كلمة عن الصوم "بإيجاز".

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة، الآية (183). فما هو هذا الإيمان؟ وما هي هذه التقوى؟ وما فائدة الصيام؟

الإيمان:

هو بلا إلٓه إلَّا الله، فالله تعالى أرشدنا إلى آياته، وملَك دوماً يناديك (في قرارة نفسك)، إن سمعت من الملَك أو من الرسول أو المرشد ففكَّرت بالتربية وبمن يربيك، وبنهايتك ومصيرك ووحدتك في القبر، بهذا التفكير تتولَّد الخشية في النفس، عندها تلتجئ النفس للفكر فتنظر في الكون بصدق وترى فيه التربية ويقول الإنسان: لا إلٓه إلّا الله ويؤمن بها حقّاً. هذا الإيمان يباعد النفس عن محارم الله، وهذا الإنسان كيفما تحوّل يرى الله معه.

الله تعالى فرض الصوم:

بالجوع والعطش يتوقف الشيطان عن الدخول على النفس، إذ أنها مشغولة بالجوع والعطش ففكرها دوماً بأكلها وشربها. فهذا المؤمن عدا عن أنه غدا مستقيماً فإنَّ قلبه أيضاً قد صام ونفسه اجتمعت، وبفعله شيئاً من المعروف، عند المساء وإثر فطره يرى نفسه بأنه جاع وعطش لرضاء الله كما أنه فعل المعروف فيقبل على الله، وهكذا وفي كل يوم يكسب جديداً حتى العشر الآخر من رمضان، وفي العشر الأخير هذا تستكمل نفسه الكمال وتشتق الكمال، فيحب أهل الكمال ويتعلَّق بهم، برسول الله ﷺ أو برجل صادق، بتعلُّقك به تدخل معه على الله. وهذه هي التقوى التي تسترك عن محارم الله. فإذا قرأت القرآن فهمته، إن رأيت شيئاً من آياته فقهت المراد.

﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾: إن آمنت حقاً تصوم، إن صمت ارتبطت بأهل الصدق والكمال وبمعيتهم تدخل على الله. أما من صام وليس له هذا الإيمان فليس له إلَّا الجوع والعطش.

في الصوم:

تحصل لنفسك في صلاة التراويح مشاعر سامية وأحوال عالية، فلا تقطعه بأخطاء أو تضيعه بمنكر فينقطع حالك ولا تحظى بثمرة الصيام من ليلة القدر ونوال معرفة الخالق العظيم. كل الخلق لهم مصالح معك إلا خالقك فلا غاية له إلا سعادتك. فهل هذا الرب يعادَل بغيره؟

أسئلة حول فريضة الصيام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل القيام بعملية غسل أمـعــاء عند الطبيب المختص أو عمل حقنة نشاء شرجية في نهار رمضان يفسد الصوم أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم ... آمين
لماذا يغسل المرء أمعاءه؟
حتماً لمرض أو تسمُّم فهذا مرخص له الإفطار لعذر شرعي وعليه صيام أيام أُخَر ودفع كفارة إطعام مسكين واحد عن كل يوم أفطره. وما جعل عليكم في الدين من حرج.

أما بالنسبة لعمل حقنة نشاء شرجية فتتم قبل السحور أو قبل الفطور "الأكل" وذلك في حالة تعب جسمي أما إذا كان التعب لا يطاق فيمكنه أن يفطر.

كنتُ في مشكلة فدَعَوْتُ الله إن هو أعانني وأنجاني فسأصوم يوم الخميس و يوم السبت لكنني أفطرتُ عِوَضَ أن أصوم. فكيف أَرُدُّ ذلك؟

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم ... آمين
تردين ذلك بأن تنوي من جديد على الصيام وتفي بنيتك وعفا الله عما مضى فتكونين قد وفيت ولا تأثير ولا مؤاخذة عن تأخير هذا الصيام لأيِّ خميس آخر، ولو كان بعد رمضان.

سيدي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤالين أرجو الإجابة عليهما:
1- هل تصلى صلاة التراويح في الليلة التي تسبق اليوم الأول للصيام في رمضان ولماذا؟ وكذلك الأمر في ليلة اليوم الأخير للصيام في رمضان ولماذا؟
2- ما معنى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أي هل نتوقف عن الأكل قبل أذان الفجر أم بعده بفترة وما هي هذه الفترة؟
وشكراً جزيلاً لكم سيدي.

