لماذا كان محمد ﷺ يعظم ويقبّل الحجر الأسود؟

لماذا كان محمد ﷺ يعظم ويقبِّل الحجر الأسود؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
يا أخي: القبائل العربية هي التي كانت تعظّم الحجر الأسود، حتى أنهم عندما رمَّموا الكعبة وأرادوا إعادة الحجر الأسود لموضعه من الكعبة اختلف زعماء القبائل العربية فيما بينهم، مَن التي ستنال شرف إعادة الحجر الأسود لموضعه، وخلصوا إلى الرأي أن يحكم بينهم أول داخل إلى الحرم، وذلك قبل البعثة، فكان أول داخل سيدنا محمد ﷺ وكلهم وافقوا عليه وقالوا: "جاء الصادق الأمين"، وأشار ﷺ أن يضعوا الحجر الأسود على عباءته ويأخذ كل زعيم من زعماء القبائل بطرف من العباءة ويحملوها إلى الكعبة، ووضع الحجر الأسود في موضعه، فيكون جميع القبائل قد اشتركوا في وضع الحجر وحمله إلى مكانه.

إذن: لم يكن الرسول يُعَظِّم الحجر الأسود، لأنَّه حجر كغيره من الأحجار، بل كانت القبائل العربية تعظِّمه وذلك لأنها تناقلت عن الأنبياء والمرسلين تقبيل الحجر الأسود ولم يفهموا الحكمة والعبرة من ذلك، وسيدنا محمد ﷺ قبَّلَ الحجر الأسود وما تقبيله للحجر الأسود إلا رمز وإشارة إلى أن الحاج وهو في هذه المرحلة وبتفتيح بصيرته ورؤيته للحقائق لم يعد لديه فرق بين أبيض وأسود ولا بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.

فالحاج المؤمن التقي لم يعد ينظر إلى الصور إنما ينظر بنور الله للحقائق ولا تغرُّه المظاهر وبهرجها، بل ينظر إلى الحقائق، ويتمثَّل الحاج في تقبيله للحجر الأسود قوله تعالى: {..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} سورة الحجرات (13).
وقول رسول الله ﷺ: «إنًّ الله لا ينظر إلى صوركم إنما ينظر إلى قلوبكم».