{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول تبارك وتعالى في سورة الأنبياء: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ، مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ...}

{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}:

في كل شهر، في كل يوم، في كل ساعة، يقترب المرء من الموت. كم مضى من عمرك؟ أنت اقتربت من الآخرة، تباعدت عن الدنيا... ألا تدري أنك سائر للآخرة؟
فالله سبحانه وتعالى من شدّة رحمته وحنانه وحرصه على عباده، أرسل للإنسان كتباً وملائكة تذكِّره كل لحظة.

{وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}:

والآن يقول تعالى: هذا الإنسان وبكل شهر وبكل ساعة بل وكل لحظة في اقتراب من الموت، إنه يقترب من الآخرة وهو عن هذه الساعة: ساعة الموت غافل، كالراكب في قطار يقترب بكل لحظة من البلد الذي إليه قاصد.

ماذا معك من زاد لهذا السفر؟ وأنت معرض بالكلية! من يدري متى سيموت؟ أتدري هل تعيش لغد؟ بماذا تجيب ساعة نزولك للقبر؟ وماذا عملت لهذه الساعة؟

{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}:

يحدِّث ويحكي حالهم. ضمن وعلى حسب حالهم ومتطابق مع أحوالهم.

{إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}:

في الدنيا، لا يفكِّر، القرآن يصف أحوالهم وأعمالهم. يسمعون البيان العالي الجديد الذي ما تكلَّم أحد من قبله بمثله ومع ذلك لا يفكِّر! هذه المعاني العالية يسمعونها دون أن يعبؤوا بها. إن لم يجتهد الإنسان الآن سيخسر غداً...

{لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ...}:

بدنياهم، لاحقين المال، ظنّاً منه أنه خالدٌ باقٍ في الدنيا آمِنٌ من الزوال!

ستزول منك مهما عشت. الله جعل لك رزقاً على حسب عملك وحالك "مضمون" أما الآخرة فبالأعمال. من دون عمل لا تنال، أفلا تقول: غداً سأترك الدنيا؟!