صلاة التراويح نتيجة ومحصلة للصيام يجنيها المصلي في ليالي رمضان، فبامتناعه عن الطعام والشراب في نهاره يُكسب النفس ثقة من أنه تعالى راض عنها لأنها ضحت في سبيله حتى بالحلال في نهار رمضان، فيكون ذلك سبباً عظيماً وحافزاً قوياً للإقبال على ربها، فإذا وقف الصائم عشاءً للصلاة بعد أن تناول يسيراً من الطعام والشراب وقدّم ما استطاع من صالح الأعمال ولم يتلبس بثوبٍ من أثواب المعصية بل إن نفسه واثقة من صيامها وأفعالها، عندها تصح صلاته وتقبل نفسه على خالقها وتنعقد الصلة والاتصال به تعالى فيرتشف الكمالات الإلۤهية والمشاهدات والأذواق العلوية ويشعر بالأحوال السامية في صلاة التراويح. فالتراويح ثمرة الصيام، ولذلك لا تصلى إلا بعد الصيام لا قبله ولو كان قبل ليلة.

أما في الليلة الأخيرة من شهر رمضان وهي ليلة عيد الفطر، وقد مرّن الإنسان نفسه على طاعة الله والاستقامة على أمره وعلى ديمومة الجهاد لرضاء الله طيلة شهر رمضان، وقتئذٍ تكون نفسه قد تأهّلت وصلب عودها وابيَضَّ وجهها تجاه ربها فحبذا أن يصلي صلاة التسابيح عوضاً عن التراويح، لأنه في آخر شهر رمضان تكون النفس في أفضل أحوالها وقربها من ربها، وصلاة التسابيح خير وقت لها هو ليلة العيد، والتسابيح هي حصيلة الصيام بالشهر كله فتشاهد النفس ثمرة صيامها بصلاة التسابيح بتلك الليلة.

بالنسبة للآية الكريمة:
{..وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ..}:
أي: حتى يظهر السواد من البياض من الفجر وذلك جهة شروق الشمس وقت الفجر، أي عند أذان الفجر بالضبط لا قبله ولا بعده. إنه الخيط الرفيع من النور الفاصل بين الليل والنهار، فالخيط دليل على لحظة ظهور النور.

أستاذي الفاضل من هم المعفيون من الصيام؟ هل هناك كفارة للصيام كما يظن البعض؟ لدي صديق يعاني من مرض في المعدة فاستشار أحد العلماء فأفتى له بأن يدفع باليوم مئة ليرة سورية مقابل أن لا يصوم. فأين الكفارة المشار إليها في القرآن الكريم؟ ومن جهة أخرى المريض المستعصي مرضه إذ يقول الله عز وجل {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولكن كيف للمريض المزمن مرضه أن يعوض عن الأيام التي أفطرها في رمضان كونه يحتاج لأدوية بكل وقت من أوقات النهار؟! شكراً جزيلاً.

أولاً: المعفيون من الصيام هم المذكورون في الآية الكريمة:
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ..} سورة البقرة 185.

إذن: المعفيون من الصيام المسافر سفراً بعيداً شاقاً والمريض.
إذ الصوم يتطلب إنساناً صافي الذهن حتى تحصل له التقوى فما يفيد المريض أو المسافر الذين عليهما مشقة من الصوم.

ثانياً: طبعاً هناك كفارة عن الأيام التي أفطر فيها المرء في رمضان فمن كان يستطيع الصيام في السفر أو حين كان مريضاً وأفطر فعليه أن يصوم بدلاً عما أفطر ويطعم مسكيناً واحداً أو أكثر لقوله تعالى:
{..وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ..} سورة البقرة 184.
طعام مسكين: ثلاث وجبات عن كل يوم أفطره.
المريض أو المسافر إن كان يطيق الصوم وأفطر فعليه فدية ويقضي، {..فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا..}: فمن أطعم أكثر فهو أفضل، {..فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ..}.

