هل الله يغضب؟ كيف يغضب؟ ما معنى أن الله لا يحب الكافرين؟

بسم الله الرحمن الرحيم
هل الله يغضب؟ كيف يغضب؟ ما معنى أن الله لا يحب الكافرين؟

نعم يغضب الله و ذلك واضح بآيات كثيرة في القرآن الكريم {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} سورة النساء: الآية (93).
فغضب الله لا كما يتبادر لأذهان العامة من الناس، أو كما نراه في الوقت الحالي فإذا غضب فلان على فلان سعى في دماره وسحقه و ليبطش به دون رحمة ولا شفقة فهذا الوصف لا ينطبق على الوالد تجاه ولده، فكيف نقبله على رب العالمين وهو الرحيم الكريم؟!
قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} سورة آل عمران: الآية (26).
فبيده تعالى الخير كله لمن أعطاه ولمن حرمه، وبيده الخير لمن أعزَّه ولمن أذلَّه وبيده الخير في أيّ حال من الأحوال، فالله تعالى لا يقابل عباده إلا بأسمائه الحسنى، وحسب الحكمة، فالأب الرحيم إذا رأى ولده يُهلك نفسه ألا يغضب عليه رحمةً به وحباً له أم تراه يرضى؟! أمَّا الغريب فلا يعبأ بهلاكه ولا يبالي ولكن الله تعالى أحن عليك من نفسك لذا يغضب.
كذلك المعلم الناضج إذا رأى أحد الطلاب تراجع في دراسته وأهمل واجبه، ألا تراه يغضب؟! فهل في غضبه قسوة؟! أم أنها الحكمة تقتضي هذا العمل؟! والله عزّ وجلّ كذلك بيده الخير لا يقابل عباده إلا بالإحسان، ولكن بما تستوجبه الحكمة الإلۤهية والرحمة، بل ويفرح لهم حينما يسلكوا ما فيه طاعته وبما يعود عليهم بالسرور والهناء والسعادة الأبدية.
ولكن متى يغضب الله على قوم؟
أقول: في البداية يُخرج لهم كل ما في نفوسهم من شهوات ويفتح لهم الدنيا على مصراعيها، ويعطيهم جُلَّ طلباتهم منها ورغائبهم، ومن ثم يُسمعهم الحق ويدلُّهم على طريق الهدى واتباع سبيل الرشاد علَّهم يعودون إلى الهدى فيسعدون وتستنير قلوبهم، فيفتحون بعد أن أخرج حب الدنيا المستحكم في قلوبهم وعاينوها وشبعوا منها، فإن أصمُّوا آذانهم عن سماع الحق ولداعي الله ما استجابوا تعنتاً وحماقةً وطغياناً وبما يعود عليهم بالسوء، عندها يغضب الله عليهم، حيث أنهم رفضوا سعادتهم والحق الذي جاءت به الرسل الذي به خيرهم وعدم حرمانهم، والموصل لهم للجنات، عندها يُنزل عليهم أنواع الشدائد والبلاءات من قحط وزلازل وبراكين وأعاصير وفيضانات وعواصف، هذه الشدائد لتشدهم إلى طريق الصواب بدل الضلال، ولعلّهم يعودون إلى الهدى والنور بدل العمى والخسارة والفجور.
ومثال على ذلك: فرعون وآله وما نزلت بساحتهم من البلاءات والشدائد إلا بعد أن أعطاهم الله ما أرادوا من الدنيا وبهرجها، والشهوات استوفوها بالتمام وشبعوا منها هو وقومه؛ ومن ثم بعث لهم سيدنا موسى وبيَّنَ لهم الحق ومغبَّة ما هم فيه، وأرشدهم سبل الهدى لعلَّهم يسعدون بعد أن شبعوا من الفسق.
ولما لم يستجيبوا بل وعاندوا وكابروا وقارعوا نزلت بهم أنواع الشدائد من قحط وقمل وجراد وشتى البلاءات، هذا كلّه لم يأتِهم إلا بعد رفضهم الحق الذي جاء به موسى عليه السلام، وبعد هذه الشدائد المتنوعة إذا استمروا على عنادهم وكفرهم يأتيهم البلاء العام وهذا ما حصل فعلاً إذ أغرقوا ثم: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} سورة الأعراف: الآية (137).