ما الحكمة من وجود المد في القرآن الكريم؟

ما الحكمة من وجود المد في القرآن الكريم؟ وفقكم الله.

الحكمة من التجويد هي إظهار لفظ الحروف والكلمات لفظاً صحيحاً سليماً واضحاً للمصلي القريب من الإمام والبعيد عن الإمام، لأن المصلي يكون بحال صفاء نفسي كبير ليتلقى المعاني العظمى من حضرة الله ورسوله، لأنه تعالى يقول {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ..}: أي على سيدنا رسول الله {..قَوْلاً ثَقِيلاً}: في الخيرات، فحينما يكون المصلي سادر في المعاني يتذوقها ويعيش في نعيمها ومشاهدها القدسية، فإذا جاءت كلمة وتغيَّر لفظها إلى معانٍ أدنى وهي ليست كذلك ولكن الذي لفظها لفظها بمعنى كلمة أخرى أو سمعها المصلي بغير لفظها الصحيح، فالتبس فهم المعنى فيغدو المصلي المخلص الصادق، كطائرة محلقة بالأجواء العليا ومرت على "مطب هوائي" فيختلف ميزان النفس ويتغير مسراه، وقد تنقطع صلاته، فكلام الله يجب أن يكون مسموعاً بوضوح وجلياً لا إلباس بين كلمة وأخرى ومن هنا سمّوا هذه القوانين بالتجويد، أي: أن يكون القول مسموعاً بشكل جيد وملفوظاً كما هو بالقرآن.
ومثال على ضرورة التجويد إذا قرأنا بيت الشعر الذي يجمع حروف الإخفاء وهو:

صف ذا ثنا جود شخص قد سما كرماً ضع ظالماً زد تقى دم طالبـاً فتـرى

فلو لفظنا هذا البيت دون حكم القلقلة مثلاً لاختلف فهم المعنى الصحيح تماماً فبدل كلمة (قدْ سما كرماً) تفهم (قسما كرماً) فما هو الكرم الذي قسمه وبدل كلمة (زدْ تقى) تفهم (زيت تقى) وبين زيت تقى وزدْ تقى يهوي من سموات القدس إلى أدنى أمور الدنيا فالشطر الأول (صف ذا ثنا جود شخص قد سما كرماً) ينطبق هذا الوصف والمعنى تمام الانطباق على رسول الله ﷺ فهو من يجود على الخلائق كلها بالإكرامات الإلۤهية والجنات السرمدية (ضع ظالماً) ولكن الشرط أن تؤمن ولا تظلم نفسك ولا أي نفس حتى ولو بعالم الحيوان لا تظلم قطاً ولا نملة (زد تقى) وازدد في معارج التقوى (دم طالباً): لقاء الله عندها ترى (فترى) أي ترى ببصيرتك الحقائق وتعرف الخير والحق فتتبعه وتطلب من ربك أن يعينك على طاعته. والحقيقة أن درس التجويد ليس من وحي العلماء بل كان درساً أسبوعياً مقرراً على الصحابة عند رسول الله ﷺ.