أخاف أن يكون قد ذهب أجر أعمالي السابقة بسبب زللي بعد توبتي!

السلام عليكم ورحمة الله
سيدي الفاضل سمعت الحق وسرت فيه بقوة ورزقني الله وقتها أعمالاً صالحة كنت أشعر بنعيم حالها في قلبي ولكن زلَّت القدم بعد أن طال الأمد وقسي القلب، ولم ينسني الله من فضله فكان دائماً منادي الإيمان يناديني للعودة للحق وأنا لا أزال أحاول الاستقامة ولكن أخاف أن تكون أعمالي الصالحة السابقة التي أحاول أن أقبل على الله من خلالها أن تكون زال أجرها بسبب المعاصي.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
حاشا لله أن يضيع لك أجراً فأعمالك الصالحة لك والسيئة عليك ما لم تتب توبة نصوحة، فمتى تاب المرء وسلك بالحق والصدق جعل الله سيئاته الأخرى حسنات والتوبة النصوحة تمحو الخطايا. فعُد كما كنت والله يغفر لك سيئاتك ويبدلك بها حسنات.

قال تعالى في سورة المائدة (93):
{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ..}: في الماضي من خمر أو ميسر أو أي شيء، التوبة تمحو الخطايا إذا آمن وعمل الصالحات ليس عليه مانع يمنع من الإقبال على الله ولكن بشرط أن يتقي المنكر بالكلية. {..إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ..}: بعدها وثبت على هذا الشيء إذ رأى الله ناظراً إليه فخاف. {..وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ..}: تاب توبة صحيحة وصار له علم أن نفسه ما عادت تقع بهذه الأشياء، ولكن هذا الإيمان وعمل الصالحات تعقبه درجة أعلى، فالنفس قد تشتهي هذه الأشياء الردية وهو يمنعها ويثبت فصار له قرب وصلة فينتقل إلى الدرجة الثانية: {..ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ..}: تركه لها أصبح عن كراهية لها إذ بصلاته أخذت النفس تطهر وتنال الكمال فصارت لنفسه صلة برسول الله ﷺ وزالت الشهوات الخبيثة من نفسه. {..ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ..}: بثباته على عدم فعل المنكر تحصل له ثقة بنفسه فيقبل على الله فيحصل له ذوق بهذه الأشياء الردية فلا يعود يشتهيها. {..وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}: وبعد هذا الذوق والإقبال تحصل الصلة وتمتلئ النفس بالكمال فيدخل مع رسول الله على الله ويحصل له شهود بهذه الأشياء إذ شاهدت نفسه شهوداً مضرات الأشياء فصار مرشداً "قد أصبح من أهل الإحسان والإرشاد" فالإنسان متى تاب دخل في حضرة الله: متى تبت دخلت، تب حقا تدخل. الأمر موقوف عليك، اصدق في التوبة.

فالتقوى على درجات ثلاث:
1- نظر بصدق بالكون فاستدل على الله فاتَّقى الله.
2- عند تركه المنكر صلَّى فاجتمع بالإمام فطهرت نفسه ونال كمالاً فاتقى.
3- بحبه لرسول الله ﷺ دخل معه على الله فشاهد الخير خيراً والشر شراً فصار يدعو الناس.