السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذاهب الأربعة من وضع البشر والتشريع الإلۤهي من وضع رب العالمين ما مدى صحتها نحن نعلم أن دين الإسلام واحد (وألّوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً) ما هي الطريقة؟ وكيف أصبح أربعة ثم تفرقوا إلى جماعات وطرق (كل حزب بما لديهم فرحون)؟
-ما مدى صحة الحديث الشريف: (تنقسم أمتي بضع وسبعون شعبة واحدة تنجو وكلهم في النار) ومن هم الناجون؟
-هل حقاً يوجد قراءات سبع أو عشر لا أدري وإذا تغير اللفظ ألا يتغير المعنى وبأي قراءة نزل القرآن على قلب سيدنا محمد ﷺ.
- تسأل عن المذاهب الأربعة ما مدى صحتها؟ وتقول أنها من وضع البشر.
يا أخي السائل: ليست المذاهب الأربعة من وضع البشر، بل هي من وضع الإلۤه في صدر رسول الله ﷺ وهو قام بتطبيقها بحسب الحكمة على نفسه إرشاداً لنا وتعليماً فهذه هي السنة، فكل ما قام به ﷺ من عمل فهو سنة، أما ما تحدث به في فمه الشريف فهو الحديث، فالعمل سنة والقول حديث شريف.
أما البشر فكل ما يضعوه غير مقبول، وما يضعه الإلۤه فهو المقبول. لأنه هو الخالق والخالق أعلم بمن خلق.
والمذاهب الأربعة أُخِذَت من أحاديث رسول الله ومن سنته، وكلُ إمام من أصحاب المذاهب تأكد بحسب ما استطاع من اجتهاد أن هذا الحديث ورد عن رسول الله ووضعه في مذهبه، فالمذاهب كلها تعبير عن أعمال رسول الله ﷺ، لأن الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب خافوا على البشر من الضياع، لذا بحثوا عن الأحاديث الصحيحة ووضعوها للناس وأصبحت مذاهباً إذا طبقوها تذهب بهم إلى الصحيح والحق لينجو البشر من النار وغضب الجبار. فنوايا أئمة هذه المذاهب رحمهم الله كلها لخير المسلمين و(إنما الأعمال بالنيات)، فكل المذاهب أُخِذَت عن رسول الله ﷺ وليس من وضعهم، والرسول ﷺ هو الذي يوضِّح معاني القرآن، فالمذاهب توضح معاني القرآن الكريم أخذاً عن رسول الله ﷺ قدر المستطاع بما ظنوه صحيحاً.
فكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
وليس من وضعهم أبداً كما قلت وتفضلت يا أخي.
فالإمام الحنفي بلَّغ بأحاديث ثبتت لديه صحتها أن رسول الله ﷺ لمس أيدي نسائه ولم يتوضأ.
أما الإمام الشافعي فقد بلَّغ أحاديث أخرى أن رسول الله ﷺ لمس أيدي أمهاتنا وتوضأ. وكل واحد منهم طبق حديث رسول الله ﷺ الذي ثبت لديه صحته باجتهاده قدر الإمكان، ولم يضعوا من عندهم شيئاً أبداً، ولكنهم لم يعرفوا الحكمة من أعمال رسول الله ﷺ فطبقوها تقليداً خوفاً على الأمة من الضياع. أما الحكمة فقد بيَّنها العلّامة الكبير محمد أمين شيخو وبيّن أنه في الحقيقة لا اختلاف بين هذه المذاهب وهذا كله تعليماً لنا منه ﷺ، أي أن المرء إذا لمس لشهوة وتحركت نفسه فهاجت أعصابه ومن ثم تخمد فيسبب ذلك خمول في الجسم يجب عليه أن يتوضأ ليستعيد نشاطه فالوضوء للنشاط، أما حينما يلمس زوجته ولم تتحرك نفسه إذ كان لمساً عابراً أو دون قصد ولم تتحرك نفسه ولم تتهيَّج أعصابه فلا يلزمه الوضوء فالأعصاب إذا تهيَّجت ثم عادت إلى طبيعتها فعليه أن يتوضأ ليستعيد نشاطه إذا أراد الصلاة، أما إذا لم تتحرك نفسه ولم تتأثر أعصابه فلا يحصل ضعف على الجسم ولا خمول فلا حاجة إلى الوضوء.
وكل إنسان أعرف بنفسه فإن تهيجت نفسه وضعف جسمه من بعدها فيجب عليه أن يتوضأ.
وإن كان المرء مشغولاً بأمور أخرى ولم تتهيَّج أعصابه ولم يضعف جسمه فلا حاجة للوضوء أبداً. وأنت تقول أن المذاهب الأربعة من وضع البشر. وهذا غير صحيح، بل هي أخذاً عن رسول الله ﷺ بما ثبت لديهم من أحاديث تحققوا من صحتها باجتهادهم قدر المستطاع.
فأصحاب المذاهب الأربعة الأئمة نواياهم عالية وخائفون على الأمة من الضياع ولكنهم لم يصلوا إلى درجة الصحابة ويعرفوا الحكمة وسبب الوضوء أو عدمه فهم تقيدوا بما وصل إليهم من حديث عن رسول الله ﷺ وجعلوه مذهباً يصل بهم إلى رسول الله ﷺ ويطبقون ما طبق ﷺ تقليداً، أما الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعرفون الحكمة وغدوا (حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء) لأن الرسول ﷺ علمهم الحكمة. أما أصحاب المذاهب فلم يصلوا إلى هذه المرتبة ولم يعرفوا الحكمة ولكنهم طبقوا في مذاهبهم ما طبقه رسول الله ﷺ.
إذن: المذاهب ليست من وضعهم بل هي موافقة للشرع أخذاً عن رسول الله ﷺ لتسير الأمة على هدي رسول الله ﷺ الذي هو هدي الله. {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ..} سورة النساء: الآية (80). إذاً لا نستطيع أن نتكلم بحق الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة إلا أنهم اجتهدوا قدر همتهم وخافوا على الأمة من الضياع، فكانت المذاهب تطبيقاً لما طبقه ﷺ لقد قلدوا رسول الله في أفعاله دون أن يفهموا الحكمة من أعماله ﷺ وبما أنهم جميعاً التمسوا أعمال النبي وقلدوها فهي ليست من وضعهم، بل من اجتهادهم لصالح الأمة ليثبتوها على الأخذ من رسول الله ﷺ، وفي زماننا جاء العلّامة وبيّن الحكمة من الوضوء ومما كان يظن اختلافاً بين المذاهب ولكنه في الحقيقة ليس باختلاف بعد أن بيّن حكمته كما بين الحكمة من كافة المناسك بالحج والحكمة من الصيام ومن كل أحكام الشرع {..وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً..} سورة البقرة: الآية (269). فهم أخذوا من تشريع رسول الله فلا اختلاف بين المذاهب وبين التشريع لأنهم أخذوا من ينبوع الحق الصافي ﷺ ليحفظوا الأمة من الضياع والضلال.