تأويل الآية (48) من سورة إبراهيم

تأويل الآية (48) من سورة إبراهيم:
قال الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.

الآيات التي قبل هذه الآية الكريمة تتحدث عن فساد الزمان: {وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ..}: دبَّروا تدبيرات لردِّ الحق.
{..وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ ..}: هذه التدبيرات كلُّها عند الله. هو الفعَّال، بيده كل شيء. كل فعلهم ضمن علمه.
{..وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}: تدبيرات عظيمة كلُّها ستعود عليهم الكل بيده تعالى.

{فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ..}: الله وعد رسله بالنصر. {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي..}: سورة المجادلة (21).
أهل الحق لا بدَّ من نصرتهم.
{..إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ..}: لا بدَّ أن ينصر رسله.
{..ذُو انْتِقَامٍ}: لا بدَّ أن يسوق لهؤلاء المنكرين شدة لا تبقي في نفوسهم أثراً للخبث، لكن يؤخّرهم لأجل أن يظهر عملهم، ثم ينصر رسله ويرسل لهؤلاء المعرضين بلاءً عمومياً يذهب بهم، وتقع الساعة ساعة هلاك الأمم الضالة ويسود السلام ربوع المعمورة إلى نهاية الدوران.

اليوم قد انتشر الفساد في السموات والأرض بما كسبت أيدي الناس، فالمياه قد تلوثت بالنفط، والهواء كذلك فسد بدخان المصانع والمعامل والسيارات، وكذلك الأرض اختلفت واختلفت أنظمتها كارتفاع في درجات الحرارة وذوبان الثلوج في القطبين وغور المياه الجوفية وفقدانها وانتشار الأوبئة والأمراض في كل مكان وكثرة الحرائق والزلازل والفيضانات، وفي السماء أقمار صناعية محمَّلة برؤوس نووية تنذر البشرية في كل وقت بفناء العالم ساعة سقوطها على الأرض.
وبقيام الساعة التي وعد الله المفسدين بالأرض بها، ونصر رسل الله وقصم ظهر الكفر وأهله، سوف تزول هذه المفسدات من الأرض وتزول البنايات والمصانع والكهرباء والمعامل والمقاصف... وتتبدَّل وتنقلب وهذا معنى قوله تعالى:

{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ..}: فلا ترى أيُّ مظهر من مظاهر الفساد، وتعود الحياة إلى صفائها ونقائها، كذلك السماء تعود إلى صفائها ويذهب عنها كل فساد وتلوث ودخان ويرفل الناس بالسعادة والهناء.
{.. وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}: ليس للدنيا بعدها بقاء طويل بعدها يوم القيامة، «تؤلِّف ولا تؤلِّفان». والآن مضى 1430 سنة، قرُب الألفان... ويوم القيامة يبرزون ليجزون على أعمالهم وكلهم بين يديه تعالى.