ثالثاً: بالنسبة المريض المزمن الذي لا يستطيع إعادة الصيام فالله تعالى لم يجعل عليه في الدين من حرج، وإذا أخذ ما أوهب "من صحة" لمعالجته أسقط ما أوجب، وإن كان عنده قدرة مالية عليه كفارة ولا يعيد الصيام، وأيضاً إن لم يكن لديه قدرة مالية فلا كفارة عليه بإطعام مسكين عن كل يوم إفطار.

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تعرضت لالتهاب حاد في حلقي وقمت بإجراء حقنة النشاء، لكن فجأة بدأ ألم شديد لأذني فقمت بوضع بضع قطرات من زيت الخروع، فمن شدة الألم لم أتذكر أنني صائمة وأن قطرة الأذن تفطر، فهل يتوجب علي دفع كفارة أم أقضي ذلك اليوم؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
لم يقع أي إفطار، ولا إفطار من الأذن وليس عليكِ لا إفطار ولا كفارة ولا قضاء.
لأنك لا زلتِ صائمة وتقبَّل الله منكِ صيامك وثوابك.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الفاضل حفظه الله
أريد أن أسأل عن النذر في صيام شهر كامل، هل أستطيع أن أدفع للفقراء بدل الصوم، أم يتوجب علي الصيام؟

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
تستطيعين كلاهما والصيام أفضل ولكِ الخيار.

نذرت صيام شهر إن كنت غير حامل لوجه الله، فكيف أعمل هل يتوجب عليّ صيامه متتالي أو قدر ما استطعت أيام متفرقة؟

إذا لم تنوي أنّه شهر متتالٍ لا مانع، فلا يشترط إن كان متوالياً أو متفرقاً، وإذا لم تحددي فلا بأس إن صمت الشهر متفرّقاً، ولكن بشرط أن تحصي الأيام للشهر القمري ثلاثين يوماً، وعلى راحتك في أيّ وقت كان.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يجب أن يكون تعامل المرأة مع زوجها في شهر رمضان فترضي الله وتؤدي حقوق زوجها أيضاً ولا يحاسبها الله؟
أرجو إجابتي وجزاكم الله عنا خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأدامكم الله لنا.

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
عدم المقاربة أثناء الصيام من الفجر إلى الليل مع المقابلة حصراً أثناء الإفطار ليلاً. واللطف بالكلام والخدمة لوجه الله.

سمعنا أن صلاة التسابيح بدعة وأن حديث صلاة التسابيح ضعيف فما صحة هذا الكلام؟

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
صلاة التسابيح ليست بدعة وهي من كنوز المتقين القلبية تسبح نفوس المصلّين الذين نالوا التقوى، ولا يستفيد منها عميان القلوب ولكن يؤجرون ولو على صلاتهم الصورية ولكن أين هؤلاء من هؤلاء!

بالتسابيح وبعد الصيام والقيام والتضحيات برمضان ففيها ينال أجر جهاد رمضان كله بل أجر جهاده الإيماني طوال العام الماضي فيُسبِّح رسول الله ﷺ قلبه سبحاً لفضل الله وحنانه وإحسانه ويُشهده جمال وجلال وحب الله فيسمو ويتسامى وينال الخيرات الحسان ويصلِّيها المؤمنون عادة بعد آخر أيام التراويح برمضان كل عام ففيها خير للمؤمنين عظيم.

السلام عليكم
سيدي الفاضل السؤال: هل يجوز للمرأة الصلاة والصيام في حال العادة الشهرية وكيف؟
شكراً على هذا الموقع.

ليس على المرأة لا صيام ولا صلاة في حالة الولادة ولا العادة الشهرية.
أما بالنسبة للصيام فإنها تقضي أيام الصيام التي أفطرت بها بأيام أخرى حينما تكون في وضعها العادي.
أما بالنسبة للصلاة: الحمد لله الذي جعل الصلاة بالقلب، فالذي لا يصلّي يموت، وهذه الصلاة القلبية لا تُترك أبداً، فإن ترك الإنسان ذكر الله مات قلبه، أما الحركات والقراءات إنما هذه تعبيرات عن الصلاة القلبية.
هذه الصلاة العادية المبتدئة بالتكبير والمنتهية بالتسليم والصيام تتوقف عنها المرأة الحائض أو في حالة الولادة كما قلنا.
أما الأدلة موجودة بتأويل القرآن العظيم المجلد الأول بسورة البقرة، الآيات التي تخص موضوع النساء.

