السلام عليكم
ما هي الهيئة التي كانت الجن عليها لما كانت مسخّرة لنبي الله سليمان عليه السلام أو كيف يرى سليمان الجن وعلى أي هيئة؟
وكيف سيقوم الجني بنقل عرش بلقيس لو سمح له سليمان عليه السلام؟ هل لديه قوة مادية؟
- الهيئة التي كان الجن عليها زمن سيدنا سليمان ويجلسون بين البشر، هي مثل هيئة الإنس تماماً، ظاهرين بأجسامهم المادية للناس جميعاً.
وهم مشابهون للإنس تماماً، فعندهم الفقير والغني والطويل والقصير والأبيض والأسود والضابط والجندي ولا يختلفون عن الإنس أبداً، لكن لهم ميزة أنهم تلبس نفوسهم أجسامهم ويطيرون، لأن أباهم لم يأكل من الشجرة كسيدنا آدم عليه السلام.
في زمن سيدنا سليمان عليه السلام سمح الله لهم أن يظهروا ويخرجوا بأجسامهم لعالم الصور والمادة، ويعملوا لسيدنا سليمان ما يشاء من أدوات حربية مماثلة لما عند العدو وأواني لطعام الجنود في الجيش.
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ..} سورة سبأ: الآية (12-13).
إذن: فهم يعملون أعمالاً ظاهرة في المادة، وهذا خاص في زمن سيدنا سليمان. قال تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ، وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ، وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} سورة ص: الآية (36-38).
فهم ظاهرون بأجسامهم يغدون ويروحون إلى أعمالهم مثل الإنس تماماً، ولا فرق في ذلك الزمان في الهيئة.
وبالنسبة للسؤال: كيف سيقوم الجني بنقل عرش بلقيس لو سمح له سليمان عليه السلام؟
نقول: ليس هذا الأمر بغريب أو بعيد، ولنا في زماننا هذا أمثلة نراها في يومنا مألوفة فالتلفاز ينقل لك أنباء وحوادث جرت في الطرف الآخر من الكرة الأرضية بتفاصيلها ودقائقها فيصور لك المشاهد والوقائع والمجريات، وتعيش في الحدث وكأنك هناك في نفس المنطقة التي جرى فيها الحدث.
وكذلك الجني لن يأتي بالعرش نفسه الذي هو بسبأ، إنما سيأتي بصورة بصرية طبق الأصل عنه وتصميم العرش حتى يبني العمال العرش ذاته بنفس الشكل من الداخل والخارج، فالجني كان سينقل صورة قصر بلقيس لو سمح له سيدنا سليمان، فالجن لهم خاصية يتميزون بها عن الإنس أن لديهم إمكانية الطيران وذلك لأن نفوسهم ليست مرهونة ضمن أجسامهم فالجني يستطيع أن يخرج بنفسه من جسده ويحيط بجسمه ويحلِّق به فيطير ويذهب إلى سبأ، ويأتي بتصميم وصورة العرش قبل أن يقوم سيدنا سليمان من مقامه أي قبل انقضاء مدة درسهِ، وهي قرابة ثلاث أو أربع ساعات {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ..} سورة النمل: الآية (39).
ولكن الذي عنده علم بالكتاب {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ..} سورة النمل: الآية (40): ذلك لأن المؤمن التقي نفسه مستنيرة بنور الله عن طريق رسول الله سيدنا سليمان إذ ذاك، فهو سميع بصير قد تفتحت منه عين البصيرة يستطيع أن يذهب بنفسه فقط ويحيط بجميع التفاصيل والدقائق الموجودة في القصر، ويصورها ويأتي بها لسيدنا سليمان وذلك بلمح البصر ومدة لا تتجاوز طرفة العين.
وهذا ما جرى فعلاً ووقع {..فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ..} إذن، ليس الإتيان بالقصر بأحجاره وأعمدته إنما المقصود هنا بالآية صورة العرش وتفاصيل البناء.
وفي سؤالك عن الجني (هل لديه قوة مادية)؟
نقول في زمن سيدنا سليمان كان لديه قوة مادية إذ منحهم الله إمكانية الظهور بأجسامهم المادية وسخرهم لسيدنا سليمان يصنعون له ما يشاء.
ولكن في زماننا هذا لم يعد لهم هذه الإمكانية، فهم في زماننا مقيدون لا يخرجون إلى عالمنا بأجسامهم وليس لهم أي سيطرة على المادة. فلا يستطيعون أن يأخذوا أي أثر من المادة من عالم الإنس.