كلمة (من يشاء) هل تعود على نفس الإنسان أم هي عائدة على مشيئة الله؟

السلام عليكم يا سيدي الفاضل ورحمة الله وبركاته السلام عليكم سؤالي هو عن سورة غافر الآية (15): {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ}.
السؤال: كلمة (من يشاء) هل تعود على النفوس حينما عرضت عليها الأمانة أم هي عائدة على مشيئة الله؟ وما معنى مجمل الآية؟
ولكم الفضل على ما تقدموه من بيان والشكر لكم ورحمة الله وبركاته.

كلامك على المشيئة بسؤالك عن (من يشاء) صحيحة بأنها تعود على النفوس منذ عرض الأمانة وأن يمنح تعالى المشيئة والاختيار للإنسان فيتحمل مسؤولية أعماله لاسيما الصالحة ليكسب بها الجنات.

والآن لشرح الآية:
{..يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ..}: التجلِّي الإلۤهي، وهي الحياة من الله على قلب المؤمن الصادق، كل من صدق أمدَّه الله تعالى بحياة قلبية وتجلٍّ عالٍ، وألقى الحق في قلبه وجرى على لسانه. هذه الروح للمكلفين المؤمنين الناجحين فقط، والمعرضون لا يلقيها عليهم لقوله تعالى: (..وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) سورة الكهف: الآية (51). غير المكلف لا يلقيها الله عليه، والروح: هنا هي الروحانية العظيمة وتجلٍّ من الله على قلوب المؤمنين، عندما يشاهدها المؤمن يشاهد حقيقة النبوة العليا، فالله يلقي على قلب هذا المؤمن حياة وسعادة وأنواراً وتجليات قدسية وبذلك لا يبغون عنها حولاً، وبها أي بهذه الروح الملقاة من رب العالمين يشاهد الإنسان الحكمة من كل أمر وينطبع القرآن بنفسه، وبها النجاة في الدنيا والبرزخ والآخرة، وهي غير محصورة بأناس دون آخرين بل هي لكل طالبٍ لها صادق بطلبه.

{..عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ..}: المشيئة عائدة للإنسان ذاته كل من أراد الحياة وتوجه إلى صاحب الحياة وممدّها توجه إلى الله بصدق وطلبها يلقيها عليه. {..لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ}: يوم القيامة يوم يتلاقى الإنسان مع من خلقه ورباه.