلك من الذين يمسّكون بالكتاب يجعلونه كالمسك الأزفر كما قلنا، بذا ينشأ حب لله وسمو نفسي راقٍ.
أما بالنسبة لقراءة القرآن في البيت فهذا أمرٌ مفروغ منه، فالله تعالى قال لزوجات النبي أمهاتنا المرشدات المؤمنات أن يقتصر الاجتماع الديني على البيوت و المنازل كما تفضلتَ بالسؤال، وأن يذكر القرآن في المنزل، قال تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} سورة الأحزاب: الآية (34). فالاستماع على القرآن و الأناشيد الدينية في المنزل، لا شيء أجمل منه و الآية السابقة تؤيّده، وهذا دليل قرآني ومَن أصدق من الله حديثاً.
أما عن الأناشيد المذمومة الإبليسية التي توجه القلب للجنس وهي حجاب عن الله فهي التي تفهم كلماتها مفهوماً عكسيّاً، هذه نتجنبها لكي لا تعكّر صفاء النفوس وتحوِّل القلوب عن حبّ الله و الرسول إلى الأمور الرخيصة و الشهوات المنحطة كالأناشيد التي تصف الجسد وتمدح ليلى وسلمى، مثال:
ليلى علي الهجر طـال ولــــم أزل صبّاً ولوعاً في هـواك من الأزل
بالله يا ليلى صليـني فإنني مغرم عـرفـتـــه كـل أنــواع العـــــلـل
مثال آخر:
ينشدون ويقولون: سلبت ليلى مني العقل.
فمَن تلك ليلى التي يقصدونها؟
ويقولون: في سلمى وهواها كم وكم ذابت قلوب.
فمَن تلك سلمى وليلى! وتلك الأسماء التي تدل على الإناث {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً} سورة النساء: الآية (117). وهذه الأناشيد كلّها محرمة وتدعو إلى الفحشاء والمنكر، والله ينهى عن الفحشاء و المنكر.
وقد قام الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله وناقش بالمنطق من يقول تلك الأناشيد الباطنية المرفوضة، وأقام عليهم الحجة من خلال الحوار والمنطق، وأثبت لهم أن هذه القصائد تحوِّل النفس إلى الشهوات المنحطة باسم الدين، وهي طعن بالدين فهذه لا بالمساجد ولا بالموالد والمنازل يجوز الترنم بها، لأنها تجعل المجالس النبوية مجالس حضرات إبليسية، تقضي على الفضيلة والشرف في نفوس المترنّمين والسامعين فهذه محرّمةٌ قطعاً، والشيخ علي الطنطاوي قاومها وأيدته الحكومة السورية بالقانون بمنع هذه الأناشيد التي هي طعن في الدين الإسلامي، وتحويل الناس لهذه الحضرات الإبليسية بهذه القصائد الغرامية والتي تنشد باسم الدين، ويوجد نفوس آسنة صنعوها بشكل مبطن لتحويل النفوس إلى حبّ الشهوات التي تهلك الإنسان وتحولها عن الهدى إلى الضلال، ومن حب الله ورسوله إلى حبّ الشهوات، ويتحوَّل مجلس الذكر إلى مجالس النيران الجهنمية، وهذه الأمور لا يراها مؤذية ضارة إلا أهل القلوب أما المدائح التي تحبب النفس بالله و رسوله فما أجملها و أجمل الترنم بها.
دع ما ادعته النصارى في نبيّهم واحكمْ بما شئت مدحاً فيه واحتكم
فلماذا لا نمدح الرسول الشفيع ﷺ؟! والقرآن لا تخلو سورة منه إلا وتمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، والثناء عليه لتتحول النفوس إليه ليدخلها على الله مبدئيّاً من حيث لا تدري غير أنها تشعر بنعيم القرب الإلۤهي، وتتذوق فضله وبره، فترقى بمعرفة الله ورسوله، هذه التي يطلق عليها إنشاد وهي بالحقيقة إرشاد وشرح لمعاني القرآن.