متى يجب دفع الكفارة هل في أول رمضان أو وقت ما تيسر لك ذلك؟

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
الكفارة: متى تيسَّر ذلك وليست مشروطة في أول رمضان أو غيره. على راحة الإنسان ومتى توفَّرت الإمكانيات المادية.
{..يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ..} سورة البقرة (185).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنسان أفطر في رمضان بدون قصد ولم يصم هذا الدين خلال سنة كاملة وجاءت السنة التالية وأراد أن يوفي الدين هل يصوم أيامه فقط أم عليه كفارة نرجو منكم توضيح هذا الموضوع والسلام عليكم.

يصوم الإنسان الأيام التي فاتته ولو جاءت السنة التالية وهذا واضح من خلال الآية الكريمة في سورة البقرة: {..فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ..} سورة البقرة الآية (185).

السلام عليكم: سيدي الفاضل لدي استفسار بعد الاطلاع على كتاب وداعاً لطبيب المقوقس:
هل حقنة النشاء تفطر الصائم في رمضان إذا استعملها؟

حقنة النشاء لا تفطر الصائم ولكن الأفضل أن لا يستعملها إلا حين الإفطار وقبل الأكل إن كان بالفطور أو بالسحور، يجب أن تأخذ قبل الطعام.

ما الفرق بين التراويح والتهجد وهل صلاة التراويح تغني عن التهجد أم العكس؟

صلاة التراويح عدد ركعاتها عشرون ركعة وهي حصراً في رمضان، شهر الصيام، بعد صلاة العشاء وقبل الفجر.
وهي الثمرة التي يجنيها الصائم من صيامه.

أما صلاة التهجد فتكون في أي وقت من الليل في أي ليلة من ليالي السنة وهي بعد العشاء وقبل الفجر من بعد نوم واستيقاظ يصلي المرء ركعتين صلاة قيام الليل أو صلاة التهجد.

هل الاحتلام في يوم الصيام مثل الظهيرة يفطر الصائم؟ أم أنه يتم صيامه؟
وماذا يجب عليه أن يفعل؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الأخ الفاضل حفظه المولى الكريم... آمين
عليه الاغتسال وإتمام الصيام.

أنا أفطرت شهر رمضان بسب مرض ولم أقضه لأني لا أستطيع الصوم فما فتوى ذلك؟
أرجو الرد جزاكم الله كل خير.

الأخت الفاضلة حفظها المولى الكريم... آمين
كل يوم أفطرتيه إطعام مسكين "فطور غداء عشاء" ومن تطوَّع خيراً فهو خير له إن كان غنياً.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو:
أنا أفطرت ثلاثة أيام من شهر رمضان المبارك. أنا أعلم أن فتوتها هي صوم ثلاث أشهر متتالية ولكن أنا لا أستطيع صوم ثلاث أشهر متتالية، هل من فتوى يمكن أن نطعم المساكين أو نوزع فلوس على المحتاجين؟

ليس لديك إلا الصدقة وإطعام المساكين وكلما زدت بالإنفاق "إن كان لديك إمكانية" زادك الله خيراً شريطة عدم العودة إلى الإفطار أبداً.
ويجب أن تكون الصدقة لها تأثير بنفسك وعلى حسب حالك. إذ يجب أن تكون ذات قيمة حتى تُكسِب نفسَك ثقة أنها أنفقت من الغالي والثمين عليها، ليتم التعويض عن الغالي أيضاً الذي فرّطت به.
قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ..} سورة آل عمران: الآية (92).
مما له قيمة وتأثير في نفسك.

هل عندما أريد أن أصلي التهجد في رمضان في العشر الأواخر لا أصلي التراويح؟
جزاكم الله خيراً.

أختنا في الله حفظكِ المولى آمين
بكافة ليالي رمضان وبعد الصيام وفي العشر الأواخر لا صلاة إلا التراويح عشرين ركعة كل ليلة، هكذا كان يصلي حبيب الله وحبيبنا وأصحابه، ولنا فيه ﷺ قدوة حسنة.
وأما بالنسبة للتهجد عند القيام إلى طعام السحور يُكتفى بصلاة ركعتين ولا تنوب عن التراويح.

