أريد منكم حلَّ خلاف نشأ بسبب بيع التبغ، ما الحكم؟

السلام عليكم ورحمة الله
أرجو الإجابة بسرعة عن هذا السؤال لما فيه من الخير نشب خلاف كبير بين أخوين يعملان في محل والدهما وسبب الخلاف بيع التبغ والدخان الأول يقول حرام والثاني ينفي ولرأيكم سيدي فائدة كبيرة مع جزيل الشكر والاحترام.

نحن لا نحرم إلا ما حرّم الله ولا نحلل إلا ما حلل الله، ولا نرجع في أجوبتنا إلا لكلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بيد يديه ولا من خلفه وطالما أن الله تعالى لم يحرّم إلا الخمر، لأن كلمة الخمر تعني الستر والحجاب والخمار هو الحجاب وكل ما حجب التفكير عن الإنسان هو خمر.
فمتى ذهب التفكير أصبح الإنسان حيواناً وفقد الوعي لا يدري ماذا يصنع من أخطاء، الإنسان هو الكائن المفكر والمخلوقات الأخرى لا فكر لها، هذه الميزة الإنسانية العالية الرفيعة إن حجبت وقع الإنسان في الهلاك والله لا يرضى الهلاك لنا.

إذن: كلمة خمر تعني حجب التفكير فكل ما يحجب التفكير مهما تعددت أسماؤه وتنوعت صفاته يقع تحت كلمة الخمر. الخمر يسمى بروسيا فودكا وبأمريكا الخمر يسمى كونياك وغيرها وسكي أو شمبانيا أو نبيذ أو عرق أو بيرة ويدخل ضمن الحديث (ما أسكر كثيره فقليله حرام): لأن القليل يصل بالإنسان إلى الكثير شاء أم أبى. فإذن: لو ظهرت مشروبات جديدة غير المذكورة وسميت بمسميات جديدة وانطبق عليها حجب التفكير فهي خمر وهي حرام وكذا المخدرات حرام.

وعكس المسكرات المنبهات فالشاي فيه الشايين والقهوة فيها كافيين والدخان "لفافات التبغ) تحوي النيكوتين وكلها بمقادير قليلة تنبه الفكر وتصحي الإنسان بعد النوم، فهي ليست خمراً ولا تدخل بقائمة المسكرات فهي قطعاً ليست حراماً، لأن الله حرَّم علينا الخمرة، وكلمة الخمر تعني ما يسكر أو كل ما يشرب أو يكتشف إلى يوم القيامة ويذهب التفكير.

أما الدخان فالإكثار منه يسبب بعض الأضرار فهو مكروه، بل إنّ الإكثار من الطعام يسبب ضرراً أكثر مما ذكر، ولا تجد صيدلية إلا وفيها مواد سامة فهذه المواد لابدّ منها من أجل صحة الإنسان ولكن بكميات قليلة تنفع لا تضر، فهل تستطيع أن تمنع الصيدليات أن تأخذ هذه المواد بمقاديرها وقوانينها، بالطبع إذا زاد الإنسان من شرب الدخان بحيث يؤدي إلى ضرر فهذا مكروه وليس محرماً.

يا أخي: إن المحرم إذا مارسه الإنسان ومات عليه دخل النار وقد شاهدنا بأمّ أعيننا كثيراً من المشايخ والذين أجمع الناس على أنهم أولياء الله كانوا يدخنون بقدر بسيط، فالزيادة أخت النقصان.
ولو كانوا يعلمون أنها تدخل النار كالخمر لفرّوا منها فرار الإنسان من وحوش الغابة.

إذن: طالما أن الله لم يورد التبغ أي الدخان بالتحريم بالقرآن فكل من يحرمه فهو مخالف {..إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ..} سورة المائدة: الآية (72). وقال سيدنا لقمان عليه السلام لابنه {..إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} سورة لقمان: الآية (13). فسبيل رزقك الآن الذي تعتاش فيه أنت لا غبار عليك به لأن القرآن لم يحرّمه بل حرّم الخمرة، وهذا الدخان من المنبهات كالشاي والقهوة فإن حرموا الدخان فليحرموا الشاي والقهوة إذن، هذه تسمى مغالاة في الدين، ولا يجب للإنسان أن يحلل ويحرم من عنده هذه لله وحده هو الذي يشرّع ويحلل ويحرم. يا أخي لم يرد في القرآن أي تحريم للتبغ، ونحن لا نسمع إلا كلام الله في القرآن هذا التحريم الذي ينطقون به هو على الخمر في الحديث الشريف لعن الله شاربها وحاملها وبائعها، والدخان ليس خمراً بل الخمر هو الذي أمرنا الله أن نجتنبه وليس الدخان كما أخطأوا فلا تقطع سبيل رزقك بقول الذين لا يعلمون.

بالخمر لا يفرق المدمن السكير العربيد بين زوجته وأمه، كما أنه يقتل أعز أصدقائه لمزحةٍ ويندم بعد صحوه. وهذه الأمور وغيرها لا تنطبق على المدخّن أبداً.

واستفتِ نفسك ولو أفتاك المفتون وأفتوك، وذلك بالرجوع فقط لكلام الذي خلقك وخلقهم ولا طاعة لمخلوق على طاعة الخالق.