السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أسأل عن حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم:
((من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم)).
فما هي الباءة وما علاقة الصيام بها ومتى يحق للإنسان أن يتزوج ولكم جزيل الشكر؟
الأخ الفاضل حفظه المولى آمين.
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشرَ الشباب من اسْتَطاع منكم الْبَاءَةَ فليتزَوَّج، ومن لم يستَطِع فعليه بالصوم فإِنه له وِجاءٌ). والأَصلُ فـي الباءةِ الـمَنْزل ثم قـيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ من تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً. والبـيئةُ والباءَةُ والمباءَةُ: المنزل المعمور بكافة اللوازم بمعيشة الزوجة والأبناء وتتضمن الكثير: غرفة النوم وأدوات المطبخ والتجهيزات التامة له لتتم الحياة دون شكوى ولا ألم...
فالرسول يخاطب فئة أمامه من الشباب "الصحابة" قائلاً من أصبح منكم أهلاً للزواج وأصبح له من الإمكانية المادية (بيت ووارد يكفيه وعائلته الجديدة) فيعطي زوجه حقها ولا يظلمها فيبوء بنعمة من الله وفضل، فليتزوج من أصبح قادراً على ألا تغلبه هذه الشهوة وتحجبه عن الإقبال على خالقه، فهذا باء برضى من الله وفضله وأصبحت البيئة صالحة "حياته القلبية" لأن ينتج ثمراً طيباً وذرية لا تزيده إلا قرباً من خالقه، فليتزوج. فلا رهبانية في الإسلام، إذ بالزواج تتوسع دائرة المؤمن في عمله الصالح في ذريته وزوجه، وتكون فائدته أعمّ، حيث أصبح باستطاعته أن يأخذ بيد زوجته وأن يبوئِّها جنة النعيم.
أما من لم يكن أهلاً لهذه الوظيفة، وهو ليس ذو كفاية مادية ولا معنوية (لا بيئة مادية ولا بيئة نفسيّة) ليقوم بحقوق الزوجة. فإن الله ضيّق عليه (فلا منزل عنده بجوار أهله عادة ووارده المالي ليس يكفيه) كي لا يبوء بغضب منه تعالى. لأنه لا يزال بين انقطاع واتصال مع ربّه، فتحصل له الغفلة حيناً والصلة أحياناً فعليه بإكمال الجهاد حتى يغلب نعيمه القلبي على كل لذة دنيوية، وهذه لا تتم إلا بالصحبة القلبية لرسول الله حيث يرى مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فلا يعود ممن تحجبه هذه الشهوة عن خالقه، أقول إن لم يكن لديه الأهلية فعليه بالصوم (وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الأيام البيض في منتصف الشهر القمري حيث يكون تأثير القمر كبيراً آنذاك حيث يهيج الدم في جسم الإنسان فتغلب عليه العاطفة)، فالجوع والعطش في الصيام عونٌ على القطيعة بين الإنسان والشيطان. من وصل إلى هذا الحال "الصحبة النفسية مع رسول الله" يكون له من الزواج ساعتها إنقاذ لزوجته لا حجبٌ عن المشاهدات القلبية، ولئن يهدي الله بك نفساً خيراً لك مما طلعت عليه الشمس من عهد أبينا آدم عليه السلام وإلى يوم القيامة، فما أعظم كسب المؤمن الحق!