سيدي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكراً جزيلاً لكم على اهتمامكم بأسئلتي وأطمع برحابة صدركم على بعض تعقيباتي إن صح التعبير فأرجو المعذرة.
ففي جوابكم مشكورين عن تأدية صلاة التراويح في الليلة التي تسبق أول يوم صيام من شهر رمضان شرحتم ما يثلج صدورنا ولكن لدي سؤال دار في خلدي حول ذلك وهو أن الإنسان يرقى أحياناً بنيته ويحصل على مشاعر عالية حتى ولو قبل قيامه بالعمل الذي عزم عليه ألا يكفي نية الإنسان في عزمه على صيامه في اليوم التالي على أن تعطيه القوة المعنوية لكي يقبل في صلاة في أول ليلة قبل يوم الصيام الأول وبالتالي يمكنه تأدية صلاة التراويح وتحصل له الفائدة منها وشكرا جزيلا لكم.

كلا، لا تكفي النية والعزم على الصيام لتحصل صلاة التراويح، بل لابد للنفس من أن تضحي عملياً ومؤقتاً أثناء الصيام وبما هو غالٍ ومحبب على النفس حتى بالحلال، وبهذه التضحيات والجهاد والمشقة تشعر النفس حقاً أنها قاومت كبحت هواها في سبيل الله وبهذا الشعور تتولد الثقة وتحصل الصلاة، فهل ترتوي الأرض بمرور السحب فوقها دون هطول الأمطار، كذلك إيمان بلا عمل كسحاب بلا مطر، والنية والصلاة بالحركات الجسمية لابد أن يتبعها عمل محسوس ملموس حتى يؤثر في النفس من ترك الطعام والشراب وانشغال النفس بها فتحصل الثقة والصلاة.

إذن: لا تجوز قبل الصيام بل تكون الصلاة ثقيلة على النفس والنفس بهذه الحالة تحتاج إلى وقود حتى تسير فكيف تقول لي أن السيارة تسير بدون بنزين، لقد نسبت نسلاً لذي عقم، كمن يريد أن يأخذ بضاعة ببلاش دون أن يدفع ثمنها. فالصيام هو سبب نشوء الصلاة.

السلام عليكم ورحمة الله
سيدي الفاضل بالنسبة لصلاة التراويح ماهي فائدتها على الناحية الجسمية؟ وهل تجوز صلاتها بعد موعدها الحقيقي؟ ولأي وقت لا يمكن صلاتها؟ وما هو السر من كثرتها؟ ولكم جزيل الشكر

الجسم أداة النفس وما يحدث على النفس ينعكس على الجسم.
مثال: شخص يشغّل ماله ببنك وفجأة أفلس البنك وخسر كل ماله، فالخسارة المفاجئة تصعق النفس وينعكس ذلك على الجسم فينشلّ الجسم وربما يموت بالخسارة الباهظة مع أنه لم يلمس الجسم شيء.

إذن: هناك فائدة جسمية كبيرة لأن جميع الأمور الجسمية لها صلة وثيقة بالأمور النفسية فإذا صلحت النفس بصلاة التراويح بعدها يصلح الجسم، وإذا استفادت النفس انعكس ذلك إيجاباً على الجسم، فإذا صام الإنسان نهاره طاعة لله وامتنع عن الأكل والشراب والحلال، وضحى بالغالي على قلبه في سبيل الله ولو لوقت ما عندها تتجه النفس إلى من بسبيله ضحّت (وهو الله جل جلاله) بذلك وبشيء من أعمال البر والإحسان تقف عشاءً بين يدي ربها واثقة من رضائه عنها مقبلة غير خجلة من عملها، إن كانت صادقة ولم تتلبس بثوب من أثواب المعصية تقف في صلاة التراويح وكلها وجهة إلى الله، الجسم يؤدي صورة الصلاة والنفس في سياحات علية قدسية يغدق عليها ربها بصلاتها من النعيم القلبي واللذة والسرور النفسي ما يسبي القلوب ويشده العقول لصدقها بالحق ورمضان هو شهر التقوى؛ التي هي الاستنارة بنور الله عن طريق السراج المنير ﷺ.

