أتى في سورة البقرة طلب الله لسيدنا آدم وحواء بعدم الاقتراب من الشجرة وإلا فإنهم سيكونا من الظالمين فكيف يكون هذا الظلم وقد قال الله أن لباس التقوى هو خير في آية أخرى؟
وشكرا لكم يا سيدي.
الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
كان سيدنا آدم وأمنا حواء في الجنة وحال الجنة النفس محيطة بالجسد، فالتذوق مستمر متواصل وكلما زادت النفس من ربها قرباً زادت ذوقاً بما تأكله من أشياء، وتضاعفت لذتها إذ على حسب صحة النفس وسرورها يكون ذوقها وتمتعها، ولهم في الجنة ما يشاؤون ولدى الله المزيد.
فحال الجنة "اطلب تعطَ" بتذوق شامل مستمر.
{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى. وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} سورة طه (119).
أما حال الدنيا يختلف عن حال الجنة، الدنيا دار العمل والسعي والحال الجسدي يتطلب من الإنسان الجهد لتلبية متطلبات الجسد وضرورياته المادية، يتعرض الإنسان للتعب والنصب من زراعة وغيرها من أعمال لتأمين الطعام، وبدخول الطعام للجوف يحتاج إلى الهضم والتعب وهذا ما عنته الآية (35) من سورة البقرة في قوله تعالى: {..فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ}: تعب الجسم بالعمل، فيتعرض في الدنيا للجوع والعطش والبرد والحر، ويعمل من زراعة وطبخ وصناعة أدواتها ليأكلَ ويردَّ الجوع والبرد والهضم و....الخ.
ولكن نتاج ذلك مستقبلياً الخير الكبير، إذ خرج الإنسان للدنيا للعمل والسعي فينال بدل الجنة الواحدة التي كان فيها جنات عالية مستمرة.
مثال على ذلك:
خروج الطفل من بيت أبويه بيت الراحة والحرية إلى المدرسة والخضوع لقيودها ونظامها وقوانينها. أليس في ذلك تعب ونصب لهذا الطفل؟!
ولكن دخوله المدرسة وتحصيله للمعارف والعلوم يجعل له مستقبلاً أفضل من لو بقي في بيت الراحة ولم يخرج إلى المدرسة فالتقييد وفقدان الحرية، فقد تم ظلمه جسماً ولكن ينال المعالي والمنازل والمراتب والعلوم مستقبلاً.