سيدي الفاضل: أنا شاب غير ملتزم بالصلاة لأن صلاتي صلاة حركات، ولن ألتزم حتى أصل إلى الصلاة الحقيقية.
فهلّا أفدتموني وأرشدتموني كيف أصل إلى الصلاة الحقيقية وأحصل عليها فألتزم بها وأصبح في صحيفتكم يوم القيامة.
وجزاكم الله خيراً.
إذا أحببت أن تصلّي الصلاة الحقيقية فاقرأ دلالة العلّامة الكبير محمد أمين شيخو، وهي دلالة الله لأنها كلّها ضمن القرآن لا سواه، وطبّقها. طبّق هذه الدلالة تصلِّي الصلاة الحقيقية، ولكن هذه الصلاة الحقيقية هي صلاة قلبية نفسية، ولكل حقيقة صورة ولكل صورة حقيقة والصورة تحتاج إلى حقيقة، فإن لم تؤدِ الصلاة الصورية فلماذا خلق الله لنا صوراً؟! بهذه الصورة سيدنا إبراهيم وصل إلى الإيمان عن طريق الشمس والقمر والنجم، وأهل الكهف آمنوا عن طريق الصورة حتى وصلوا إلى الصلاة الحقيقية، فلابد من الصورة لأن:
- أولاً: الإيمان مشاهدة بعين الرأس ثم مشاهدة بعين النفس أو الصدر، والصلاة تنبني على الإيمان، فإذا اتجهت النفس تطلب الاتصال بربها عن طريق صنعه فاستعظمت الصنع ورأت أن هذا الصنع ليس للمخلوق بل للخالق تنتقل إلى استعظام الصانع، وقمت إلى الصلاة "والصلاة ركوع وسجود بعد قراءة شيء من القرآن"، فهذا الاستعظام يعبّر عنه الجسم بصورته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة الحج: الآية (77).
فحينما تستعظم النفس تركع خاشعة للصانع جلَّ وعلا، وفي السجود تكون قد آمنت في بدايتها فتتوجه نحو البداية، ويجد هذا المصلي أنه لم يكن أبداً شيئاً مذكوراً لا هو ولا كل المخلوقات، وأنه لا وجود ولا قيام ولا حياة إلا من الله وبالله، عندها تسري هذه النفس من الصور إلى الحقائق. أما إن أهمل الصلاة الصورية فلن يصل إلى صلاة حقيقية، وإن مات وهو تارك الصلاة فإنه يسلكه في سقر. أي: في المقر السيِّئ الذي يعود عليه بالسوء، لأنَّ المؤمنين سألوا الكافرين: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42-43]، فكيف تترك الصلاة؟ أتريد أن تتكبر عن أوامر الله وتريد أن تصل إلى الحقيقة وإلى الله وتحبه؟! إن المحبَّ لِمَن يُحبُّ مُطيع. فإن قمت بالصور طاعة لله فالله سبحانه وتعالى لن يضيع لك ذلك أبداً، ولابد أن يوصلك إلى الصلاة الحقيقية، أما إن تركت الصلاة الصورة فكيف تصل:
تبغي النجاة ولا تسلك مسالكها إن السفينة لا تمشي على اليبس
نعود الآن إلى الجواب: إن أردت أن تصلي حقاً وكنت صادقاً في الطلب فاقرأ دلالة الله القرآنية التي شرحها فضيلة العلّامة محمد أمين شيخو وطبِّقْها.