ما معنى أن سورة يسٓ هي قلب القرآن؟ ولماذا نقرؤها في المقابر؟

ما معنى أن سورة (يسٓ) هي قلب القرآن؟
وما السر فيها حتى يقرأها الناس على موتاهم في المقابر بعد دفن الميت؟
وهل قراءتها واجبة؟

1- ما معنى أن سورة "يسٓ": هي قلب القرآن؟
في مطلع سورة "يسٓ" يخصُّ الله تعالى حبيبه "رسول الله" بالنداء بـ {يـسٓ}: أي يا سالم، يا سليم من الشوائب والنواقص واصفاً إياه، يكشف كمالاته وهذه الصفات الكاملة التي خاطبه الله بها والقرآن الحكيم الذي لم يأتِ أحد بمثله متحدياً البشرية جمعاء، بل الإنس والجن ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، هما حجتان دليلان كافيان على ممر الأزمان يشهدان أنك رسولي، يدلان أنه رسول من عند الله وسيره على الصراط المستقيم، فلم يصافح امرأة قط وما تاه عن الحق وما وقع في إثم حتى لُقِّبَ بالصادق والأمين، هذا السير كان سبباً لأن يتنزّل عليه القرآن الحكيم الذي لم يفهمه أحد مثل فهمه ولم يظهر الحكمة فيه إلا هو فصنع ما صنع، فكم وكم من نسخ للقرآن الكريم بين ظهراني المسلمين هل بلغوا شأوه أو أثراً من آثاره أو جاؤوا بمثله ولو اجتمعوا جميعاً. لا لم يبلغوا.
فكم له من المقام العظيم عند الله تعالى؟! حتى أغدق عليه لطف كلامه."إنه حبيب الله".
هذا وقد شمل مطلع هذه السورة صفات رسول الله وكمالاته وتأييد الله له برسالته وكلماته.
{وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}: وبهذا فقد حوى لبَّ القرآن، كما أن الحياة للقلوب لا تأتي إلا من الله عزَّ وجل عن طريق رسوله الكريم وكلامه العظيم فتحيى القلوب وينال المؤمن بها الجنات.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن موقع هذه السورة في أول الربع من المصحف الشريف كما أن القلب المادي يقع في الصدر في أول الربع الأعلى من الجسم، ومن المعروف "ربع يس" في ربع القرآن الذي يبدأ بسورة يس، إذن فهي في مكانها في القرآن كما هو موقع القلب بالبدن، فهي قلب القرآن.

2- ما السر فيها حتى يقرؤها الناس على موتاهم في المقابر بعد دفن الميت؟
الجواب: بما أن كلام الله هو الحياة للنفوس والقلوب فبعد الموت تفنى الأجسام وتبقى النفس، عدم لا يكون وليس هناك إلا الله ولا فائدة إلا منه سبحانه ولا يبقى هدىً وشفاءً إلا من كلامه الرحيم، قال تعالى في سورة فصلت (44): {..قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء..}: أي "القرآن" فعند قراءة هذه السورة الكريمة وبهذا الخطاب من الله عزّ وجل لرسوله الكريم يتحرك قلب المؤمن الكامل ممن حضر الدفن ولعل أحد أعزاء الميت وأحبائه وأهله يستفيد قلبه لدى سماعه هذه الآيات وهو بهذا الصفاء إثر تأثره بموت المتوفى فتنتقل الفائدة من هذا القلب إلى قلب المتوفى، وبهذا يتم النفع له وقد يدوم ما دام ذلك المتأثر بموته تائباً آيباً إذ كان سبباً في نقله من سبل الغواية إلى سبل الهداية ويبقى هذا الخير بصحيفة المتوفى أيضاً.

3- هل قراءتها واجبة؟
الجواب: طالما أنها قد تفيد المتوفى، فحتماً تجب قراءتها إن أمكن.
كان صلى الله عليه وسلم ينظر بنظرات النبي في قومه فلا يجد لديهم أي طلب للحق ولا تطلُّب فما يأمل ولا يظن بتنزيل كلام الحق عليه لهم وكانت نظرات النبوة في محلها، مضت 13 سنة بمكة ولم يؤمنوا بل حاربوا الحق وعاندوه للموت، وكانوا قد حاولوا قتله وهيهات، وغير المتوقع الذرية والشباب الذين آمنوا فضلاً من الله العظيم وكرماً. قال تعالى: {وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ..} سورة القصص (86).
وكافة كبار قومه قتلوا في معركة بدر وغيرها وهم الذين أنكروا رسالته ولكن الله الرحيم العظيم شهد بسورة "يس" برسالته بالأدلة الواقعية المحسوسة الملموسة وهي أخلاقه الحسنى وكلامه تعالى إليه، فهو يفهمه لا سواه وكفى بالله شهيداً. وصدق الله العظيم.