أنا أريد تقوية إيماني بالله بالتزام الصلاة ماذا أفعل؟
الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم ... آمين
ليس الإيمان سلعة أو علاج يشتريه المرء من البائع أو الصيدلي، إنما هو نتيجة سعي ذاتي وبحث دقيق عن وجود الإلۤه من ثنايا صنعه وذلك بالتفكير بمخلوقات الإلۤه والاستدلال من دقة صنعها وكمال تكوينها ونظم سيرها في وظيفتها على يد مهيمنة عليها تمدها بالحياة والوجود والسير، إنها يد الإلۤه جل وعلا.
ولكن لهذا التفكير والسعي بالإيمان قوانين يجب إتباعها ليحصل المرء على النتاج المثمر باليقين الشهودي ولمس وجود الإلۤه العظيم من ثنايا صنعه وخلقه.
أولاً: التفكير الجدِّي بالموت وأنه لابد آتٍ لا محالة، فأين الملوك والسلاطين وأين الجيل السابق؟ وكم تبقَّى من العمر؟ هل سنخلِّد؟! هل خلَّد أحد قبلنا؟! أليس لنا نهاية؟!
فإذا فكَّر الإنسان مثل هذا التفكير وواصل عليه، تخاف نفسه عندها من سوء المصير وتشعر بقرب ساعة الرحيل، وتخشى الخسارة الأبدية والآخرة والحساب، ويتولَّد بهذا الخوف صدق وعزيمة وتتطلَّب النفس النجاة وتطلب الإيمان الحق، فتجتمع النفس مع الفكر ليرسم لها مخططاً للخلاص والنجاة، فإذا نظر إلى السماء وما فيها من آيات (شمس - قمر - نجوم - كواكب - غيوم)، وفكَّر بأيٍّ منها لوجد الله قائماً عليها يمدها بالحياة والوجود يسيِّرها ولشاهدت نفسه ذلك رؤية يقينية راسخة لا تزول.
ثانياً: ترسيخ الإيمان بالنفس لا يكون إلا بتطبيق القوانين في السعي للوصول للإيمان كما وصل سيدنا إبراهيم ﷺ من ثنايا هذا الكون العظيم، قال تعالى في سورة البقرة (130): {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ..} صدق الله العظيم. وذلك بأن يضع الإنسان لنفسه أوقاتاً يختلي فيها بينه وبين ربه ليفكر بالآيات الكونية، وأفضل الأوقات على الإطلاق قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، حيث أن لهذين الانقلابين من النهار إلى الليل والعكس تأثير كبير على النفس وما يرافقهما من أحداث.
إذن: الخلوة والابتعاد عن الناس بقصد الإيمان كيلا يشغله شاغل ويعكِّر صفوه معكِّر، والتفكير بالآيات الكونية كما فكر أبونا إبراهيم عليه السلام حتى وصل للإيمان اليقيني الذي ما بعده ريب أو شك.
بهذه الخلوات وهذه الساعات يصل الإنسان للإيمان وما فيه من غذاء للنفس وتقوية لمواجهة الشهوات المحرَّمة، ويجد أن الله مطَّلع عليه لا ينقطع إمداده عنه لحظة فهو معه في كل حركة وسكنة، في كل خاطرة وفكرة، وبهذا يخشع قلبه وإذا خشع قلب المرء خشعت جوارحه وصلَّى حقيقةً ويلمس وجود ربه معه ويستقيم على أوامره استقامة تامة.
ملاحظة:
قد ينتاب المرء ضعف في الصدق وتدخل عليه وساوس الشيطان من شك أو ريب وغيرها وهذه تأتي من الصحبة لرفاق السوء فعليه هجرهم هجراً جميلاً وصحبة أهل الصدق والصلاح «مجالسة أهل الهوى منساة للإيمان محضرة للشياطين» لذا يتطلَّب منا تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} سورة التوبة (119).
من الكتب ما تمَّ ترجمته للغة الإنكليزية كتأويل جزء عم للعلامة الكبير محمد أمين شيخو قدس سره، وفيه خير معونة للتواصل للإيمان الحق اليقيني الذي هو أساس الصلاة وعمادها، ويرجى منك أن تطالعي كتاب الصلاة للعلامة الجليل وبقية كتبه إن استطعتِ يتم لك تحقيق طلبك العظيم.