{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والْأَبْصَارَ...}

بسم الله الرحمن الرحيم

للإنسان قانون ونظام بيَّنه تعالى لك في القرآن الكريم. وطلب سبحانه وتعالى منك أن تفكِّر وتعقل كي تؤمن بلا ‏إلٓه ‏إلَّا الله؛ والقرآن الكريم زاخر بالآيات الكريمة التي تحض الإنسان على التفكير. {...إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} سورة الرعد، الآية 3.
فإن لم تفكِّر كيف تؤمن حقّاً وتستدل؟ إن سمعت أباك وأمك يقولان لا ‏إلٓه ‏إلَّا الله وأنت لم تفكِّر فكيف تصل للإيمان؟
الناس كلهم سواء، لا فرق بين إنسان وإنسان، كل إنسان له فكر، لكن الذي يفكِّر يتوصَّل... الذي يستعمله يصل للإيمان، يؤمن حقّاً.
ولذلك خاطب تعالى الإنسان، ليفكر في هذه الآيات:

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}«¹»:

أفلا تتفكَّرون بهذا الرزق؟ الحيوان لا يدري... لا يفكر؛ لكن أيها الإنسان أليس من الواجب عليك أنت أن تتساءل وتفكِّر؟ أترضى أن تكون كالحيوان؟
فكِّر في هذا الذي يحدثك عنه ربُّك: من ينزِّل الأمطار؟ من يخرج الأثمار؟

{أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والْأَبْصَارَ}:

من هو المالك سمعك وبصرك؟ ما هذه الآلة البصرية؟ من المرتِّب لها؟ ما هذا السمع؟ من الذي ركَّبه ونظَّمه؟ من بيده كل شيء وتصريف كل شيء؟!

الحيوان لا يدرك ذلك، أما أنت فقد أعطاك ربُّك أهلية وقابلية للتفكير، إن فكَّرت عرفت فضل هذا المربِّي.

{وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}:

يخرج النبتة من البذرة، ويخرج البذرة من الشجرة... من الذي ينبت لك الزرع؟

{وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}:

من يقوم بجميع ذلك، أمر الكون كله. ما هذه الفصول؟ ما هذه الشمس؟ من الممدّ لها؟ ما هذا التنظيم؟ لولا الفصول كيف يتسنَّى لك أن تعيش في الدنيا؟ الحيوان لا يفكر مقيَّدٌ لك، لكنك أنت عندك أهلية، أفلا تفكِّر؟

{فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}:

سيقولون قولاً، قولاً غير مستند إلى تفكير. هل يكفي أن يقولوا ذلك؟ لا بل عليهم الاتباع. كل الناس يقولون: الله... لكن أين دليلك؟
قال تعالى عن الذين يقولون بأفواههم: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ...} سورة الحجرات، الآية 14.
أنت هل فكَّرت وعرفت أنه سبحانه وتعالى هو المدبِّر؟ إن فكَّرت وصدقْت توصَّلت للدليل.

{فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}:

ألا تتّقون به. ألا تنسترون وتستنيرون به؟ إن كنت حقاً آمنت، أفلا يجب أن تتقي؟
الحقيقة أكثر الناس يقولون نحن مؤمنون، لكن بالظن وبلا دليل، ومن لا دليل له فإيمانه ظنٌّ ولا فائدة له.
قال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} سورة يونس، الآية 36.

ليس الناكر لله هو فقط الكافر. الكافر: هو الذي لا يقدِّر الله ولا يُعظِّمه لعدم عرفه به.

«¹» سورة يونس الآية (31)