السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سؤالي حول بئر أو نبع زمزم ما حقيقته؟
من أين يستمد مياهه؟ هل هناك اختلاف بمكونات مياهه عن مياه الينابيع العادية؟ وما سر هذا الاختلاف؟ وهل ما يُقال أنّ مياهه تشفي العديد من الأمراض؟ أرجو إعطائنا نبذة عن هذا النبع..
وجزاكم الله خيراً.
إليك نبذة وجيزة عن مياه زمزم.
حصلت شبهة حول ماء زمزم أنه غير صالح للشرب، وعندما تناهى هذا اللغط إلى مسامع الملك فيصل في عام 1971، أصدر أمراً للتحقق من هذا الموضوع وتقرر إرسال عينات من ماء زمزم إلى معامل أوروبية، فقام المهندس الكيميائي معين الدين أحمد بجمع تلك العينات وراح معين الدين يبحث عن مدخل تأتي منه المياه للبركة التي لا يتجاوز طولها /18/ قدماً وعرضها /14/ قدماً، وهي مع صغر مساحتها توفر ملايين الجالونات من المياه كل سنة للحجاج، وهنا خطرت لمعين الدين فكرة يمكن أن تساعد في معرفة مصدر المياه، وهي شفط المياه بسرعة باستخدام مضخة ضخمة، بحيث ينخفض مستوى المياه مما يتيح له رؤية مصدرها غير أنه لم يلاحظ شيء خلال فترة الشفط، فطلب من مساعده أن ينزل إلى الماء مرة أخرى، وهنا شعر الرجل بالرمال تتحرك تحت قدميه في جميع أنحاء البئر أثناء شفط المياه، مما يدل أن الماء تنبع من كل نقطة في أنحاء البئر، وكانت تلك المياه تنبع بنفس معدل سحب المياه الذي تحدثه المضخة بحيث أن مستوى الماء في البئر لم يتأثر إطلاقاً بالمضخة. فبئر زمزم لا يجف إطلاقاً بل يعطي حسب الطلب.
وهنا قام معين الدين بأخذ العينات التي سيتم إرسالها إلى المعامل الأوروبية، وجاءت نتائج التحليل: أن الفارق بين مياه زمزم وغيرها من مياه مدينة مكة كان في نسبة أملاح الكالسيوم والمغنسيوم، ولعل هذا هو السبب في أن مياه زمزم تنعش الحُجاج المنهكين.
ولكن الأهم من ذلك هو أن مياه زمزم تحتوي على مركبات الفلور التي تعمل على إبادة الجراثيم أيضاً، إلا أن بئر زمزم لم تجف أبداً من آلاف السنين، وأنها طالما كانت توفي بالكميات المطلوبة من المياه للحجاج، وبئر زمزم لا تنمو فيه أية فطريات أو نباتات كما هو الحال في باقي الآبار لاحتوائه على الفلور في أصل تركيبه والذي يقضي على الجراثيم والفطريات.
أما ماؤه فيستمدها من الأقطاب وقد جعل الله تعالى فيها هذه الخصائص الملائمة للحجاج ولتلك الأماكن. هذا من الناحية الظاهرية البادية للعيان ولكل شيء صورةٌ وحقيقةٌ.
أمّا السرّ الحقيقي لمياه بئر زمزم فهي مشروب الأنبياء وقد تأثرت بروحانيتهم صلوات الله عليهم أجمعين كما تأثرت جميع تلك الأماكن فأضحت مقدسة بمن فيها من نفوس طاهرة.
خرجت هذه المياه في تلك البقعة لتسقي الحجيج وتلبي لهم ما يحتاجونه إلا أن لها روحانية خاصة يعلمها من يعلمها من أولي القلوب والأبصار قال رسول الله ﷺ: (زمزم لما شُرِبَت له). ولفظها يدل على معناه، إذ أن الحاج الذي غدا من أهل القلوب وتفتّحت منه عين البصيرة حين شربها تسري نفسه شعاعاً إلى الذي تقدَّست به هذه الأماكن وتلك المياه، وهو السرّ الأعظم رسول الله ﷺ فتجتمع به.
زمَّ: بمعنى ضمَّ أي تمسك به وانضم للشفيع المشفّع.
تمسَّك إن ظفرت بذيل حرٍّ فإن الحـر فـي الدنيـا قليـل
عندها يضمه رسول الله ﷺ قلبياً ويأخذه عروجاً به إلى الله عزّ وجلّ.
فمن شرب من زمزم وكان هذا حاله إذ رافقت نفسه نفس رسول الله وسرى النور الإلۤهي عن طريق رسول الله وصولاً للمرتبط، شفي من علله النفسية والجسدية.
أمّا من كان في عماء عن رؤية الحقيقة فهي بالنسبة له مياهً عاديةً، لا بل ربّما يجدها كريهة لا تُشرب، إن لم يُقَدِّم قبل شربه عمل خير أو إحسان، والأمر نسبي يتفاوت بين شارب وشارب، فبقدر محبّتك لرسول الله وإحسانك تجد مياه زمزم لذيذة عذبة وتشرب ولا ترتوي منها ولا تشبع من طعمها الشهي، وإن كان المرء مسيئاً ظالماً يمجُّ هذا الماء ويكرهه.