لماذا ذكرت المرأة في القرآن بعدة أسماء (مرأة - زوجة - أنثى)؟

الأستاذ المربي عبد القادر الديراني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكرت المرأة في القرآن الكريم كثيراً فمرات عديدة ذكرها الله سبحانه وتعالى باسم المرأة ومرات ذكرها سبحانه وتعالى بالزوجة وفي بعض المرات ذكرها سبحانه وتعالى بالأنثى فلماذا ذكرت بأكثر من اسم وهل هو من إعجاز القران؟ ولماذا تذكر في كل مرة باسم مختلف وهل لهذا علاقة بحالة الإيمان لديها؟ ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. وذكرت بسور أخرى بالمرأة قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}.
والسؤال لماذا لم يقول الله تعالى زوج نوح وزوج لوط؟؟؟ وقوله تعالى أيضاً في امرأة فرعون، في قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ}. وقال تعالى على لسان زكريا: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا} وقال تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء}. وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}.
يرجى شرح الفرق ولماذا ذكرت في طلب سيدنا زكريا بالأولاد في أول مرة بالمرأة وثاني مرة بالزوج.

لكل كلمة معنى وهي حسب ورودها في الآية الكريمة:
فالزوجة: مأخوذة من الازدواجية والمثنى، وذلك بالرابطة النفسية لأن الزواج إنما هو زواج نفسي ورابطة نفسية فهو يقول لها حين العقد: (زوجتكِ نفسي لنفسكِ) وهي تقول: (زوجتكَ نفسي لنفسكَ).
إذن: الزواج ليرقى الأعلى بالأدنى في مدارج الإيمان وليس الزواج جسدي لحمي فقط، لقضاء شهوات منقضية فحسب.

والمرأة: الرجل مرتبط بالأعلى برسول الله صلى الله عليه وسلم بروابط التقدير والمحبة وهذه الروابط معنوية قلبية، والمرأة ترتبط بزوجها فينعكس عليها ما يناله الرجل بسعيه وإيمانه وتقواه، يعود لبيته ليرى ذلك في صفحات نفس امرأته.
فالمرأة: مرآة زوجها وهو ينقذها ويأخذ بيدها وذلك بإخلاصها له.
وهكذا أمهاتنا زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعكس عليهنّ من جانب رسول الله سيّالات من الأنوار والمحبة الإلۤهية.
امرأة نوح وامرأة لوط بلغوا منازل عالية ومدارج راقية بمعية سيدنا نوح وسيدنا لوط عليهما السلام ونالوا عن طريقهما نوالاً عظيماً ولكنهما تحولتا عنهما، امرأة سيدنا لوط تحولت بنفسها وحوّلت وجهتها نحو قومها وأهلها الأرذال، فصارت تلمّ منهم الأوضار والخبائث فهلكت بهلاكهم إلا أنها نالت في البداية مع سيدنا لوط نوالاً كبيراً وبلغت مراتب عليّة فوق العالمين وفيها قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً..} سورة النحل: الآية (92).
وكذلك امرأة سيدنا نوح تحوَّلت عن سيدنا نوح إلى ابنها، وابنها متحوَّل للمجتمع الفاسد فكان المشرب آسن نتن فهلكوا جميعاً.
المرأة مشتقة من كلمة المرآة، أي تغدو نفسها بالإخلاص لزوجها مرآة لنفسه، يغدوان كنفس واحدة، وعكسهما تماماً امرأة فرعون كم كانت ستعب من طرف فرعون أوضاراً وينعكس فيها إعراضاً وأمراضاً من ناحيته، إلا أنها وبتوجهها لسيدنا موسى وتعلقها به قلبياً نالت منزلةً عالية ومرتبة سامية حتى أنها تخلت عن مُلك فرعون والنعيم الدنيوي، إذ قالت: {..رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ..} سورة التحريم: الآية (11).
أما كلمة أنثى: فهذا اسم جنس يصح على كل مخلوق من المخلوقات سواءً أكان مكلفاً أو غير مكلف فللقط أنثى وللذئب أنثى وللحصان أنثى وللجمل أنثى وهكذا...
ولا يصح أن تقول عنها زوجة أو امرأة.

والأنثى كذلك تَصِّح على الإنسان أيضاً، فهنالك نوعان: (ذكر) وهو الذي يقوم بالتذكير فيتذكر الغاية التي قَدِم لهذه الحياة من أجلها ويتذكر عهده وميثاقه فيعمل لأجل نجاحه ولوفائه، وكذلك يقوم بتذكير غيره من الإناث الزوجات اللواتي نسين العهد والجنات، فعلى الذكر هدايتهن وبإنسانيته يعيدهن لربهن ليصبحن حوراً عين كأنهن اللؤلؤ المنثور وينعمن بالجنات لذا كان مقصد الزواج نفسياً ليرقى بنفسها للسمو والعلو لا ليكونوا شهوانيين اللحم، كأكلة لحوم البشر.