وتحصل هذه الاستنارة في صلاة التراويح، وبهذا النور المنصبّ على قلب المؤمن الصادق عن طريق رسول الله ﷺ تنحتُّ الصفات الذميمة من النفس وتتحول إلى كمالات وصفات حميدة، فينعم المؤمن بالشفاء النفسي وينعكس تلقائياً على الجسم فيرفل الإنسان بالصحة الجسمية وينعم بالقوة والنضارة والعافية.
وفي الحديث الشريف (صوموا تصحّوا): أي أن نتيجة الصوم هي صلة واتصال بالله عزّ وجلّ في صلاة التراويح التي بها العطاء الإلۤهي والأنوار فتصح النفس وينعكس ذلك على الجسم فيصح أيضاً بعد رمضان ويقوى، وعندما صام الصحب الكرام وصلُّوا صلاة التراويح فتحوا العالم بأسره للنور والضياء والقوة والنَّماء، وأخرجوا أهله من الظلمات والشقاء والآلام ولم تَقِف في وجوههم قوى الأرض الباطلة مجتمعة، وكسروا الامبراطوريتين الكبيرتين الفرس والروم معاً بفترة وجيزة، اللتان تعادلان في يومنا هذا قوى الشرق والغرب، خرجوا بقوة الإعصار من الصحراء ليقتلعوا جذور الكفر والشر من على وجه البسيطة نصراً وبطشاً بالباطل وأهله بطاقة عظيمة أمدَّهم الله بها، وهذه في شهر رمضان وبصلاة التراويح إذ انعكست الصحة النفسية فتحوَّلت لطاقات جسمية هائلة بالأصل منشؤها نفسي في رمضان شهر التقوى، والتقوى لا تكون إلا بالصحبة القلبية لرسول الله ﷺ {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} سورة التكوير: الآية(20).

ومن تكن برسول الله نصرته       إن تلقه الأسد في آجامها تجم

وهكذا كان الصحابة الكرام، وكذا شأن جميع الأتقياء.
فأَيَّة طاقة تلك التي نالها الصحب الكرام، إنها طاقة تفوق طاقات البشرية، إنها طاقة من الله وذلك باتصالهم بالله وبصلاتهم صلاة التراويح وحصولهم على التقوى، وكلمة التقوى تعني أنك تقوى نفساً وجسماً.

ثانياً: تسأل عن وقت صلاة التراويح:
تمتد من بعد صلاة العشاء إلى الفجر يستطيع الإنسان أن يصليها في هذه المدة كلها.

ثالثاً: أما السر من كثرة عدد الركعات "عشرون ركعة":
ذلك لأن المؤمن الذي يعمل الصالحات يجد في التراويح لذة ونعيماً عظيماً يشعر بأن صلاة التراويح سريعة ويتمنى لو يعيدها مراراً والذي لم يؤمن بعد ولم يعمل الخير لا يشعر بلذتها ونعيمها ويراها كثيرة. فهي ثمرة الصوم الصحيح والصيام للمؤمنين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة: الآية (183).
فالإيمان شرط للتنعم بصلاة التراويح فيجدها قليلة لا كثيرة، وإناء النفس في رمضان قد توسع وغدت بوجه أبيض من صيامها واثقة من طاعتها، وطاقة النفس غير محدودة وبرمضان تأهلت لنوال عطاءات ربها التي خلقت لأجلها فعشرون ركعة ليتسنى للإنسان أن ينال أكبر قدر ممكن من القرب من جناب ربه، ومثال نقرب به الحقيقة:
إذا أعطى أحد أرباب العمل عماله زيادة في الرواتب ومنح إضافية، هل تراهم يقبلونها أم يرفضونها لا شك أنهم يأخذونها وهم مسرورون وهكذا.

فالسر من كثرة صلاة التراويح ليعبَّ الإنسان من أسماء الله ومن الكمالات الإلۤهية أكبر قدر ممكن فالفرصة سنحت وإذا هبت رياحك فاغتنمها.

اطلع على المزيد من الأسئلة