ما الغاية من الاستعاذة عند قراءة القرآن؟

بسم الله الرحمن الرحيم {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} النحل 98
من هو المخاطب هنا؟
ما الغاية من الاستعاذة عند قراءة القرآن؟ فعموما يستعيذ الناس عندما يشاهدون أو يسمعون شيء منافي لأخلاق الإسلام أو عندما يشعر المرء بأن الشيطان يحاول الوسوسة له فيقول بسرعة: أعوذ بالله..
أما من يقرأ القرآن فهو أبعد ما يكون عن الشيطان فلماذا خصصت الاستعاذة بقراءة القرآن؟ لا شك أننا دوما يجب أن نستعيذ بالله قولا وفعلا لكن السؤال عن سبب ربط قراءة القرآن بالاستعاذة. وشكرا.

يقول سبحانه وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ..}: لكي تفهم كلام الله. {..فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ..}: استعذ لتصبح قريباً من الله تعالى، التجئ إلى الله، فهو قريب منك. {..مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ..}: يهرب الشيطان عنك. اعتزَّ به، ولكن متى تحصل هذه الاستعاذة؟

إن آمنت حقّاً أنه قريب، التجأت، إن لم تؤمن بلا إلۤه إلاَّ الله قراءتك لا تجديك، لأنك لا تسمع ولا تبصر. فإن آمنت استعذت وفهمت، فشرط القراءة الإيمان.
{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ..}: بلا إلۤه إلاَّ الله.
{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ..}: مستسلمين إليه، رأوه معهم، قريباً منهم، يرى الله معه. سورة النحل: الآيات 98-99.
إذن، إذا التجأتَ بنفسك إلى الله عند قراءة القرآن، وإذا دخلتَ في حضرة المطاع الذي ذلَّت وخضعت لأمره سائر المخلوقات، من أبراج السماء... للشمس والكواكب والقمر.. للأرض.. لا يخرجون عن أمره قيد أنملة ولا خالق للأجنة إلا هو جلّت عظمته، فهنالك تصبح في حصنٍ حصين وحرز منيع لا يدخله شيطان وتنقطع عنك وأنت في هذا الحصن وساوس الشيطان، ويزول الوَقْر من الأذنين، وينكشفُ الغطاء عن العينين؛ وعندها تسمع الكلام من المتكلم جلَّ جلاله؛ وترى وتشهد ما في أوامره من المنافع والخيرات.

إنّ الشيطان أخسأ من أن يحضر مجالس رسول الله ﷺ وقد أدرك ذلك بنفسه واستثنى السادة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام من محاولة الغواية لبني آدم عليه السلام عندما قال: {..رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} سورة الحجر: الآيات 39-40.
فلا يمكن أن تكون الآية الكريمة "في سورة النحل التي أوردناها من قبل" للرسول ﷺ أبداً.
وإن استعاذ "ﷺ" قولاً وهو يعلّمنا فهو دوماً مستعيذ بالله لا ينقطع عن الله طرفة عين، وفي حال دائم من الإقبال والاستزادة من الله تعالى.

والاستعاذة: التجاء إلى الله وما أن تلتجأ إلى الله يرسل لك رسوله وينكسر رأس الشياطين.