تأويل الآية 20 من سورة الحاقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الفاضل أرجو منكم تأويل الآية (20) من سورة الحاقة وما هو الفرق بين هذا الظن وبين الظن في الآية {..وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} نرجو منكم زيادة الإيضاح ودمتم.

في الآية الكريمة: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ} سورة الحاقة: الآية (20).
هنالك ظن مبني على السماع من الآخرين وعلى قناعة من الظانِّ بصدق الآخرين.
والظن أنتجته أحوال ومشاعر حلوة بالصلاة بلا مؤثر مادي محسوس ملموس لا يعرف الظانُّ مأتاه سوى المشاعر.
قد يقوى هذا الظن فتشاهد النفس إشراقات نورانية، وقد تفيض ولا تغيض وتتكرر بالصلاة لاسيما إن ضَحَّى المرء بما هو غالٍ عنده لبني البشر.
أيضاً يقوى هذا الظن عندما تَغمِرُ نفس المصلي أذواق لذيذة وإشراقات مُسِرّة نورانية حبيَّة.
ويقوى هذا الظن إن بقي الظانُّ على استقامته وقام بتضحيات حبيَّة جليلة، فيشاهد المرء من جانب ربه آيات جليلة جميلة نورانية تصل به ليشاهد الرسول النوراني وسماواته العلية التي لم تر العين لها مثيلاً ويشاهده بنورانية عظمى.
هذا الظن يسمو ويتسامى ويعلو حتى أن المرء ليسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين تعرّض المرء لأمور جليلة مصيرية وأنه قد يسمع كلام ربه من خلال رسوله وهذا النوع من الظن هو الظن الشهودي اليقيني وأعلا وأسما أنواع الظنون هو الظن اليقيني.

نهبط لظن آخر قد يكون صحيحاً أو خطأً مبني على كلام المتكلم أو عمل من أعماله، يبني الظانُّ مسيرته على أمور غير يقينية بعدُ ولكنها تُحدِث شكوكاً لدى الظان، ولكنه قد يبني عليها مسيرته الصائبة أو الخاطئة، وهذا النوع من الظن يقول تعالى فيه: {..إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً..} سورة يونس: الآية (36). كما يقول:
{..اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ..} سورة الحجرات: الآية (12).
هذا الظن المتسرع العاطفي غير المبني على أسس يقينية ثابتة كذا الظن التصديقي لا التحقيقي. فمن الظنون المبنية على أسس أو مشاعر مَحِلُّها إلى البيت العتيق، أي إلى التقوى والاستنارة بنور الله فالسالكون بالحق بصدق ينالون بظنهم السامي الجنات {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} سورة البقرة: الآية (46).