السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما المقصود بالناسخ والمنسوخ
هب أنَّ إنساناً تسلَّم أوراقاً هامة لعقارات أو متاجر باهظة الثمن أو حاز على شهادةٍ علمية هامَّة أفلا تراه يسارع لنسخِ صورةٍ عن الأصل خشية ضياعها أو تلفها لكونها مهمّة، فهو يحتفظ بالأصل ويحفظه ويثبت مستنداته القيمة ولا يختلف بهذا المعنى أحدٌ، نعم إن هذا هو معنى النسخ المعروف عند كل الناس وكتاب الله تعالى يؤكد التثبيت بما لا جدل فيه ولا مراء وكمثال لذلك قول الله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الجاثية، الآية (29).
أي نثبِّت أعمالكم ونحفظها من الضياع وهذا عن طريق الملائكة ((الرقيب والعتيد)).
وأيضاً عندما جاء سيدنا موسى صلى الله عليه وسلم بالألواح لبني إسرائيل {..وَفي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} الأعراف: الآية (154): أي لعلّ بني إسرائيل يثبِّتون ذلك في نفوسهم فيهدوا به العالمين في زمانهم.
هذا وقد نسخ سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه نُسَخَ القرآن ووزَّعها في الأمصار فهل معنى ذلك إلا أنه ثبتها؟!
قال تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ}: أي نثبِّت حكمها. {أَوْ نُنسِهَا}: نؤخِّر حكمها. {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}: بمثلها بالخيرات: أي خيرٌ منها بما يتناسب مع كلِّ زمان وظرفٍ وما يتناسبُ مع الواقع وحسب اللزوم، كزواج الكتابيات حرَّمه الله تعالى عندما كان الإسلام ضعيفاً خوفاً من أن يتبع الولد أمّه بالكفر، ولكن عندما قوي الإسلام سمح بالزواج بهن فلم يعدْ ثمة خوف على الأولاد من الكفر. كذلك بخصوص قطع يد السارق يطبّق عندما يكون التكافل الاجتماعي والتضامن بمعيشة الكفاف مؤمَّناً من بيت مال المسلمين لكل الرعية بما فيهم أهل الذمة بالدول الإسلامية، فلا يجوز تطبيق الآية مالم تتحقق أشراطها، فسيدنا عمر رضي الله عنه لم يقطع أيدي السارقين عندما حلّتِ المجاعة في البلاد الإسلامية وسرق بعضهم ليأكلوا وتأكل أولادهم. إنما تُقطع يد السارق المكتفي المحب للسرقة لأجل السرقة فقط.